أثبتت برامج الدعم والتكوين والمرافقة الموجهة للوسط الريفي عبر مختلف ولايات الوطن، نجاحاتها الملموسة في تنويع الأنشطة الاقتصادية وتثبيت السكان في مناطقهم، حيث تحولت القرى إلى فضاءات إنتاجية تساهم في خلق الثروة وتحسين مستويات المعيشة.
أكّدت رئيسة مصلحة التكوين والإرشاد بمحافظة السهوب، عرعور مباركة، أنّ هذه البرامج أسهمت في استقرار العائلات الريفية واقتحامها مجالات جديدة، عبر استثمار الثروات والطاقات المحلية وتحويلها إلى مشاريع تنموية طموحة حقّقت معدلات نجاح معتبرة.
عائلات كانت تبحث عن فرص أفضل في الحياة أصبحت اليوم قادرة على حماية أبنائها من البطالة، وفتح آفاق الأمل أمامهم لتكوين أسر ومواصلة الدراسة، وصولا إلى تحسين مستوياتهم المعيشية تدريجيا.
ولفتت المتحدّثة على أن الريف لم يعد مقتصرا على سكانه الأصليين، بل أصبح يستقطب مستثمرين وعائلات من المدن اختارت خوض تجربة الفلاحة والنشاطات الإنتاجية، في ظل برامج الدعم والمرافقة، ما أضفى حركية اقتصادية واجتماعية جديدة على المناطق الريفية.
المنتجات الطّبيعية تجذب المستهلكين
وأوضحت عرعور أن برامج التكوين ركّزت على التعريف بالمنتوجات التقليدية، منها مثلا “الكليلة” وخصائصها الغذائية، وهو منتوج تقليدي محلي يحضّر بطرق طبيعية، وأضافت أن التكوين مكّن الفلاحين والنساء الريفيات من تثمين هذا المنتوج، سواء في شكله التقليدي أو بعد تحويله إلى مسحوق، حيث لقي إقبالا متزايدا في الأسواق، بما في ذلك بعض المحلات المتخصصة في المنتجات الطبيعية.
وفي السياق ذاته، أكّدت دلالة نعيمة، رئيسة خلية المرأة الريفية بالمحافظة، أن المنتجات الريفية دخلت الأسواق بقوة، سواء عبر المحلات التجارية أو وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت مفضّلة لدى شريحة واسعة من المستهلكين، خاصة الأجبان المصنوعة من حليب الماعز، في ظل الإقبال المتزايد على المنتجات الطبيعية الخالية من أي إضافات صناعية.
وأبرزت المتحدّثة أنّ ما تحقّق هو نتيجة لسياسة الدولة التنموية التي ركزت على استثمار خيرات البلاد، وضمان وصول التنمية إلى جميع المواطنين، وهو ما تجسّد عمليا عبر حزمة من الإجراءات الميدانية.
ولعبت إطارات محافظة السهوب دورا محوريا، من خلال تقديم أفكار مبتكرة وشرح كيفية إنشاء مؤسسات مصغرة، ما مكّن النساء الريفيات من تنويع منتجاتهن، وفتح الريف على الأسواق الحضرية، لتوسيع نشاط المرأة الريفية وزيادة فرص العمل، وخروج أعداد كبيرة من العائلات من دائرة الفقر.
وأضافت عرعور أنّ التوجيه والمرافقة ساهمتا في تعزيز الإنتاج المحلي للمنتجات الغذائية مثل الحليب والجبن والنعناع ومشتقاته، ورفع مستوى المعيشة لدى الفئات محدودة الدخل.
تحوّلات اقتصادية واجتماعية كبيرة
وأكّدت رئيسة المصلحة أنّ الريف عرف خلال السنوات الأخيرة تحولات جذرية، حيث دبّت فيه الحركة والنشاط الاقتصادي، وخلقت فرص عمل جديدة، ما تجاوز مرحلة تثبيت السكان إلى تشجيع الهجرة نحو الريف، مع عودة الحياة الاجتماعية والدافئة إليه.
وأوضحت أنّ المرأة الريفية لم تعد تقتصر أدوارها على الأعمال التقليدية، بل أصبحت مديرة مؤسّسات مصغرة، تساهم في الإنتاج والتسويق، فيما باتت آلاف الأسر تنتج وتسوق، وتشكّل نماذج ناجحة على أرض الواقع، وأن استمرار الريف بنفس الهمة والنشاط خلال السنوات المقبلة سيجعل منه فضاء اقتصاديا منافسا للمدينة، ما دامت برامج الدولة تحتضنه بانتظام.
وأشارت عرعور إلى أنّ مشاريع السكن الريفي المزود بالكهرباء والخدمات الأساسية حسّنت ظروف العيش، ما مكّن التلميذات الريفيات من مواصلة تعليمهن وتحقيق إنجازات أكاديمية، وصلت بعضهن إلى الدكتوراه في ولاية الأغواط.
كما ساهمت دورات المعهد التكنولوجي المتخصص للتكوين في الفلاحة الرعوية بالجلفة في تعزيز مهارات الفلاحين ومربي الماشية، من مختلف ولايات الوطن، وحلّ العديد من المشاكل العملية التي كانت تواجههم في مجالات الفلاحة وتربية الماشية.
وأكّدت عرعور أنّ النساء الريفيات يساهمن بفاعلية في النشاط الاقتصادي للعائلة، من خلال العمل مع أزواجهن في الفلاحة وتربية الأغنام، والانخراط في صناعات الأجبان والصابون، وإدارة الشؤون الأسرية، وتسويق المنتجات عبر الإنترنت.
وأوضحت أنّ التوجه نحو الأرياف تزايد بعد التعرف على برامج محافظة السهوب، والتي بدأت بدعم نشاطات بسيطة مثل تربية الأرانب، وتوسّعت لاحقا لمرافقة المستفيدين في إنشاء مؤسّسات مصغّرة.
وأكّدت دلالة نعيمة أنّ المنتجات الريفية حقّقت نجاحا كبيرا في الأسواق المحلية والوطنية، حيث أصبحت مفضلة لدى المستهلكين وتنافس المنتجات الأخرى، ما يعكس نجاح البرامج التنموية في تعزيز الإنتاج الريفي وتسويقه، ورفع الطلب عليها لدى سكان المدن لقيمتها الطبيعية وافتقارها لأي إضافات صناعية.




