ترسيـخ الطابـــع الاجتماعي للدولـــة.. المواطن علــى رأس الأولويـــات
ذاكـرة الشعـب تجـرم الاستعمار الفرنسـي
تشريعـات صارمــة لحفظ الأمــن الوطنــي واستقــراره
قانون الماليـة 2026.. تجسيد الإلتزامات وتحقيق انطلاقــة حقيقيـــة
حمل عام 2025 العديد من التّشريعات الجديدة التي جاءت تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وجسدت التزاماته في ترسيخ الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، وجعل المواطن أولوية أولى وصون كرامته، وقوانين أخرى لتعزيز وديمومة الأمن الوطني والاستعداد لمجابهة أيّة تهديدات أو أخطار محتملة، كما حمل تشريعات تتعلق بحماية الذاكرة الوطنية وصونها، وصون السيادة الوطنية لجزائر عادت إلى الساحة الدولية بشكل لافت وفاعل.
صادق البرلمان الجزائري خلال عام 2025، على العديد من القوانين التي عكست برنامج رئيس الجمهورية، لعل أهمها قانون المالية لسنة 2026، وقانون تجريم الاستعمار الفرنسي إلى جانب قوانين أخرى تهدف إلى حماية الاستقرار الاجتماعي، وضمان ديمومة الأمن الوطني.
رهان الذّاكرة..التّحدّي الرّابح
يعتبر قانون تجريم الاستعمار خطوة تاريخية فارقة في دفاع الجزائر عن ذاكرتها الشعبية وصونها، وحماية الهوية الوطنية من الاستعمار الرمزي، واسترجاع حقوقها وثرواتها المنهوبة إبان الحقبة الاستعمارية من 1830 إلى 1962، باعتباره أداة سيادية وقانونية لتثبيت المسؤولية القانونية لفرنسا عن جرائمها الاستعمارية، وتحقيق العدالة التاريخية كأساس للتعامل مع الماضي، وبناء علاقات راهنة ومستقبلية سليمة ومتوازنة، كما أنّ قرار سن القانون هو قرار سيادي، ويكفله القانون الدولي أيضا، وهو قانون جسّد آمال الشّعب الجزائري الذي ما زال يتذكّر جراحا لم تندمل، كما جسّد إجماعا وطنيا كاملا ومعبّرا عن لحمة وطنية لا نظير لها.
بالنسبة لقانون المالية 2026، فإنّه جسّد رؤية رئيس الجمهورية بجعل العام الجديد “انطلاقة حقيقية” لجزائر تعزّز المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية، من خلال حماية القدرة الشرائية للمواطنين، ورفع الحد الأدنى للأجور، ودعم الفئات الهشّة وتحسين الخدمات العمومية، وتخصيص اعتمادات لمشاريع السكن والنقل والقطاعات الاجتماعية، وكذا تطوير قطاعي المحروقات والطاقات المتجددة لتقوية الأمن الطاقوي، ودعم الاستثمار خارج قطاع المحروقات بتشجيع المؤسسات الصغيرة والناشئة، والتركيز على تعزيز الأمن الغذائي من خلال دعم قطاع الفلاحة، بما يضمن التحوّل نحو اقتصاد أكثر تنوّعا.
لا تراجع عن الطّابع الاجتماعي
وفي إطار تجسيد الرؤية الاجتماعية لرئيس الجمهورية، جاء قانون التقاعد بمرونة في التعامل مع شروط التقاعد ليقر تخفيضات في سن التقاعد والتقاعد المبكر بالنسبة للعاملين في بعض القطاعات، مع امكانية التقاعد المسبق للقطاعات الشاقة، وكذا تدعيم القدرة الشرائية للمتقاعدين من خلال رفع المعاشات بمضاعفة الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون. ولم يختلف الأمر بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تمّ سن قانون خاص بهم يعزّز حقوقهم ويضمن عدم التمييز ضدهم، ويتيح لهم تكافؤ الفرص عبر دمجهم في كافة مناحي الحياة في التعليم والنقل والتوظيف، وتوفير تهيئة عمرانية على مستوى كل المرافق لتسهيل يومياتهم، وحفظ كرامتهم وإشراكهم بفعالية في الحياة العامة من أجل إدماجهم الشامل.
وجاء إقرار قانون التأمينات الاجتماعية بما تضمّن من تعزيز للحماية الاجتماعية، بتوسيع التغطية للعمال غير الأجراء وربات البيوت، وتمديد عطلة الأمومة بالنسبة للنساء العاملات، كما نصّ على رقمنة القطاع لتسهيل المعاملات على المشتركين في الضمان الاجتماعي.
الأمن الوطني..خط أحمر
نظرا للتّحوّلات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، خاصة الدوائر الجيوسياسة للجزائر، فقد كان ضمان ديمومة الأمن الوطني والاستقرار والسيادة، وتأكيد تجاوز التحديات السابقة والوصول بالجزائر إلى برّ الأمان، ضرورة قصوى، فأقرّ رئيس الجمهورية عديد التدابير التي ترجمت في شكل قوانين صادق عليها البرلمان، على غرار قانون التعبئة العامة، المنصوص عليها في المادة 99 من الدستور، وهو يرمي إلى حماية الأمن الوطني الجزائري، وتنظيم التعبئة العامة، وتحديد المسؤوليات وتعزيز الاستعداد الوطني وحماية المواطنين من أية طوارئ، كما صادق البرلمان على قانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية والوقاية منها، بهدف حماية المجتمع من مخاطر المخدرات والمؤثرات العقلية، وتضمن عدة أحكام وإجراءات مشدّدة للوقاية من هذه الآفة ومكافحتها، بلغت حد الإعدام، خاصة عندما يتعلق الأمر باستغلال القصر.
إلى جانب ذلك، ومن أجل تعزيز السيادة الرقمية، تمّ سن القانون المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، الذي يهدف أيضا إلى حماية الأشخاص الطبيعيين في هذا المجال، وكذا تكييف التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية المعمول بها في مجال حماية البيانات الشخصية.
كما تمّت المصادقة على قانون الإجراءات الجزائية الذي يمثل تطورا في السياسة الجنائية للدولة، فقد عزّز المكاسب في مجال حقوق الإنسان والحريات، وعبّر بواقعية عن التزام الجزائر بالمعايير الدولية في منظومتها القانونية، وتمت المصادقة أيضا على القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، المتضمّن جملة من التدابير الرامية إلى حظر نشاط الأشخاص والكيانات الإرهابية، وإجراءات تتعلق بتجميد أو حجز أموالهم ومنع التعامل معهم، بالإضافة إلى تعزيز الأحكام المتصلة بمعاينة الجرائم من طرف ضباط الشرطة القضائية والجهات القضائية، مع إمكانية تشكيل فرق لإجراء تحقيقات متخصصة، لا سيما منها المالية، ويلزم القانون السلطات المختصة بالتعاون وتبادل المعلومات مع نظيراتها بالخارج بشكل تلقائي أو عند الطلب، وفقا للاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف، وهذا تماشيا مع الالتزامات الدولية للجزائر.
وكان آخر القوانين المصادق عليها، والمتعلقة بحماية الأمن الوطني هو تعديل قانون الجنسية، ولقد أقرّ المشرع القانون المعدّل لضبط مسألة التجريد من الجنسية الجزائرية، إثر بروز ممارسات من بعض الجزائريين المقيمين بالخارج، وانحرافات الخطيرة في سلوكاتهم بصفتها أفعالا تهدّد اللحمة الاجتماعية وتمسّ بصورة الدولة الجزائرية، وتعبّر عن تنصّل أصحابها من التزاماتهم الوطنية، حيث يستغل هؤلاء الحماية القانونية لبلدان الإقامة، ما ولّد لديهم شعورا بالإفلات من العقاب، واستخدام الجنسية المكتسبة لضرب الجزائر.
