طالبت المقرّرة الأممية المعنية بحالة حقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، بتعليق عضوية الكيان الصّهيوني في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومقاطعته ثقافيًا وسياسيًا، على خلفية ارتكابه الإبادة الجماعية في قطاع غزّة التي استمرت عامين.
وانتقدت ألبانيزي السماح للكيان الصّهيوني بالمشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبية “يوروفيجن” لعام 2026، معتبرة أنّ ذلك يتناقض مع حجم الجرائم المرتكبة، وأكّدت أنّ المقاطعة لا ينبغي أن تقتصر على المجال الثقافي، بل يجب أن تترافق مع خطوات سياسية وقانونية على المستوى الدولي.
ومؤخّرًا أعلنت 5 دول أوروبية هي: إسبانيا وهولندا وإيرلندا وسلوفينيا وآيسلندا انسحابها من المسابقة، احتجاجًا على السماح بمشاركة الكيان الصّهيوني فيها، وذلك بعد وقت قصير من إعلان اتحاد البثّ الأوروبي السماح له بالمشاركة.
كما أدان 170 فنانًا بلجيكيًا قرار هيئة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية مشاركة بلادهم في المسابقة، وذلك بسبب مشاركة الكيان فيها.
وفي ماي الماضي طالب نحو 4 آلاف فنان من 5 بلدان إسكندنافية (النرويج، والدنمارك، والسويد، وآيسلندا، وفنلندا)، بينهم فنانون سبق أن شاركوا في “يوروفيجن”، بإقصاء الكيان الصّهيوني من المسابقة، واعتبروا مشاركته “تلميعًا” للإبادة الجماعية التي يرتكبها في قطاع غزة.
الحقيقة لا يمكن إسكاتها
قالت ألبانيزي في مقابلة مع الصّحافة بالعاصمة البريطانية لندن، إنّ “الحقيقة لا يمكن إسكاتها”، مشدّدة على أنه “لا ينبغي للكيان الصّهيوني أن يجلس في الأمم المتحدة، كما لو كان دولة عضوًا طبيعية”.
وأضافت المقرّرة الأممية أنّ “الكيان الصّهيوني ينتهك حقوق الإنسان منذ سنوات، إلا أنّ العامين الأخيرين شهدا وتيرة غير مسبوقة من العنف”، وتابعت: “الكيان الصّهيوني قوة احتلال غير قانونية، وهو كيان فصل عنصري، ويواجه مسارات قانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية”.
وشدّدت ألبانيزي على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات “أكثر حزمًا” للجم الكيان الصّهيوني، ودعت إلى استمرار الضغط الشّعبي والسياسي لوقف جرائمه.
وقالت: “الحركات الشعبية، إلى جانب التزام الدول الأعضاء بالمبادئ، قادرة على إحداث تأثير متسلسل، وآمل أن يُسهم ذلك في إنهاء الجرائم الصّهيونية في أقرب وقت ممكن”.
وتطرّقت ألبانيزي أيضًا إلى الضغوط والتهديدات التي تعرّضت لها شخصيًا، مشيرةً إلى تصاعد الاتهامات لها مؤخّرًا بـ«معاداة السامية” أو “الإرهاب”، وأوضحت أنّ هذه الضغوط انتقلت من حملات تشويه إعلامي إلى تهديدات شخصية، معتبرة أنّ العقوبات التي فرضتها واشنطن بحقها تأتي في هذا السياق.
وفي جويلية الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على ألبانيزي، التي وثّقت الإبادة التي ارتكبتها القوات الصّهيونية بحق الفلسطينيّين في قطاع غزّة في عدة تقارير، وطالبت بملاحقة الجهات والشخصيات الضالعة فيها. وقالت ألبانيزي: “لم تنجح هذه الإجراءات في إسكاتي، لأنّ الحقيقة لا يمكن إسكاتها عندما نكون في مواجهة الإبادة الجماعية”، وأوضحت أنّ “الهدف من هذه الضغوط هو ردع الآخرين ومنعهم من التعبير، إلا أنّ النتائج جاءت معاكسة، إذ دفعت مزيدًا من الأصوات إلى الظهور”.
موقف دولي مطلوب
في سياق متّصل، شدّدت ألبانيزي على أنّ الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مطالبة باتخاذ موقف أكثر صلابة داخل الجمعية العامة، ولا سيما إزاء العقوبات الأمريكية المفروضة على أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت: “كفى هذا القدر من الإجرام، كفى للضغوط على مؤسّسات الأمم المتحدة، السبيل الوحيد لمواجهة هذا الفصل المخزي من التاريخ هو تحرّك الدول والشعوب معًا”.
وكانت الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات على عدد من القضاة وأعضاء مكتب الإدعاء في المحكمة الجنائية الدولية، بزعم اتخاذهم “مواقف مناهضة للكيان الصّهيوني”.
وفي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة في لاهاي مذكّرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الصّهيوني ووزير دفاعه السابق، بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب بحق الفلسطينيّين في قطاع غزة.
وأكّدت ألبانيزي أنّ مبدأ المساءلة يجب ألا يقتصر على الدول وحدها، بل ينبغي أن يشمل أيضًا الشركات والأفراد الذين تورّطوا أو أسهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في الجرائم المرتكبة في غزة.
وأضافت أنّ محاسبة مسؤولين حكوميّين وشركات وأفراد شاركوا في جرائم أو سهّلوا ارتكابها على المستوى المحلي أمر بالغ الأهمية.
وأشارت إلى أنّ مواطنين من دول عدة يشاركون ضمن صفوف الجيش الصّهيوني، مؤكّدة أنه “لا مناص من إخضاع المشاركين في الإبادة للمساءلة على ما اقترفوه”.


