شنّ طيران الاحتلال الصهيوني غارات على مدينة رفح والمناطق الشرقية من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة المحاصر، في وقت مبكر من صباح أمس الأربعاء، فيما تجدّد هطول الأمطار، ما تسبّب بغرق خيام النازحين المتهالكة، وذلك وسط الأزمة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في ظل عدم توفر المأوى جراء تدمير البنية المدنية خلال عامين من حرب الإبادة.
يأتي التطور في ظل عدم تقدم اتفاق وقف إطلاق النار إلى مرحلته الثانية، حيث لا يزال الغموض يلف مناقشات القوة الدولية المقرر نشرها في القطاع، بالإضافة إلى الملفات البارزة مثل نزع السلاح وتشكيل إدارة جديدة في غزة.
ووسط هذا الجمود، أطلق وزير الأمن الصهيوني، الثلاثاء، تصريحات تشي بنيات مغايرة تماماً لبنود الاتفاق، أشار فيها إلى عزم حكومته المتطرفة إقامة نواة استيطان في شمال القطاع، قبل أن يتراجع لاحقاً عن التصريح.
ونقلت وسائل إعلام صهيونية عن مصادر أمريكية قولها، إنّ الموقف أثار الدهشة في المقر الأمريكي بالكيان الصهيوني، مشيرة إلى أن التصريحات كانت تتناقض مع الخطط التي اقترحتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وردّ وزير أمن الاحتلال لاحقاً بأن حديثه عن وحدات شبه عسكرية في شمال غزة كان في سياق أمني بحت، وأن الحكومة لا تنوي إنشاء مستوطنات في القطاع، زاعماً أنّ أي وجود للوحدات سيكون لأغراض أمنية فقط. وقال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، إنّ تصريحات الوزير الصهيوني تمثّل خرقاً حقيقياً وكبيراً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتتناقض بوضوح مع خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعلنة لإحلال السلام في قطاع غزة.
استعجال المرحلة الثانية
ولفت قاسم إلى أنّ حركة حماس على تواصل مستمر مع الوسطاء، ولا سيما تركيا وقطر ومصر، فيما يخص المرحلة الثانية من الاتفاق، مبيّناً أن لقاءات عُقدت أخيراً بين الوسطاء والمبعوثين الأمريكيين، تلتها لقاءات مع حركة حماس لاستكشاف إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية. وذكر أنّ الحركة وضعت الوسطاء أمام خروقات الاحتلال للمرحلة الأولى، وقدّمت رؤيتها للمرحلة الثانية، مع إبداء مسؤولية عالية تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار وبدء ترتيب الأوضاع في قطاع غزة، سواء على مستوى الإدارة أو الإعمار. ورأى أن التباطؤ في الانتقال إلى المرحلة الثانية يعود أساسًا إلى سلوك الاحتلال والخلافات الداخلية داخل مؤسسته السياسية وائتلافه الحاكم، ومحاولته التملص من استحقاقات المرحلة الثانية التي يفترض أن تشهد تثبيتاً كاملاً لوقف إطلاق النار، وبدء عملية الإعمار، وإدخال المساعدات بشكل واسع.
تصعيـد عنيـــف
ميدانيا، قتل الجيش الصهيوني، صباح أمس الأربعاء، فلسطينيا وأصاب 12 آخرين قصفا وبالرصاص شمالي وجنوبي قطاع غزة، ضمن خروقاته المتواصلة لوقف إطلاق النار الساري منذ أكتوبر الماضي.
وأفادت مصادر طبية، بوصول جثمان الفلسطيني أيوب عبد الكريم نصر إلى مستشفى الشفاء غربي مدينة غزة، إثر إطلاق نار استهدف منازل في منطقة الجرن ببلدة جباليا شمالي القطاع.
وأشارت المصادر إلى أنّ 9 مصابين وصلوا إلى عدة مستشفيات بمدينة غزة، جراء إطلاق نار صهيوني استهدف المنطقة نفسها التي سبق أن انسحب منها الاحتلال ضمن اتفاق إطلاق النار.
وفي جنوب القطاع، نقل 3 فلسطينيين إلى مستشفى ناصر في خان يونس بعد استهدافهم من مسيرة صهيونية شرقي المدينة، حيث لا يزال جيش الاحتلال متمركزا.
ومع سريان اتفاق وقف النار، انسحبت القوات الصهيونية جزئيا من مناطق مختلفة بقطاع غزة إلى مواقع تمركز جديدة داخل القطاع باتت تُعرف بمناطق «الخط الأصفر»، والتي تغطي أكثر من 50 بالمائة من مساحة القطاع.
وفي 10 أكتوبر الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار، تخرقه القوات الصهيونية يوميا ما أسفر عن استشهاد 411 فلسطينيا وإصابة 1112 آخرين، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة مساء الاثنين.
ضغوط لإدخال البيوت الجاهزة
على الصّعيد الإنساني، قالت حركة حماس إنّ «استمرار انهيار المباني التي قُصفت خلال حرب الإبادة على قطاع غزة وسقوطها على رؤوس ساكنيها، يعكس تفاقم المخاطر المحدقة بالأوضاع الإنسانية في القطاع، تزامنا مع تشديد الحصار الصهيوني ومنع عمليات الإعمار، وعدم السماح بإدخال مستلزمات الإيواء المناسبة».
وفي هذا السياق، قالت مصادر مصرية إنّ الوسطاء يضغطون على الجانب الصهيوني للسماح بإدخال غرف سكنية متنقلة لإيواء العائلات، خاصة التي تضم مرضى يعانون أوضاعًا صحية صعبة.
من ناحية ثانية، أفاد مراسلون بأنّ جيش الاحتلال يلاحق ويطلق النار باتجاه قوافل المساعدات التي تتجه إلى شمال القطاع. وأضاف المراسلون بأنّ الجيش الصهيوني يلاحق أيضاً الصيادين الذين يسعون لكسب عيشهم في بحر غزة.
هدم منزل شهيد في نابلس
على صعيد آخر، هدمت قوات الاحتلال الصهيوني أمس الأربعاء، منزل شهيد في بلدة بزاريا شمال غرب نابلس.
وقامت جرافات الاحتلال بهدم منزل الشهيد مالك إسماعيل سالم، والذي استشهد في جويلية الماضي برصاص الاحتلال جنوب بيت لحم.
وفي سياق متصل، اعتدت قوات الاحتلال فجر أمس، على امرأة تبلغ من العمر (45 عاما)، خلال اقتحام مخيم عسكر الجديد شرق نابلس. كما نفّذت قوات الاحتلال حملة اعتقالات في مخيم عسكر القديم، طالت كلا من بدر سعدات، مؤمن أبو مسلم، ورامي عودة.
ومنذ بدء حرب الإبادة على غزة التي استمرت عامين، أدى التصعيد الصهيوني في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، إلى استشهاد ما لا يقل عن 1103 فلسطينيين، وإصابة قرابة 11 ألفا، واعتقال ما يفوق 21 ألفا.




