سليماني: القوانين الجديدة منحت الساحة ديناميكية غير مسبوقة
أظهرت الطبعة 33 لمعرض الإنتاج الجزائري التطور المتزايد الذي تعرفه الصناعة الوطنية، خاصة في مجال الأجهزة الكهرومنزلية والإلكترونية، حيث أبرزت الأروقة المعروضة تحسّن جودة المنتجات وتنوعها واعتمادها على تكنولوجيا حديثة، بمشاركة أكثر من 60 عارضا، ما يعكس حيوية هذا القطاع وقدرته على تلبية حاجيات السوق الوطنية والمنافسة الدولية.
خلال الجولة التي قامت بها “الشّعب”، أمس، إلى أروقة معرض الإنتاج الجزائري، تمّ الوقوف عن قرب على التطور الذي شهدته الصناعة الجزائرية، حيث سجلت وفرة معتبرة في منتجات متنوعة تلبي احتياجات المستهلك الجزائري بمعايير جودة وتكنولوجيا متطورة، ويعكس هذا التقدّم جهود الدولة في دعم الصناعة وتعزيز الإنتاج المحلي، فقد حظيت الصناعة الكهرومنزلية، بدعم وتشجيع قوي من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي أبدى – غير مرّة – ثقته الكاملة في قدرة الجزائريّين على التقدّم بخطوات عملاقة في هذا المجال.وشدّد رئيس الجمهورية مرارا، منذ ستّ سنوات مضت، على استكمال عمليات مستوى الإدماج، والعمل على صناعة أجهزة جزائرية خالصة، وألحّ على صنع القطعة الأساسية المسماة “الضاغط” محليا، وهو ما تحقّق العام الماضي، وصارت المنتجات الكهرومنزلية الجزائرية، حاضرة في الأسواق الخارجية بعقود توريد معتبرة، تجاه مجموعة من الدول، خاصة منها الإفريقية.
تعزيــز الصناعــة الوطنيـــة
من بين الشركات الحاضرة في المعرض، صاحبة العلامة التجارية المعروفة بإنتاج الأجهزة الكهرومنزلية والإلكترونية، “رايلان” التي أكّدت أنّ مشاركتها تعكس حرصها على دعم المنتوج الوطني وتعزيز الصناعة المحلية في مجال الأجهزة الكهرومنزلية والالكترونية.
في هذا الصدد، أكّد ممثل “رايلان” الحرص على تقديم منتجات تتميّز بالجودة العالية، والفعالية في الأداء، والقوة التي أصبحت علامة فارقة في مختلف منتجاتها، خاصة تلك الموجّهة لتلبية احتياجات المستهلك الجزائري.وقدّمت الشركة منتجات متطوّرة منها غسالة “رايلان أوزون 3”، وهي أول غسالة تنتج محليا في الجزائر بتقنية الأوزون، التي تقضي على 99 بالمائة من البكتيريا والفيروسات، ممّا يجعلها حلا عمليا وصديقة للبيئة، كما عرضت الشركة مجموعة واسعة من المنتجات الأخرى مثل الثلاجات، أجهزة التلفزيون، أجهزة التدفئة، المكيفات الهوائية، والأجهزة الكهرومنزلية المتنوعة، وذلك وفقا لتعليمات السلطات بضرورة تغطية حاجيات السوق الوطنية.
في هذا السياق، أوضح ممثل الشركة أنّ نسبة الإدماج في بعض منتجات “رايلان” بلغت 100 بالمائة، خاصة في مجال الثلاجات التي يتمّ تصنيعها بأيدي جزائرية بمصانع الشركة في عنابة، ما يعكس تطور الصناعة الوطنية وقدرتها على المنافسة.وعن واقع سوق الأجهزة الكهرومنزلية بالجزائر، أكّد ممثل الشركة أنّ السوق تشهد تطورا كبيرا بفضل المنافسة الإيجابية بين العلامات، وهو ما يصب في مصلحة المستهلك، خاصة من حيث الجودة، التكنولوجيا الحديثة، والأسعار المناسبة، كما كشف عن وجود مشاريع مستقبلية قيد الدراسة، تتعلّق بالتصدير نحو الأسواق الإفريقية وربما الأوروبية، في إطار رؤية تهدف إلى توسيع حضور المنتوج الجزائري خارج الحدود.
شراكــات استراتيجيـة
قامت العديد من الشركات الجزائرية الناشطة في مجال الصناعة الكهرومنزلية، بإبرام شراكات واعدة مع مؤسّسات عالمية رائدة في القطاع، ما يعكس توفّر عاملي الجودة والتطور بالنسبة للمؤسّسات الجزائرية، ناهيك عن
تمكّنها من خلال هذه الشراكات من تحويل التكنولوجيا والخبرة الصناعية، والانفتاح على الأسواق الدولية، في إطار تصدير المنتجات بوسم “صنع في الجزائر”.وتعدّ شركة “كوندور” واحدة من الشركات الجزائرية، التي حقّقت انتشارا واسعا في الأسواق الوطنية والدولية في الصناعة الكهرومنزلية والالكترونية، وقد أبرمت شراكات نوعية مع شركات أجنبية معروفة، حيث شاركت “كوندور” في الطبعة 33 لمعرض الإنتاج الجزائري، وقامت في إطار تعزيز التعاون والشراكات بتوقيع اتفاقية مع العملاق الياباني “توشيبا” لتوزيع منتجاته بالجزائر.
وقال مدير عام “كوندور”، صالح دعاس، إنه سيتم في مرحلة أولى إنتاج أجهزة تلفزيون من الطراز الرفيع بنسبة إدماج معتبرة، ضمن إنتاج إجمالي يصل إلى 600 ألف جهاز سنويا، وأضاف أن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز الصناعة الوطنية ودعم الاقتصاد المحلي.خلال المعرض أيضا، وقّعت الشركة اتفاقية مع الشركة الصينية الكبيرة “إكس فوزيون” لإنتاج خوادم بيانات قوية، ستصنع محليا، وسيخصّص جزء منها للتصدير، وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز قدرة الجزائر على إنتاج التكنولوجيا المتقدمة محليا ودعم طموحاتها في التصدير.
الإدماج الصّناعي وتوسيع الإنتـاج المحلّــي
من جهتها، أكّدت شركة “سامسونغ سينوفا” التزامها المتواصل بتشجيع الإنتاج المحلي ورفع نسب الإدماج، انسجاما مع التوجه الوطني لتعزيز الصناعة الوطنية وتقليص التبعية للاستيراد، وذلك من خلال توسيع سلسلة منتجاتها المصنّعة محليا وتطوير قدراتها الإنتاجية.
وفي هذا السياق، أوضح المدير العام لـ«سينوفا”، الممثل الرّسمي لعلامة “سامسونغ” بالجزائر، جميل بلبليطة، أنّ مشاركة الشركة في معرض الإنتاج الوطني للمرّة الثالثة، وللعام الثاني تواليا، تعكس الحرص الكبير على دعم المنتوج الوطني وتعزيز التصنيع المحلي، وأضاف أنّ انطلاقة الإنتاج المحلي كانت عام 2023 من خلال تصنيع الثلاجات، أجهزة التلفاز، وغسالات الملابس، قبل أن يتم في عام 2024 توسيع سلسلة المنتجات بإدراج مكيّفات الهواء، أمّا في سنة 2025، فقد أوفت الشركة بوعودها من خلال إدخال منتوجات جديدة، شملت الميكروويف والمكانس الكهربائية، على أن تشهد عام 2026 إطلاق غسّالات الأواني وبعض الأدوات الكهرومنزلية الخاصة بالمطبخ.وبخصوص نسب الإدماج، قال بلبليطة إنّ الشركة سجّلت نسبة معتبرة، حيث تتراوح نسبة الإدماج في الثلاجات بين 60 و70 بالمائة حسب نوع المنتوج، وبين 40 و50 بالمائة في غسالات الملابس، أمّا بالنسبة لأجهزة التلفاز، فمن المنتظر أن تتجاوز نسبة الإدماج 40 بالمائة بعد دخول مصنع الشاشات حيّز الخدمة، وهو ما يفتح آفاقا أوسع للتصدير، كما كشف أنّ مكيّفات الهواء ستعرف بدورها وحدة إنتاج كبيرة هي قيد الإنجاز، مع نسبة إدماج مرتقبة تفوق 50 بالمائة، ما سيسمح بتصديرها ابتداء من العام المقبل.
وعن آفاق التصدير، أشار المتحدث إلى أنّ الشركة باشرت دخول الأسواق الخارجية، بداية بالسوق التونسية عام 2025، على أن تشمل عام 2026 كل من ليبيا وعددا من الأسواق الإفريقية والعربية، مؤكّدة أنّ عام 2026 سيكون للاستثمار التكميلي والتصدير بامتياز.
طفـرة نوعيــــة ورافــد للتصديــر
من جهته، أكّد الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، أنّ شعبة الأجهزة الكهرومنزلية تعرف اليوم تطورا ملموسا في الجزائر، مشيرا إلى أنّ المشاركة في معرض الإنتاج الجزائري لهذا العام شهدت حضورا قويا لأكثر من ستّين عارضا في مجال الصناعات الإلكترومنزلية، وقال إنّ هذه الشعبة شهدت طفرة كبيرة خلال الخمس سنوات الأخيرة، بفضل سلسلة من القرارات التحفيزية والمزايا التي شجّعت التصنيع المحلي وتوطين الإنتاج.
وأضاف سليماني أنّ توطين الإنتاج جعل المنتوجات الإلكترومنزلية تغزو الأسواق الوطنية، حيث وصلت نسب الإدماج في بعض القطاعات مثل التلفزيونات والثلاجات إلى ما بين 65 و70بالمائة، وهو مؤشّر قوي على نمو القطاع، وأضاف أنّ ما يميّز هذه السنة هو توفّر تشكيلات واسعة من المنتوجات ذات الجودة العالية، مشيرا إلى أنّ العديد من هذه المنتوجات أصبحت اليوم صالحة للتصدير إلى دول، مثل موريتانيا ومصر ودول إفريقية وعربية أخرى، وهو دليل على قوة وإمكانات هذه الشعبة.
وأوضح محدثنا أنّ الشركات الجزائرية استفادت من مزايا قانون الاستثمار الجديد وقانون العقار الاقتصادي، بالإضافة إلى تنظيم الاستيراد ضمن إطار متطلّبات الإنتاج المحلي، وقال إنّ هذه العوامل ساهمت في خلق نسيج اقتصادي متنوّع، يضمّ شركات مصغّرة متخصّصة في الحلول والابتكار، إلى جانب شركات كبرى في مجال الإلكترومنزلية، ما يعزّز القدرة التنافسية للقطاع على المستوى الوطني.وتابع سليماني: “صناعة الأجهزة الكهربائية المنزلية في الجزائر تطورت كثيرا، وأصبح لدينا أقطاب صناعية مهمة في ولايات، مثل برج بوعريريج، سطيف، سيدي بلعباس، وتيزي وزو، كما أنّ قوانين الاستثمار والإصلاحات ساعدت على زيادة نسب الإدماج وتحسين التكنولوجيا، وتعزيز التعاون بين الشركات الخاصة والعامة”.
وأضاف بأنّ الشركات العمومية، مثل “إيني” و«إنيام” تتعاون مع شركات من اليابان، الصين، أوروبا وكوريا الجنوبية، لتقديم منتجات عالية الجودة بأسعار مناسبة للأسرة الجزائرية، هذه المنتجات بدأت تصدّر أيضا إلى الأسواق العربية والإفريقية والأوروبية، كل ما ننتظره هو وضع معايير واتفاقيات لتسهيل دخول هذه المنتجات إلى الأسواق الجديدة.
وأكّد الخبير أنّ منتجي الأجهزة الكهربائية يواجهون اليوم تحديات كبيرة بسبب التطور السريع في التكنولوجيا، خاصة مع الثورة الصناعية الجديدة وتقدّم الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى سيطرة الشركات العالمية الكبرى على التكنولوجيا والمعرفة، وأوضح أنّ الجامعات تلعب دورا مهما في هذا المجال، من خلال تشجيع الابتكار المفتوح والتعاون بين الشركات الصناعية، والشركات الناشئة، ومراكز البحث، من أجل تقديم حلول وأفكار جديدة تخدم احتياجات السوق الجزائرية، وأضاف أنّ دعم الدولة، عبر الصندوق الوطني لدعم الشركات الناشئة، يبقى ضروريا، حتى تتمكّن الجزائر من مواجهة هذه التحديات وكسبها.
وأكّد الخبير الاقتصادي أنّ هذه الشعبة تساهم في تقليص الاستيراد، الذي كان يكلف الدولة مبالغ كبيرة، خاصة في الهواتف النقالة، الحواسيب، أجهزة التلفزيون، الثلاجات والمكيّفات، واليوم أصبحت الصناعة المحلية قادرة على تلبية حاجيات السوق الوطنية من حيث الكمية، التنوع والجودة، وبأسعار مناسبة، كما تبرز آفاق واعدة لتوسيع تسويق وتوزيع الأجهزة الكهرومنزلية، في ظلّ نجاح المنتوج المحلي وإقبال المستهلك عليه.
وعليه – يواصل محدثنا – تظهر صناعة الأجهزة الكهرومنزلية والإلكترونية في الجزائر تقدّما كبيرا، حيث أصبحت المنتجات المحلية عالية الجودة ومتنوعة وتعتمد على تكنولوجيا حديثة، هذا بالإضافة إلى دعم الدولة للإنتاج المحلي وتشجيع الشركات على الابتكار، الذي ساهم في تقليص الاستيراد ورفع نسب الإدماج الصناعي.. اليوم، تنتج الجزائر أجهزة تلبّي حاجيات السوق الوطنية وتفتح آفاقًا للتصدير إلى الأسواق الإفريقية والعربية، ما يعكس قدرة الصناعة الوطنية على المنافسة.
