أرحاب: تعزيـز التّنسيـــق والتّكامــل بــين قطاعــي التّكويــن المهنـي والطّاقــة
في إطار مساعي الدولة الرامية إلى مواءمة منظومة التكوين مع متطلبات المشاريع الإستراتيجية الكبرى، تطرح وزارة التكوين والتعليم المهنيين، مقاربة مهنية جديدة لمواكبة مشروع غارا جبيلات، أحد أعمدة التحول الاقتصادي الوطني في شعبة المناجم.
نظّمت أشغال ورشة عمل متخصّصة، خُصّصت لتحيين برامج التكوين والتعليم المهنيين المرتبطة بشعبة المناجم والطاقة، عرفت حضور كريمة بكير طافر، كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمناجم المكلفة بالمناجم، إلى جانب خبراء وإطارات من إدارتي القطاعين.
وفي السياق، أبرزت نسيمة أرحاب أهمية تعزيز التنسيق والتكامل بين قطاعي التكوين المهني والمناجم والطاقة، معتبرة أن الرهان الحقيقي لا يقتصر على إنجاز المشاريع فحسب، بل يكمن أساسًا في التحضير الاستباقي للموارد البشرية القادرة على مرافقتها وضمان استدامتها. وشدّدت في هذا السياق على ضرورة توفير يد عاملة مؤهلة تمتلك المهارات التقنية والتطبيقية التي تسمح لها بالاندماج الفوري في مختلف مراحل المشاريع المنجمية.
وأوضحت أرحاب أنّ هذه المقاربة من شأنها دعم التنمية المحلية بولاية تندوف، وخلق ديناميكية اقتصادية واجتماعية مستدامة، فضلًا عن تعزيز التوجه الوطني نحو الاستغلال العقلاني والفعّال للثروات الطبيعية. كما أبرزت أن المبادرة تندرج في صميم توجيهات وإستراتيجية رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الهادفة إلى تثمين الموارد الطبيعية الوطنية، وتحويلها إلى رافعة حقيقية للنمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.
وتراهن المقاربة المعتمدة على توطين المشاريع الإستراتيجية الكبرى، وفي مقدمتها مشروع غارا جبيلات، وتعزيز السيادة الاقتصادية من خلال الاستثمار في المورد البشري الوطني وتأهيل الكفاءات المحلية.
ويجري التركيز، في هذا الإطار، على المناطق الحدودية، باعتبارها فضاءات ذات أولوية تنموية، وجعل التكوين والتعليم المهنيين أداة عملية وفعّالة لمرافقة التحولات الاقتصادية الكبرى، ورافعة للتنمية المستدامة على المستويين المحلي والوطني.
وتمحورت أشغال الورشة حول تجسيد خطة عمل قطاعية تهدف إلى تطوير فعلي لقطاع المناجم بولاية تندوف، لاسيما فيما يتعلق بالمشاريع المنجمية الكبرى، وعلى رأسها منجم غارا جبيلات، سواء من حيث القدرات الإنتاجية النوعية والكمية أو من حيث جاهزية الموارد البشرية. ويتطلّع القطاع، من خلال هذه الخطة، إلى التحديد الدقيق للكفاءات المهنية المطلوبة، وتحيين منظومة التكوين المهني عبر مراجعة البرامج، وتكوين المكوّنين، وعصرنة التجهيزات البيداغوجية.
كما طرحت الورشة مسألة تعزيز توجيه المتمهنين نحو التخصصات ذات البعد المهني المرتبط مباشرة بسلسلة القيم المنجمية، تحسّبًا لانطلاق المشاريع ودخولها مراحل الإنتاج. وفي هذا الإطار، جرى التأكيد على تخصيص معهد وطني متخصص بولاية تندوف ليكون قطبًا مرجعيًا للتكوين في مهن المناجم والطاقة، بما يسمح بتركيز الخبرة والمعرفة التقنية في المنطقة نفسها.
ويبرز، من خلال هذه التوجهات، تطلع السلطات العمومية إلى تكوين كفاءات وطنية عالية التأهيل، ودعم الإدماج المهني للشباب المحلي، ومرافقة المشاريع المنجمية الاستراتيجية وفق مقاربة استباقية ومستدامة، تقلّص الاعتماد على الخبرة الأجنبية وتعزّز نقل المعرفة.
وفي السياق ذاته، قدّم مدير التكوين والتعليم المهنيين لولاية تندوف، عرضًا حول راهن القطاع، استعرض فيه واقع التكوين في مجال المناجم، مشيرًا إلى مشاريع مصنع غارا جبيلات ومصنع المعالجة بتندوف، مع إبراز التحديات المطروحة والآفاق المستقبلية المرتبطة بتأهيل الموارد البشرية المحلية. كما ناقش المشاركون آليات إثراء وتحيين مدونة التخصصات للتكوين المهني المرتبطة بشعبة المناجم، سواء في ما يخص التكوين المتوّج بشهادة أو التكوين التدعيمي والتأهيلي.
ونوّه المتدخّلون، في ختام الأشغال، بضرورة ضمان جاهزية الكفاءات الوطنية واستجابتها لحاجيات السوق الوطنية ومتطلبات الاستثمار المنجمي الحديث، معتبرين أن نجاح المشاريع الكبرى، وفي مقدمتها غارا جبيلات، يبقى مرهونًا بمدى قدرة منظومة التكوين على استباق التحولات الاقتصادية، وتحويلها إلى فرص تنمية حقيقية ومستدامة.


