يشكّل موسم جني الزيتون في الجزائر حدثاً فلاحياً ومناسبة اجتماعية ومحطة اقتصادية بالغة الأهمية، كونه يحمل أبعاداً تنموية تتجاوز الطابع الموسمي إلى مساهم فعلي في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المحلية خاصة في المناطق الريفية والجبلية، فالزيتون ليس مجرّد محصول زراعي، بل يراه البعض جزءًا من الهوية الفلاحية والثقافية الجزائرية، ورافدا حيويا لتحريك عجلة التنمية وخلق فرص العمل وتحقيق قيمة مضافة حقيقية على مستوى الولايات المنتجة للزيتون.
أوضح رئيس لجنة الفلاحة بالمجلس الشعبي لولاية تندوف، طاهر بلعيد، أن الأثر الإيجابي لموسم جني الزيتون لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد إلى البُعد الاجتماعي والثقافي كونه عامل مهم في تعزيز التضامن داخل المجتمعات المحلية خاصةً الريفية منها.
وأشار المتحدّث الى أن توفير الآليات والدعم التقني وتسخيرها لإنجاح مواسم جني الزيتون، من شأنها رفع المردودية والمساهمة في توسيع دائرة التنمية لتشمل أكبر عدد ممكن من القرى المحلية، مؤكّداً في الوقت ذاته أن الزيتون في الجزائر ينقسم الى صنفين رئيسيين، زيتون مخصّص للأكل وآخر ذو جودة أعلى موجّه للعصر ويتركّز إنتاجه بولايتي تيزي وزو وبجاية اللتان تعدّان من أبرز الأقطاب الفلاحية في هذه الشعبة.
وتابع رئيس لجنة الفلاحة بالمجلس الشعبي لولاية تندوف قوله أن لشجرة الزيتون دور مهم في تحريك التنمية المحلية في القرى الجبلية والمناطق الريفية، من خلال توفير مناصب شُغل مؤقتة ودائمة، خاصةً لفئتي الشباب والنساء، ناهيك عن تنشيط الصناعات المرتبطة به.
وعرّج بلعيد إلى الحديث عن آفاق زراعة الزيتون بولايات الجنوب، مشيداً بالدعم السخي الذي أقرّته السلطات العليا لفائدة فلاحي الجنوب، والذي أفضى إلى ظهور بوادر إنتاج وفير للزيتون بهذه المناطق، وقال بان شجرة الزيتون حديثة العهد نسبياً بولايات الجنوب، غير أن الدعم الذي تقدّمه الدولة لشعبة الزيتون يفتح ـ حسبه – آفاقاً واعدة لتوسيع المساحات المزروعة ويوسّع دائرة المهتمين بزراعته بالجنوب، بما يسمح ـ في رأي المتحدّث – بخلق ديناميكية فلاحية جديدة وتنمية محلية قائمة على استغلال الموارد الطبيعية المتاحة.
ودعا بلعيد الشباب إلى الاستثمار في الفلاحة باعتبارها خياراً استراتيجياً واعداً، مجدّداً التأكيد على أن قطاع الفلاحة ببلادنا يعدُّ خزاناً غير مستغل للفرص الحقيقية للنجاح، لا سيما في ظل دعم الدولة السخي ومرافقتها للمستثمرين مالياً وإدارياً، وهو ما يعكس الرؤية التنموية التي تعتبر الفلاحة ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي، ودافعاً قوياً لتنويع الاقتصاد الوطني، وأداة فعّالة لتثبيت السكان في الأرياف.
ونوّه الى أن موسم جني الزيتون يُعدُّ أحد النماذج الناجحة للأنشطة الفلاحية القادرة على ربط التنمية المحلية بالاقتصاد الوطني، وهي جزء من رؤية شاملة تضع الفلاحة والفلاّح في بوتقة واحدة خدمةً للاقتصاد الوطني، وتفتح آفاقاً جديدة أمام سكان القرى الفلاحية والأرياف للمساهمة في بناء اقتصاد منتج ومستدام.
وخلُص المتحدّث إلى أن زراعة الزيتون بولايات الجنوب تفتح آفاقاً واعدة في ظلّ توجّه الدولة إلى تنويع الإنتاج وتثمين الموارد المحلية وتوسيع المساحات المزروعة. فرغم حداثة وجود شجرة الزيتون بولايات الجنوب، إلا أن التجارب الميدانية ـ يقول المتحدّث – أثبتت قدرة هذه الشجرة على التأقلم مع الظروف المناخية لولايات الجنوب، ما ينبئ بتحوّل هذا النشاط الفلاحي الى نشاط اقتصادي مستدام بولايات بالجنوب.


