حقّق المنتخب الوطني، مساء أمس، انتصارا كبيرا ومستحقا على حساب نظيره السوداني، في إطار الجولة الأولى لدور المجموعات لكأس إفريقيا 2025، ويدين «الخضر» بهذا الانتصار إلى القائد رياض محرز، الذي سجّل ثنائية.. بينما افتتح اللاعب الصاعد إبراهيم مازة عدّاده التهديفي في كأس إفريقيا، من خلال تسجيل الهدف الثالث حيث سمح هذا الانتصار لأشبال بيتكوفيتش بتصدّر المجموعة عن جدارة واستحقاق.
نجح «الخضر» في تحقيق انطلاقة مثالية في كأس إفريقيا للأمم 2025، عقب فوزهم، مساء أمس، على حساب المنتخب السوداني بثلاثية كاملة، وهو الانتصار الذي عكس استعدادات المنتخب، وقدرته على تحقيق نتائج مميّزة في النسخة الحالية لكأس إفريقيا، رغم أنّ المأمورية لن تكون سهلة إلا أنّ أشبال بيتكوفيتش قادرون على رفع التحدي.
اختار الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش تشكيلة متوازنة، من خلال الاعتماد على الخبرة والشباب، وهو الأمر الذي جعله يراهن على مجموعة من اللاعبين يشاركون لأول مرة في كأس إفريقيا، على غرار بلغالي حيث لم يعرف خط الدفاع أي تغييرات، من خلال تواجد كل من بن سبعيني وماندي في المحور، وآيت نوري رفقة بلغالي على الجهة اليمنى واليسرى.
على مستوى حراسة المرمى ورغم انعدام خبرته القارية، إلا أنّ الناخب الوطني راهن خلال مواجهة السودان على لوكا زيدان، الذي تولى مهمة حراسة عرين المنتخب الوطني، خلال أولى مبارياته في كأس إفريقيا، علما أنه التحق بالمنتخب في الجولة الأخيرة للتصفيات المؤهّلة للمونديال .. وقدّم لوكا زيدان مباراة في المستوى بتدخّلات موفقة.
محرز يسجّل في الدقيقة الثانية
عرف وسط الميدان عودة إسماعيل بن ناصر، الذي تولى مهمة تكسير هجمات المنافس، وبناء اللّعب من الخلف رفقة لاعب نيس، هشام بوداوي، وراهن بيتكوفيتش على فارس شعايبي في صناعة اللّعب، خلف كل من محرز وعمورة إضافة إلى بونجاح، الذين شكّلوا ثلاثي الهجوم خلال المباراة.
دخل المنتخب الوطني المباراة بقوة رغبة منه في تسجيل هدف السبق، بما أنه يدرك أنّ الفوز ضروري بالمباراة، وهو الأمر الذي يمرّ عبر التسجيل من البداية، وعدم ترك الفرصة للمنافس من أجل بناء اللعب، حيث كانت «المعركة» كبيرة في وسط الميدان بقيادة بن ناصر وبوداوي اللّذان كان ينتظرهما عمل كبير.
لم يترك المنتخب الوطني الكثير من الوقت للمنافس من أجل دخول المباراة، حيث نجح قائد المنتخب رياض محرز في افتتاح باب التسجيل في (د2)، بعد عمل مميّز من الثنائي عمورة وبوداوي، الذي منح الكرة على طبق للاعب أهلي جدة الذي وضعها بكل سهولة في مرمى منتخب السودان.
التأثير النفسي للهدف الأول كان كبيرا على المنافس، الذي ضيّع لاعبوه الكثير من الكرات السهلة فيما بعد، ومن الواضح أنهم لم يكونوا يتوقّعون هذا الدخول القوي للمنتخب الوطني في المباراة، وهو ما أثّر على لاعبي منتخب السودان.
الصراعات الثنائية كانت حاضرة بقوة خاصة خلال الكرات الثابتة، حيث كان الحكم يوقف المباراة لأكثر من مرّة، من أجل تحذير اللاعبين بضرورة التحلّي بالروح الرياضية، وتفادي الاحتكاكات التي تحدث في كل مرّة خلال هذه المواقف، وهو الأمر الذي جعل اللاعبين يلعبون بحذر كبير تفاديا للإنذار.
قام لاعبو المنتخب الوطني بتسيير الفترة التي تلت الهدف بذكاء كبير، من خلال امتصاص حماس المنافس الذي حاول باحتشام العودة في النتيجة، إلا أنه لم ينجح في ذلك خلال النصف الأول من المرحلة الأولى، بفضل ثبات لاعبي المنتخب وتركيزهم الكبير خلال فقدان الكرة، وهو ما سمح لهم بالحفاظ على شباكهم نظيفة.
الحارس لوكا زيدان ظهر عليه ثبات كبير من الناحية النفسية، رغم أنه خاض أولى مبارياته في كأس إفريقيا للأمم، حيث منح هذا الأمر ثقة كبيرة للاعبي الخط الخلفي، وجعل التكامل يزداد معهم وهو ما ساهم في تأمين الجانب الدفاعي خلال المرحلة الأولى، من خلال عدم منح الفرصة للمنافس للعودة في النتيجة.
رهان على الهجمات السريعة
اعتمد المنتخب الوطني على الهجمات السريعة من أجل ضرب دفاع المنتخب السوداني، وهذا من خلال الاعتماد على سرعة عمورة، الذي نجح في أكثر من مرّة في التوغّل إلا أنه لم يكن جماعيا في طريقة لعبه، رغم أنّ بونجاح كان يطلب الكرة في أكثر من مرّة في العمق.
الحكم الغابوني خالف التوقّعات وقدّم مباراة جيدة، بدليل أنه لم يتردّد في طرد لاعب المنتخب السوداني صلاح الدين عديل، وهو ما يؤكّد أنه كان يسعى إلى تقديم مباراة جيّدة من الناحية التحكيمية عكس ما كان يُشاع عنه قبل المباراة، وهو ما يؤكّد أنّ التحكيم الإفريقي تطوّر كثيرا في الآونة الأخيرة.
الشوط الأول انتهى بتفوق المنتخب الوطني بهدف نظيف، ورغم الفرص الكثيرة إلا أنّ لاعبي المنتخب لم ينجحوا في إضافة الهدف الثاني من أجل تأمين النتيجة، وحسم الأمور قبل انطلاق المرحلة الثانية، خاصة أنّ المنافس أنهى الشوط الأول بعشرة لاعبين، وهو ما سيسهّل كثيرا من المهمة خلال الشوط الثاني.
لم تكن بداية الشوط الثاني مختلفة عن الأولى، حيث دخل المنتخب الوطني بقوة من أجل استغلال النقص العددي عند المنافس، وتسجيل الهدف الثاني الذي سيحرّر اللاعبين والأنصار الذين حضروا بقوة إلى المباراة، من أجل مساندة اللاعبين وتقديم الدعم المعنوي لهم على أمل تحقيق بداية قوية في المنافسة.
التنوع في طريقة اللّعب كانت سمة المنتخب الوطني خلال الشوط الثاني، حيث اعتمد على سرعة عمورة وتوغّلات محرز على الجهة اليمنى من الهجوم، دون نسيان تحرّكات بونجاح في عمق دفاع المنافس، وهو الأمر الذي كان ينتظر أن يُجسّد من خلال تسجيل الهدف الثاني الذي تأخّر قليلا.
الحارس لوكا زيدان كان من العناصر التي تألّقت، وذلك تحت أنظار والده النجم زين الدين زيدان، الذي أبى إلا أن يحضر المباراة من أجل تقديم الدعم المعنوي لنجله، خلال أولى خطواته الدولية مع المنتخب الوطني، وهو ما زاد من عزيمة وإرادة الحارس الشاب في تقديم الإضافة اللازمة.
قام عمورة بتغيير طريقة لعبه خلال الشوط الثاني، من خلال اللّجوء إلى اللّعب الجماعي أكثر فأكثر، وهو الأمر الذي جسّده خلال الهدف الثاني، بعدما منح كرة على طبق إلى رياض محرز، والذي سجّل بكل سهولة في (د61) محرّرا الأنصار وزملائه اللاعبين، بما أنه نجح في تأمين النتيجة أمام منافس كان يريد تحقيق الأفضل.
قام الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش بإجراء تغييرين، من خلال إشراك حجّام مكان آيت نوري، وإقحام مازة في مركز صناعة اللّعب مكان شعايبي، حتى يمنح كل اللاعبين فرصة المشاركة من أجل الرفع من مستواهم الفني والبدني، تحسّبا للمباريات المقبلة بما أنّ نقاط المواجهة أضحت شبه محسومة بالنسبة للمنتخب.
واصل الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش تغييراته، من خلال إقحام بولبينة الذي منح دفعة أخرى لهجوم المنتخب في المباراة، وهذا تجسّد من خلال إضافة اللاعب مازة للهدف الثالث، بعد عمل مميّز من بونجاح وهو ما أكّد على السيطرة المطلقة للمنتخب، وضمان النقاط الثلاث عن جدارة واستحقاق.
المنتخب السوداني ورغم أنّ مدرّبه أجرى العديد من التغييرات، إلا أنه لم ينجح في تسجيل أي هدف، والأكثر من هذا تلقّت شباكه ثلاثة أهداف كاملة، وهو ما يؤكّد أنه واجه منافسا قويا في المباراة الافتتاحية لكأس إفريقيا، وسيكون عليه التعويض خلال المباريات المقبلة من أجل إنعاش حظوظه في التأهّل.
انتهت المباراة بفوز مستحقّ للمنتخب الوطني، الذي نجح في تصدّر المجموعة مناصفة مع منتخب بوركينافاسو، الذي فاز هو الآخر بثنائية مقابل هدف أمام غينيا الإستوائية، حيث سمح هذا الأمر للمنتخب الوطني بتصدّر المجموعة بفارق الأهداف، على حساب منتخب بوركينافاسو قبل مواجهة المنتخبين في الجولة المقبلة.







