أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، أمس الاثنين، ارتفاع عدد الفلسطينيّين الذين لقوا مصرعهم بفعل المنخفضات الجوية منذ بدء ديسمبر الجاري إلى 25 شخصا، بينهم 6 أطفال قضوا بفعل البرد القارس، وجاء ذلك في بيان صدر عن متحدث الدفاع المدني محمود بصل، سلّط فيه الضوء على تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع جرّاء المنخفضات.
قال بصل في البيان: “أسفرت تداعيات المنخفضات الجوية عن وفاة 25 مواطنا، من بينهم 6 أطفال قضوا نتيجة البرد القارس، فيما توفي الآخرون جراء انهيارات المباني والسقوط في آبار وبرك تجميع مياه الأمطار”.
هذا، ووسط عاصفة شتوية عنيفة تضرب قطاع غزة، اقتلعت الرياح خياما أقامها نازحون فلسطينيّون من القماش والنايلون، وتمايلت أخرى تحت ضغط الأمطار الغزيرة والهواء، بينما حاول أصحابها تثبيت ما تبقى من مأوى هش بأيديهم العارية، بحثا عن حماية مؤقتة من البرد والمطر.
وتظهر مقاطع فيديو نشرها رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، رجالا يتعثّرون في الوحل والمياه الراكدة وهم يسندون أعمدة خيام تكاد تقتلعها الرّياح، في صورة تختزل هشاشة الحياة اليومية لآلاف الفلسطينيّين، الذين نجوا من حرب الإبادة الصّهيونية، ليجدوا أنفسهم مجدّدا أمام طقس قاسٍ دون أي وسائل حماية.
بـرك موحلــة
داخل الخيام، لا يبدو المشهد أقل قسوة، إذ تغمر مياه الأمطار الأرضيات، محولة المساحات الضيقة إلى برك موحلة، فيما تتكدّس الأغطية والأمتعة القليلة على الأطراف في محاولة لإنقاذها من البلل.
وفي مشاهد أخرى نشرها معروف، تظهر خيام غارقة بالمياه وجدران من النايلون رقيقة لا تقي من برد الليل ولا من تسرّب المطر.
وقال معروف، على حسابه بمنصة شركة “إكس”: “هكذا يقضي سكان غزة لياليهم الشتوية وسط العواصف الماطرة والرياح العاتية”.
ويُظهر مشهد على شاطئ مدينة خان يونس، جنوبي القطاع غرق عدد من خيام النازحين خلال الليلة الماضية، بعدما جرفت الأمطار والرّياح القوية أجزاء منها نحو البحر، فيما يحاول فلسطينيون البحث بين المياه والأوحال عن ما تبقى من أمتعتهم، في ظلّ ظروف جوية قاسية.
تضرّر 235 ألــف شخص
في تدوينة على منصة “إكس”، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين “الأونروا”: “مزيد من الأمطار، مزيد من المعاناة الإنسانية واليأس والموت”.
وأضافت أنّ “الطقس الشتوي القاسي يفاقم أكثر من عامين من المعاناة، ففي غزّة يكافح الناس للبقاء على قيد الحياة داخل خيام هشة غارقة بالمياه وبين الأنقاض”. وتابعت الوكالة: “لا شيء حتميّا في هذا الواقع، إذ لا يُسمح بإدخال المساعدات بالحجم المطلوب”.
وقالت “أونروا” إنّ نحو 235 ألف شخص في قطاع غزّة تضرّروا جرّاء منخفض “بايرون” الجوي، الذي أدى لانهيار مبانٍ وتضرّر خيام خلال الفترة بين 10 و17 ديسمبر الجاري.
كارثــة متجــدّدة
بدوره، قال حسني مهنا، المتحدث باسم بلدية غزة، إنّ “البلدية تعمل في ظروف استثنائية بالغة الصعوبة، مع دمار واسع في البنية التحتية وانهيار شبه كامل في قدرتها التشغيلية، ما يحول كل منخفض جوي إلى حالة طوارئ إنسانية”.
وأضاف مهنا أنّ “البلدية تعمل بإمكانات شبه معدومة، وتعتمد على آليات قديمة لا تتجاوز قدرتها التشغيلية 15 بالمائة ممّا كان متوفرا قبل الحرب، بعد تدمير 135 آلية ومركبة كليا أو جزئيا”.
وفــاة رضيـــع جـرّاء الــبرد
هذا، وأعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، أمس الاثنين، وفاة رضيع فلسطيني جرّاء انخفاض شديد في درجات الحرارة، بالتزامن مع موجة برد تضرب القطاع. وقالت الوزارة، في بيان، إنّ الرّضيع أركان فراس مصلح، البالغ من العمر شهرين، توفي نتيجة البرد الشديد.
وأضافت أنّ عدد الوفيات التي وصلت إلى المستشفيات بسبب البرد الشديد في غزة ارتفع إلى 3 أطفال (منذ بداية ديسمبر الجاري).
على الجانب العسكري، أصاب الجيش الصّهيوني، أمس الاثنين، 3 فلسطينيّين إثر استهداف مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، في منطقة انسحب منها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وما يزال الجيش الصّهيوني يسيطر على الشريطين الجنوبي والشرقي من القطاع، إضافة إلى أجزاء واسعة من شمال غزة، مواصلا احتلال قرابة 60 بالمائة من مساحة القطاع.
نتنياهـــو يخشـى المرحلــــة الثانيـة
سياسيا، تترقب غزّة ما سيؤول إليه اجتماع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، برئيس حكومة الاحتلال الصّهيوني، في ظل الحديث عن ضغوط أمريكية مرتقبة قد تدفع نتنياهو للدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وهو استحقاق يتنصل منه الأخير، متذرّعا بآخر جثة لأسير صهيوني في غزة.
و بحسب مراقبين، يخشى رئيس الوزراء الصّهيوني، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، المرحلة الثانية من خطة ترامب في القطاع، لأنها تمثل تهديدا مباشرا لاستقرار ائتلافه اليميني أكثر ممّا تشكّل تحدّيا أمنيا.




