٦٠٠ مؤسّســة ترسـم ملامح المنظومـــة الصناعيـــة التنافسيــة
نجاح اقتصـادي وتجـــاري يعـزّز ثقـــة الشركــاء في المنتـج الوطنـــي
توّجت الطبعة الثالثة والثلاثين لمعرض الإنتاج الجزائري، بنجاح لافت على المستويين الاقتصادي والتجاري، وتجلّى ذلك من خلال الإقبال الكبير على المنتج الوطني وتوقيع عدة اتفاقيات وشراكات بين المؤسّسات المشاركة، كما ساهم المعرض في تعزيز التواصل بين المنتجين والمستثمرين وفتح فرص جديدة للتعاون وتوسيع النشاط الاقتصادي.
شهدت التظاهرة مشاركة أكثر من 600 مؤسّسة من مختلف القطاعات، ما عكس تنوع الصناعة الوطنية وقدرتها على التطور والمنافسة، مؤكّدة في مجملها أنّ المعرض حقّق أهدافه وترك أثرا إيجابيا يعزّز الثقة في الاقتصاد الجزائري، كما أسهم في فتح آفاق جديدة للشراكات والاستثمار ودعم المنتَج الوطني وتعزيز حضوره في السوقين المحلية والدولية.
من جهته، قال المستشار الدولي في التنمية الاقتصادية، عبد الرحمن هادف، في تصريح لـ«الشّعب”: إنّ “الحدث تحول إلى منصة استراتيجية لإبرام الصفقات وبناء الشراكات، وهو تجسيد واضح لرؤية الدولة في تنويع الاقتصاد وتحقيق استقلالية تدريجية عن عائدات المحروقات، من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وتطويره تقنيا وجودة”.
وقال الخبير إنّ ما برز بوضوح من خلال المعرض هو أنّ الجزائر تخطو بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد منتج ومبتكر، قادر على تعزيز تنافسيته والانطلاق بثقة إلى الأسواق العالمية، في ظلّ تطور ملحوظ للصناعة الوطنية وتزايد الاعتماد على القدرات المحلية، وأضاف أنّ الأنشطة العلمية والندوات المصاحبة أكّدت أهمية الرّقمنة والابتكار في الصناعة الوطنية، حيث ركّزت الجلسات على ضرورة اعتماد معايير جودة عالمية مثل “إيزو” وتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتحسين تنافسية المنتج الوطني وتقليل فاتورة الاستيراد.
هذا التوجّه يعكس – بحسب هادف – سعي القطاع الصناعي الوطني نحو التحول النوعي، وتأكيد دور الابتكار كعامل أساسي في تعزيز السّيادة الصناعية والاقتصادية، بالإضافة إلى التكامل المحلي من خلال بناء سلاسل قيمة وطنية متينة.
وتجلّت روح التكامل بين الفاعلين الاقتصاديّين خلال المعرض -يؤكّد محدثنا- من خلال اتفاقيات الشراكة والتعاون المتعدّدة، التي تمّ توقيعها بين مؤسّسات وطنية عمومية وخاصة، تهدف إلى تعزيز التكامل المحلي وإقامة سلاسل قيمة وطنية قوية، ولم تقتصر هذه الشراكات على تبادل المنتجات فحسب، إنما تعدّت إلى مجالات نقل التكنولوجيا، تبادل الخبرات، وإدماج الشركات الصغيرة والمتوسّطة في سلاسل الإنتاج الأكبر، ما يُسهم في تعزيز منظومة صناعية قادرة على المنافسة خارجيا وتقليل الاعتماد على الواردات.
وبرزت مشاركة مجموعة من الحاضنات ومسرّعات الأعمال، مثل”ألجيريا فونتير” التي عزّزت حضورها في المعرض من خلال دعم المشاريع الابتكارية وربط الشركات الناشئة بالفاعلين الصناعيّين الكبار، وأضاف محدثنا أنّ هذا يعزّز من إدماج الشركات الصغيرة في سلسلة القيمة الوطنية، كما كانت مشاركة شركات الاتصالات مثل “أوريدو الجزائر”، وهي مثال على أهمية تكامل القطاع الرّقمي مع القطاعات الصناعية المختلفة، من خلال تقديم عروض وخدمات رقمية متقدّمة للزوار والمشاريع الصغيرة والمتوسّطة، وتسهيل تواصلها مع شركاء محتملين.
وأكّد هادف أنّ هذه الشراكات المحلية تمثل خطوة استراتيجية لتحسين كفاءة منظومة الإنتاج وتقليل التكاليف، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتج الوطني داخل السوق المحلية والإقليمية، كما أنها تدفع باتجاه تطوير مواد أولية محلية وتقنيات صناعية حديثة.
وأوضح محدثنا أنّ الاتفاقيات وعقود التمويل التي أُبرمت خلال المعرض كان لها أثر مباشر في دعم المشاريع الصناعية وتشجيع المؤسّسات الناشئة، حيث وجّهت الاستثمارات نحو مجالات حيوية كالصناعات التحويلية والميكانيك والتكنولوجيا الرّقمية، ما ساهم في توفير مناصب عمل جديدة وتعزيز التوجّه نحو اقتصاد منتج لا يعتمد فقط على المحروقات.
وقال هادف إنّ المعرض نجح في توسيع حضوره خارج الحدود الوطنية، من خلال إبرام شراكات مع مؤسّسات من دول إفريقية مختلفة، الأمر الذي يمنح الشركات الجزائرية فرصا حقيقية لدخول أسواق القارّة والاستفادة من منطقة التجارة الحرّة الإفريقية، التي تمثل فضاءً استهلاكيا واسعا، هذا التوجه يعزّز مكانة المنتج الجزائري ويدعم دوره في تنشيط الاقتصاد على المستوى الإفريقي.
وختم هادف بالتأكيد على أنّ الطبعة الثالثة والثلاثين لمعرض الإنتاج الجزائري شّكلت خطوة مهمة نحو بناء اقتصاد منتج وقادر على التكيّف مع تحديات المستقبل، وأوضح أنّ اعتماد شعار “الجزائر تصنع مستقبلها”، إلى جانب دعم التكامل المحلي، وتوجيه التمويل نحو القطاعات المنتجة، والانفتاح على الأسواق الإفريقية، يعكس قدرة الجزائر على تحويل أهدافها الاقتصادية إلى إنجازات فعلية، تساهم في تحقيق نمو مستدام وتعزّز مكانتها بين الدول الصناعية الصاعدة إقليميا ودوليا.







