ضمان استمرارية نظام الاقتراع وحماية شفافية العملية الديمقراطية
أمر السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإعادة النظر في التعديلات المرتقب إدراجها على القانون العضوي للانتخابات، ووجه دراستها بدقة متناهية، مشيرا إلى أنها ذات طابع تقني بحت، ودعا في الوقت ذاته، إلى ضرورة الفصل بين ما هو شكلي وما يمس جوهر القانون، لضمان استمرارية النظام الانتخابي وحماية نزاهة العملية الديمقراطية.
جاءت تعليمات رئيس الجمهورية، لدى ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، الأخير، أين أكد التوجه نحو القيام بمراجعة «تقنية بحتة» لقانون الانتخابات، ومن أجل القيام بالعملية على أكمل وجه، أمر بتوخي الدقة والعناية الفائقة للتعديلات المنتظر إدراجها.
ولاشك، أن مراجعة القانون في بعض جوانبه التقنية، نابع من الإرادة السياسية، في تصحيح بعض النقائص التي أظهرتها التجارب العملية للقانون العضوي الانتخابي، في المواعيد الانتخابية الماضية، والتي يمكن معالجتها من خلال تعديلات دقيقة.
وفي هذا الإطار، أكد الأستاذ والمحلل السياسي، د. حكيم بوغرارة، أن إعادة النظر في التعديلات الأخيرة أصبحت ضرورية لضمان فعالية العملية الديمقراطية ونزاهتها، مشيرا إلى أن المواعيد الانتخابية السابقة أظهرت بعض الثغرات في الإجراءات الشكلية المتعلقة بتسجيل المترشحين وآليات الطعون، إضافة إلى الجوانب التقنية الخاصة بمتابعة سير الانتخابات في الميدان.
وأشار بوغرارة إلى أن القانون الحالي فعّال، لكنه يحتاج إلى تحديث بعض مواده لمواكبة التجارب الجديدة وتحديات المستقبل، مضيفا أن أي تعديل في القانون يجب أن يوازن بين معالجة الاختلالات الشكلية وتحسين الأداء دون المساس بجوهر النظام الانتخابي، مفيدا بأن التعديلات الشكلية تساعد على تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل الأخطاء، بينما تحتاج التعديلات الجوهرية إلى دراسة شاملة لجميع الجوانب القانونية والإدارية والتقنية لضمان الشفافية والأمان في جميع مراحل العملية الانتخابية.
وأكد المتحدث أن المسار المتوازن بين الشكل والجوهر يجعل القانون العضوي أكثر ملاءمة للواقع ويعزز فعالية الانتخابات المقبلة، مبرزا أن بعض الإجراءات الشكلية قد تؤخر معالجة الطعون أو تسجيل المترشحين، وهو ما يستدعي ضبط الآجال وتنظيم الإجراءات بدقة. ودعا إلى ضرورة معالجة هذه الثغرات من خلال تنظيم دقيق للملفات والطعون، مع التحضير للتعديلات الجوهرية بمقاربة شاملة تضمن سلامة العملية ووضوحها لكل الجهات المشاركة.
وبيّن بوغرارة أن تطوير القانون العضوي بطريقة متوازنة يتيح دمج التجربة الميدانية مع التعديلات القانونية، بما يحسن الأداء الانتخابي دون المساس بثوابت القانون، ويضمن أن تظل العملية الانتخابية شفافة وآمنة. وأكد أن هذه المقاربة تعزز ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة وتضمن فعالية الإجراءات الإدارية والتنظيمية في كل مرحلة.
ولفت المحلل السياسي إلى أن مراجعة التجارب السابقة تساعد على معالجة الاختلالات الإجرائية بسرعة، فيما يتم التحضير للتعديلات الجوهرية بطريقة مدروسة تضمن سلامة الإجراءات ووضوحها لكل الجهات، وبذلك يرتفع مستوى المصداقية وتزداد ثقة المواطنين في العملية الانتخابية.
وأضاف أن الفصل بين الشكل والجوهر لا يقتصر على الجوانب التقنية، بل يمثل عنصرًا أساسيًا في تحديث القانون وتحقيق توافقه مع التجربة العملية، لافتا بأن الفصل يساعد على تبسيط الإجراءات الشكلية دون التأثير على جوهر القانون، كما يتيح معالجة التحديات التقنية الحديثة مثل إدخال التصويت الإلكتروني بأسلوب دقيق ومدروس.
وأوضح بوغرارة بأن المرونة القانونية المصحوبة بالدقة التنظيمية تمنح جميع الأطراف المشاركة وضوحًا في مهامها، وتضمن أن تتم العملية الانتخابية المقبلة في بيئة قانونية واضحة ومستقرة، تعكس التزام الدولة بالنزاهة والمصداقية.
ولفت محدثنا إلى أن التعديلات الشكلية لا تعني تغييرات جوهرية، بل هي إجراءات تنظيمية لتسهيل العمل الإداري، فيما تتطلب التعديلات الجوهرية إعدادًا معمقًا لضمان سلامة العملية الانتخابية. وأوضح أن هذه المقاربة تضمن أن الانتخابات المقبلة منظمة وفق أعلى معايير الشفافية والمصداقية، مع معالجة أي اختلالات محتملة في النظام الانتخابي.
وأضاف الأستاذ قائلا: «الهدف النهائي من هذه الإستراتيجية هو جعل القانون العضوي أداة قوية لإدارة العملية الانتخابية، تجمع بين حماية الثوابت القانونية ومواكبة التطورات الحديثة، بما يعزز ثقة المواطنين ويضمن سير الانتخابات بسلاسة وفعالية، ولفت إلى أن هذه الرؤية تتيح مواجهة المستجدات المستقبلية دون المساس بالاستقرار القانوني، مع الحفاظ على نزاهة العملية الديمقراطية».







