حذّر محلّلون سياسيّون من استمرار المغرب في نهجه العدواني بالصّحراء الغربية، عبر «حرب هجينة» تشمل الاحتلال العسكري والسيطرة على الموارد والتلاعب بالمعلومات واستعمال المساومة والابتزاز، عن طريق تدفّقات الهجرة غير الشرعية لتحقيق «مكاسب سياسية».
المحلّل السياسي أليخاندرو لوبيز، في حوار صحفي حول كتابه الجديد، الذي يحمل عنوان «حرب المضيق»، أنّ المغرب يواصل سياساته العدوانية في الصّحراء الغربية عبر «حرب هجينة» تهدف إلى فرض الأمر الواقع وفرض سيطرته على الموارد الطبيعية للمنطقة.
وأوضح لوبيز أنّ المغرب لا يكتفي بالاحتلال العسكري، بل يستخدم وسائل غير تقليدية تشمل الضغط السياسي والاقتصادي، السيطرة على الموارد والتلاعب بالمعلومات، بما في ذلك تسريب وثائق رسمية وتوجيه خطاب عام يخدم أهدافه الاستراتيجية بطرق مضلّلة تنتهك القانون الدولي.
وتكرّس هذه الإجراءات الملتوية، بحسب لوبيز، وضعا قائما على حساب حقوق الشعب الصّحراوي، من دون تقديم أي حلول سياسية أو احترام للشرعية.
وأشار لوبيز إلى أنّ استراتيجيات المغرب تشمل استغلال تدفقات الهجرة وتحويلها إلى أداة للضغط على إسبانيا، موضّحا أنّ هذا التوجّه يعكس عدم رغبة المغرب في التوصّل إلى تسوية سلمية ويكرّس احتلاله غير الشرعي، حيث يسعى إلى تثبيت وضع استعماري عبر سياسات استيطانية واقتصادية، في حين يظلّ الشعب الصّحراوي مضطرّا لمواصلة نضاله المشروع من أجل حقه في تقرير المصير والاستقلال، وفق القانون الدولي.
حـــرب ضــدّ الهويـــة
في سياق سياسة المغرب الرامية إلى تكريس احتلاله غير الشرعي للإقليم، أثارت خطوة الحكومة الإسبانية بالسّماح بتدخل المغرب في محتوى التعليم داخل مدارسها الواقعة في المناطق المحتلة من الصّحراء الغربية، جدلا واسعا واعتُبرت من قبل الصّحراويّين انتهاكا صارخا لهويتهم الثقافية وحقّهم في تعليم مستقل.
ونقل موقع «الانديباندني» في مقال بعنوان «إسبانيا تروّج لثقافة مغايرة في المدارس الواقعة في المناطق الصّحراوية المحتلة»، أنّ الاتفاقيات الأخيرة بين إسبانيا والمغرب سمحت للمحتل بوضع بعض المناهج داخل 11 مركزا تعليميا، من بينها المدرسة الإسبانية في العيون المحتلة.
ويشكّل هذا التعليم، يضيف المقال، امتدادا للتدخّل المباشر في الهوية الثقافية الصّحراوية، خاصة أنّ المناهج لم تنشر ولم يكشف عن محتواها، ممّا يعزّز المخاوف من محاولات طمس التراث الصّحراوي في المدارس، التي تدار رسميا من قبل وزارة التعليم الإسبانية.
ويأتي هذا الإجراء، بحسب ذات المقال، في ظلّ استمرار الاحتلال العسكري للأراضي الصّحراوية، حيث تعد المدارس الإسبانية من آخر المؤسّسات التي تحمل آثار الإدارة الإسبانية السابقة، لكن السماح للمغرب بالتدخّل في التعليم هناك يمثل انتهاكا صارخا للحقوق الثقافية للشعب الصّحراوي، ويؤكّد استمرار سياسة الاحتلال القمعية.
الإعلام للتعتيم والتضليل
أكّد مقال آخر بعنوان: «عندما يتدخّل الإعلام في التعتيم على احتلال المغرب للصّحراء الغربية»، نشر على موقع «لا تنسوا الصّحراء الغربية»، أنّ القضية الصّحراوية تظلّ ملفا مفتوحا يشهد انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان وفرض واقع الاحتلال على السكان الأصليّين، مشيرا إلى أنّ أي محاولة لتحويل هذا الملف القانوني والسياسي إلى مجرّد نقاش ثانوي لا تخدم سوى تثبيت الوضع القائم على الأرض.
وأضاف أنّ الإبقاء على الاحتلال وتجاهل الحقوق الأساسية للسكان المحليّين يشكّل خرقا واضحا للقانون الدولي ويكرّس الانتهاكات اليومية ضدّ المدنيّين، والدفاع عن القضية الصّحراوية يتطلّب موقفا موضوعيا يضع حقوق الإنسان والسّيادة القانونية في مقدمة أي نقاش.

