تألقت مسرحية “ذيك الليلة” للكاتب الصحفي سيد أحمد سهلة وإخراج المسرحي محمد فريمهدي، في عرضها الأول والثاني، مؤخرا على ركح المسرح الجهوي لوهران “عبد القادر علولة”، والتي من المقرر أن تشارك في منافسات المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر العاصمة في 30 من شهر ديسمبر الجاري.
لقي العمل المسرحي “ذيك الليلة” في عرضه الأول تجاوبا كبيرا من محبي الفن الرابع بوهران، الذين استمتعوا بفصول مسرحية أعادهم بها الكاتب الصحفي أحمد سهلة إلى أحداث أليمة، في قالب اجتماعي ودرامي يحاكي الخوف والشجاعة والصبر والصمود دفاعا عن العرض والعائلة والحياة والوطن.
ومن خلال “ذيك الليلة” يعود العرض المسرحي بالجمهور إلى تلك الحقبة الأليمة، من خلال حكاية “نجادي” رب عائلة، تضعه الحياة والأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها البلاد آنذاك، ذات ليلة في قرية صغيرة أمام اختبار المقاومة من أجل البقاء.
يجد “نجادي” نفسه هو وعائلته محاصرا في بيته من قبل مجموعة مسلحة تحاول النيل من حياته وحياة أسرته ومن عرضه وكل ما يملك.. ليقاوم هو بكل بسالة وشجاعة ساعات طويلة بدت وكأنها زمن طويل.
وتتطوّر الأحداث بعد تلك الليلة المشؤومة وتتسارع، من خلال شقين: شخصية نجادي الأولى “نجادي الأب والإنسان الذي دافع ببسالة وعاش رعب وفظاعة محاولة الإرهابيين اقتحام منزله، والشخصية الثانية الممثلة في ضمير نجادي الذي ظل يخاطبه ويحاول مساعدته على تخطي الصدمة العميقة طيلة 15 سنة من الزمن.
القصة مستوحاة من أحداث حقيقية، ترجمها الكاتب الصحفي أحمد سهلة في حوار شيق بين الشخصيات، خاصة تلك المزدوجة للبطل “نجادي”، مستعملا اللهجة الجزائرية والأمثال الشعبية التراثية، إضافة إلى شخصية “القوال” التي اعتمدت الانتقال بالجمهور عبر فصول المسرحية ومواقفها المتميزة بين رعب ليلة الهجوم المسلح على بيت نجادي، إلى أجواء غرفة تحقيق بعد مرور 15 سنة على الواقعة وتوقيف “نجادي” للتحقيق معه، حول قضية إجهاض فتاة اختطفتها المجموعة التي حاولت اقتحام مسكنه..
وقد تقاسم أدوار مسرحية “ذيك الليلة” كل من الفنانة حورية زاوش، الفنان أحمد العوني، مصطفى مراتية، يوسف قواسمي وبوحجر بن طيب، ووضع المخرج المسرحي محمد فريمهدي عليها لمسته بقوة، مسجلا بذلك نجاحا آخر في تعاونه المثمر مع الكاتب سيد أحمد سهلة.
اعتمد المخرج محمد فريمهدي على ديكور رمادي ذي دلالات رمزية، عزّزته موسيقى تأملية رافقت العرض من بدايته إلى نهايته، وأسهمت في خلق مناخ بصري وسمعي متقشف يعكس التوترات الداخلية للشخصيات ويمنح العمل عمقاً نفسياً يتجاوز السرد المباشر.
وتخلّل العرض حضور لافت لمقاطع كوريغرافية أدّاها أربعة راقصين شباب من الباليه، هم فورين حسام الدين، مغربي صلاح الدين، عزوز أنور وموفق مروة، حيث جاءت الحركات الجسدية منسجمة مع الإيقاع العام للمسرحية، ومثّلت امتداداً درامياً للنص، عبّرت من خلال الجسد عن ما تعجز عنه الكلمات.
للإشارة، تعد مسرحية “ذيك الليلة” آخر إنتاجات المسرح الجهوي عبد القادر علولة، ومن المنتظر وفق ما صرح به مدير المسرح الجهوي لوهران مراد سنوسي، أن تخوض مسرحية “ذيك الليلة” يوم 30 ديسمبر الجاري، منافسات المهرجان الوطني للمسرح المحترف، في العاصمة بعدما تمّ عرضها الأول والثاني بوهران، خلال الأسبوع الثالث من شهر ديسمبر الجاري. كما تم ـ حسب تصريحات ـ الكاتب أحمد سهلة ترجمة المسرحية على شكل رواية من قبل الكاتب الكبير رشيد بوجدرة.





