قال المحلل السياسي حمزة بوعلي إن الجزائر أثبتت على مدى السنوات الماضية جدارتها وفاعليتها في مجلس الأمن الدولي، مؤكدًا أن حضورها المستمر، رغم كونها دولة غير دائمة العضوية، يعكس التزامها بالقيم الدولية وثقة المجتمع الدولي فيها كفاعل دبلوماسي مسؤول وقادر على المساهمة في السلم والأمن الدوليين، مضيفا أن التجارب السابقة للجزائر في المجلس منحتها خبرة متينة أكسبتها القدرة على إدارة الملفات الدولية المعقدة والتفاعل بفاعلية مع القضايا الإقليمية والدولية.
وأوضح بوعلي في تصريحات لـ «الشعب»، أن الجزائر، في عهدتها الحالية 2024–2025، تعتمد على ثوابت واضحة في سياستها الخارجية، أبرزها احترام سيادة الدول، دعم شعوبها في تقرير مصيرها، وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، مع تعزيز الحلول السياسية على أي مقاربات عسكرية.
وأكد محدثنا أن أداء الجزائر في المجلس ارتكز على ثلاثة محاور أساسية أولها الدفاع عن مبدأ عدم التدخل، مفيدا أن الجزائر حرصت دائمًا على الدفع نحو الحلول السياسية للنزاعات، بعيدا عن المقاربات العسكرية، خاصة في القضايا العربية والإفريقية، وهو ما ساهم في تعزيز صورة الجزائر كفاعل يسعى للاستقرار والسلام بعيدًا عن منطق القوة والسيطرة.
ويتمثل المحور الثاني – يقول بوعلي – في الدفاع عن القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وفي هذا الصدد سجل أن الجزائر حافظت على موقف ثابت داخل المجلس، داعية إلى احترام القانون الدولي الإنساني، ووقف الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني، مع تقديم عدة مشاريع قرارات لوقف العدوان الصهيوني على غزة، ووقف انتهاكات المستوطنين ضد الفلسطينيين، وأضاف أن هذه المواقف أكسبت الجزائر مصداقية سياسية وأخلاقية بين الدول الأعضاء، وجعلتها صوتًا قويًا للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب.
أما المحور الثالث – يواصل بوعلي – فهو الانخراط في قضايا السلم والأمن في إفريقيا، حيث أكد الخبير أن الجزائر أولت اهتمامًا خاصًا بالملفات الإفريقية، مثل الساحل، ليبيا، مالي، والقضية الصحراوية، ودعت إلى مقاربات شاملة تجمع بين الأمن والتنمية، معتبرة أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية لمعالجة النزاعات، بل يجب ربطها بالإجراءات التنموية والسياسات الاجتماعية لتحقيق الاستقرار الدائم.
وأشار بوعلي إلى أن الجزائر، رغم عدم امتلاكها حق الاعتراض، استثمرت أدوات دبلوماسية قوية لتعزيز حضورها في المجلس، عبر الخطاب القانوني الدولي، وبناء تحالفات مع الدول غير دائمة العضوية، والاستفادة من خبرتها الوطنية في المصالحة ومكافحة الإرهاب كمرجع عملي في النقاشات المتعلقة بالأمن الدولي، وأضاف أن التحديات التي تواجه الجزائر داخل المجلس تبقى قائمة، نتيجة هيمنة الدول دائمة العضوية على اتخاذ القرار، وتباين المصالح الدولية، ما يقلل – أحيانًا – من قدرة الدول غير دائمة العضوية على تحويل مواقفها إلى قرارات ملزمة، خاصة في القضايا الحساسة مثل فلسطين، ومع ذلك، أشار بوعلي إلى أن ممثل الجزائر نجح في الدفاع عن مواقف البلاد ومشاريع القرارات التي بادرت بها، مؤكدًا أن حضور الجزائر يعكس دبلوماسية مسؤولة وصوتًا مدافعًا عن العدالة الدولية.
ويرى بوعلي أن الجزائر تستمر في تعزيز حضورها على الساحة الدولية، محافظة على ثبات موقفها تجاه القضايا العادلة، ومطالبة باستمرار إصلاح آليات اتخاذ القرار في مجلس الأمن، لتتمكن الدول غير دائمة العضوية من لعب دور أكبر وأكثر تأثيرًا في القضايا المصيرية، ولتكون الجزائر دائمًا في طليعة الدول المدافعة عن السلم والعدالة الدولية.




