في الذكرى الثالثة والستين لتأسيس جريدة “الشعب” الجزائرية، نقف نحن أبناء فلسطين وقفة تقدير أمام منبرٍ عربيٍ ظلّ وفيًا لقضايانا، ثابتًا في انحيازه للحق، وشاهدًا على تاريخ طويل من النضال المشترك بين الشعبين.
إنّ الاحتفاء بهذه المناسبة المتزامنة مع ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960 – ذلك اليوم الذي خرج فيه الجزائريون يهتفون للحرية في وجه الاستعمار – يمنح هذه الذكرى عمقًا مضاعفًا، إذ تتقاطع الذاكرة الجزائرية مع الوجدان الفلسطيني في المسار ذاته: مسار المقاومة والكرامة والصمود.
ولم تكن جريدة “الشعب” يومًا مجرّد صحيفة وطنية؛ لقد تحوّلت إلى مدرسة إعلامية قائمة بذاتها، تحمل رسالة التحرّر في صفحاتها، وتحفظ صوت الإنسان العربي في زمن تتلاشى فيه الأصوات الصادقة.
ومن فلسطين..من قلوب الأسرى قبل أقلام الكتّاب..نبعث للجريدة العريقة تحية محمولة على الامتنان والتقدير، فـ “الشعب” كانت أول صحيفة عربية تُصدر ملحقًا خاصًا بالأسرى الفلسطينيين في 1/1/2011، في خطوة لم تكن مجرد مبادرة إعلامية، بل كانت موقفًا أخلاقيًا وسياسيًا شجاعًا يستحق أن يُكتب في ذاكرة الصحافة العربية بحروف من نور.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، بقي ملحق “صوت الأسير” نافذة نضالية لا تنطفئ، حاملة رسائلها إلى العالم بلغة الدم والصبر والأمل.
لقد أدركت جريدة “الشعب” مبكّرًا أن قضية الأسرى ليست خبرًا عابرًا، بل جرحًا عربيًا مفتوحًا، وأن نقل تفاصيل معاناتهم هو واجب إعلامي وإنساني لا يمكن التفريط به، فكانت الجريدة أمينة على صوتهم، حافظة لرسائلهم، شاهدة على ثباتهم، وامتدادًا لعذاباتهم التي تتجاوز جدران السجون إلى ضمير الأمة.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه كثيرون بسطحية الإعلام السريع، ظلّت “الشعب” وفيةً للجوهر..للإنسان وللحق.
قدّمت نموذجًا نادرًا يُشبه الجزائر نفسها: ثابتة على المبدأ، عالية الرأس، لا تبيع الحقيقة ولا تساوم على الكرامة.
وإنّنا في فلسطين – شعبًا وأسيرًا وقضية – نرى في الجريدة صوتًا شقيقًا، وامتدادًا طبيعيًا لموقف الجزائر التاريخي من القضية الفلسطينية، ذلك الموقف الذي لا يزال نقيًا وصريحًا في زمن التشويه والالتباس.
في عيدها الثالث والستين، نبارك لجريدة “الشعب” مسيرتها اللامعة، ونحيّي كل من حمل القلم في هذه المؤسسة العريقة، كل من سهر على كلمة، أو وثّق حكاية، أو نشر صرخة أسير لم يجد غير صفحات “الشعب” بيتًا لها.
نسأل الله أن تبقى الجريدة منارة للوعي، وذاكرة حيّة لمبادئ الثورة الجزائرية، وأن تستمر في حمل رسالتها التي نثق أنها أكبر من حدود الإعلام، وأعمق من حدود اللحظة.
كل عام وجريدة “الشعب” بخير…
وكل عام والجزائر وفلسطين توأمان في الحرية والنضال والمصير الواحد.





