ضمان تمثيـل أوسـع وأكـثر مصداقيـة للمواطنـين
يستعدّ البرلمان بغرفتيه، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، لخوض مرحلة تشريعية بالغة الأهمية خلال سنة 2026، من خلال مناقشة والمصادقة على حزمة من مشاريع القوانين التي تمثل ركيزة العمل السياسي في البلاد، لارتباطها المباشر بإصلاح المنظومة السياسية والقانونية وتعزيز مسار بناء دولة المؤسسات، وذلك في سياق وطني وإقليمي يتطلب مزيدا من التحصين القانوني والاستقرار التشريعي.
ينتظر أن يحظى قانونا الأحزاب السياسية والانتخابات بنقاش واسع داخل قبة البرلمان، بالنظر إلى الدور المحوري الذي يلعبانه في تنشيط الحياة السياسية. ويراهن على هذين النصين لإعادة الثقة في الفعل السياسي، وضمان منافسة انتخابية نزيهة وشفافة، وخلق بيئة قانونية ملائمة تحسبا للانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في شهر جوان القادم. ويُرتقب أن تتضمن هذه القوانين آليات جديدة لضبط الممارسة السياسية، وتعزيز الديمقراطية الداخلية للأحزاب، وضمان تمثيل أوسع وأكثر مصداقية للمواطنين.
وفي سياق متصل، كان المجلس الشعبي الوطني قد صادق مؤخرا على خمسة مشاريع قوانين وُصفت بالهامة والاستراتيجية. ويأتي في مقدمتها مشروع قانون تجريم الاستعمار، الذي يحمل بعدا رمزيا وتاريخيا عميقا، ويجسد إصرار الدولة الجزائرية على تثبيت الذاكرة الوطنية والدفاع عن الحق التاريخي للشعب الجزائري، في إطار مقاربة قانونية وسيادية تستند إلى الشرعية التاريخية والقانون الدولي.
وحظي مقترح القانون الذي بادر به نواب الغرفة الأولى للبرلمان والذي توفرت له الإرادة السياسية، بمباركة الأحزاب السياسية، التي وصفته بالخطوة الفارقة، التي كرست الوفاء للذاكرة الوطنية، ورسالة الشهداء والمجاهدين.
واعتبرت الأحزاب السياسية هذا النص دليلا قطعيا على اتخاذ الجزائر مسارا سياديا في صون ملف الذاكرة، وحمايتها من التشويه أو التزوير أو التوظيف المقيت من قبل قوى الشر الحاقدة على كل ما هو جزائري.
كما صادق النواب على تعديل الأمر المتعلق بالجنسية الجزائرية، وهو تعديل يهدف إلى تكييف النص القانوني مع القانون الدولي وتحصين الأمن الوطني للبلاد ومصالح الشعب الجزائري، من تصرفات أشخاص أجانب باعوا ذمتهم لجهات معادية وقطعوا كل الأواصر مع وطنهم، كما يضمن التعديل الحفاظ على الثوابت الوطنية ومتطلبات السيادة. ويرى مختصون أن هذا التعديل يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين مسؤولية حماية الأمن القومي للبلاد ومتطلبات الولاء للوطن.
ومن بين النصوص المصادق عليها أيضا، مشروع قانون المرور، الذي يندرج في إطار تحسين السلامة المرورية والحد من حوادث الطرقات، من خلال تشديد العقوبات وتحديث القواعد التنظيمية بما يتماشى مع الواقع الميداني. أما القانون الأساسي للقضاء، فيُعد خطوة محورية نحو تعزيز استقلالية السلطة القضائية وتحسين الظروف المهنية للقضاة، بما ينعكس إيجابا على أداء العدالة وترسيخ دولة القانون.
ويؤكد هذا الحراك التشريعي المتسارع أن البرلمان مدعو أكثر من أي وقت مضى للاضطلاع بدوره الدستوري كاملا، ليس فقط من خلال المصادقة على النصوص، بل عبر نقاش معمق ومسؤول يضمن جودة التشريع واستجابته لانشغالات المجتمع، في إطار رؤية إصلاحية شاملة تقودها السلطات العليا للبلاد.



