استعرض الدكتور مولود عويمر، خلال استضافته في لقاء “أربعاء الكلمة”، بفضاء مؤسسة فن وثقافة بالعاصمة، مضمون الطبعة الثانية من كتابه الموسوم بـ«الثورة الجزائرية في الدراسات المعاصرة”، الصادر عن دار “الأصالة للنشر”، مبرزا أنّ هذه النسخة جاءت مزيدة وموسعة مقارنة بالطبعة الأولى، سواء من حيث الدراسات المضافة أو المقاربات الجديدة التي تناولت مسارات كتابة تاريخ الثورة الجزائرية في الدراسات المعاصرة.
أوضح الدكتور مولود عويمر أن الكتاب قُسم إلى أربعة فصول رئيسية، تناول الأول منها “الثورة الجزائرية في الكتابات الجزائرية”، بينما خُصص الفصل الثاني لـ«الدراسات العربية”، وركز الفصل الثالث على “الكتابات الفرنسية حول الثورة”، في حين عالج الفصل الرابع “مصادر البحث في تاريخ الثورة التحريرية”.
كما بين الكاتب أن مقدمة الكتاب خُصصت لشرح دوافع التأليف والمنهجية المعتمدة، إلى جانب تقديم عرض مكثف لمضامين الفصول الأربعة، قصد تسهيل القراءة السريعة ومنح القارئ فكرة عامة عن محتوى العمل.
وأشار عويمر إلى أن بداياته في الاشتغال الأكاديمي على موضوع الثورة الجزائرية انطلقت من تتبّع رسائل الدكتوراه المنجزة خارج الوطن، خاصة في الجامعات الفرنسية، نظرا لتأخر إنجاز هذا النوع من البحوث في الجزائر لأسباب متعددة. وذكر في هذا السياق أسماء عدد من الباحثين الجزائريين الذين كانوا من أوائل من تناولوا الثورة في أطروحات جامعية، على غرار محمد طبية، سليمان الشيخ، ومحمد حربي.
وفي حديثه عن تطور الكتابة التاريخية داخل الوطن، أكد المتحدث أن مرحلة الثمانينيات شهدت انخراط عدد من المؤرخين الجزائريين في دراسة الثورة التحريرية، من بينهم أبو القاسم سعد الله، الذي يُعد من أبرز مؤرخي الجيل الأول بعد الاستقلال.
كما أشار إلى أنّ المدرسة التاريخية الجزائرية المعاصرة بدأت ملامحها الأولى مع عمار مبارك الميلي، صاحب “تاريخ الجزائر القديم والحديث”، إلى جانب عبد الرحمن الجيلاني وأحمد توفيق المدني، قبل أن تتعزز بإسهامات محفوظ قداش، عطاء مولاي، وبن حميس، حيث سعى في كتابه إلى دراسة هذه الكتابات وتحليل مقارباتها لتاريخ الثورة.
وعن مساهمات الباحثين العرب، استعرض عويمر اهتمام عدد من المفكرين والأدباء العرب بالثورة الجزائرية، من بينهم طه حسين، عباس محمود العقاد، يوسف إدريس، والصحفي سعد زغلول، الذي زار الجزائر ووثّق شهادات حيّة للمجاهدين بالصور قبل أن يصدر كتابا خاصا عن الثورة. كما توقّف عند دور مجلة “الآداب” اللبنانية، بإشراف سهيل إدريس، ومجلة “الفكر” التونسية لمحمد مزالي، في التعريف بالقضية الجزائرية عبر مقالات ودراسات بأقلام عربية وازنة.
وفيما يخصّ الكتابات الفرنسية حول الثورة، أوضح المتحدث أنّ الاهتمام بها جاء متأخرا نسبيا، مشيرا إلى شارل روبير أجرون، الذي اعتبره منصفا إلى حد ما، وكرس جزءا كبيرا من مسيرته لكتابة تاريخ الجزائر، قبل أن يتناول الثورة الجزائرية سنة 1992.
كما ذكر أسماء أكاديمية أخرى، مثل بنجامين ستورا، موريس فالس، ودوبار فيكي، لافتا إلى أن هذه الدراسات، رغم قراءتها الفرنسية، مكنت الباحثين من الوصول إلى أرشيفات وخرائط ووثائق تاريخية مهمة.
وفي إطار حديثه عن الفصل الرابع، نوّه مولود عويمر بأن مسألة جمع المصادر في التدوين التاريخي مهمة جدا، وبأن المؤرخ ملزم على تبيان الوثائق والأرشيف والمراجع التي اعتمد عليها في عمله، وفي هذا الخصوص أفاد: “ذكرت بدقة في كتابي هذا جميع الوثائق التي تهم الباحثين والطلبة العاكفين على تناول موضوع الثورة الجزائرية في الدراسات المعاصرة”.
وأضاف “تميزت الطبعة الثانية بإضافات علمية جديدة، من بينها دراسة للمؤرخ الجزائري الدكتور محمد العربي الزبيري، وبحثان لمؤرخين فرنسيين هما آني راي غولدزيغر وجاك فاليت، إضافة إلى دراسات حول تأثير الثورة الجزائرية على النخبة العربية، ودور فرانز فانون في الثورة الجزائرية بين التأثر والتأثير، فضلا عن إدراج رسالتين للأمير عبد الكريم الخطابي والشيخ أبي بكر جابر الجزائري تتعلقان بدعم الثورة الجزائرية ماليا.
ويُذكر أنّ الدكتور مولود عويمر، المولود بالعاصمة سنة 1968، حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر من جامعة باريس، ويشغل حاليا منصب أستاذ التعليم العالي في تاريخ الفكر المعاصر بجامعة الجزائر 2، وله في رصيده 27 مؤلفا في التاريخ وقضايا الفكر المعاصر.





