من المفارقات العجيبة، أنّه في الوقت الذي يخوض فيه العالم أجمع حربا ضروسا ضدّ عدوّ البشرية الغادر، الفيروس كورونا، ويبذل كل إمكاناته لإنقاذ الإنسانية من السّقوط في شرك هذا القاتل الشرس، هناك في المقابل من يتحالف بطريقته الخاصة مع هذا الوحش الغادر ويدعمه في الفتك بأرواح النّاس، من خلال أعمال إرهابية، كنّا نعتقد بأنّها ستتوقّف أو تعلّق على الأقل والوضع الصحّي العالمي يعيش كارثة حقيقية. لكن للأسف الشديد، فإنّ مصّاصي الدّماء مصرّون على مواصلة جرائمهم الفظيعة التي تزرع الموت والفزع والرّعب في منطقة الساحل الإفريقي على وجه الخصوص، ليشكّل الإرهاب وكورونا، بدون سابق موعد، تحالفا للغدر والشرّ وترويع البشرية وإيذائها بأبشع الطرق.
هكذا، إذن، وفي غفلة من المجموعة الدولية المشغولة بالبحث عن وسيلة للتخلّص من مخالب العدو كورونا، تعيش شعوب الساحل الإفريقي حالة رعب حقيقية وهي تواجه وباء لا يقل غدرا وفتكا عن «كوفيد-19»، بل قد يكون أكثر خطورة باعتباره حصد ولازال مئات الآلاف من الأرواح وشرد وأفقر الملايين.
 الوباء الذي يقضّ مضاجع زعماء أغنى وأقدر الدول في العالم، لم يحرّك شعرة من رؤوس الدّمويين الذين يواصلون هجماتهم الإرهابية في تشاد والنيجر ومالي وبوركينافاسو، بل ومن المتوقّع أن يرفعوا من وتيرة نشاطهم الإجرامي وتوسيع مناطق نفوذهم، مستغلين الفراغ الأمني الذي أحدثه انهماك أنظمة وجيوش المنطقة، على غرار بقية أنظمة وجيوش العالم، في العمل على كبح انتشار فيروس كورونا في بلدانهم وهو ما أسماه البعض بثغرة كورونا الأمنية، وأيضا انحسار دور القوات الدولية الموجودة في المنطقة خشية انتقال عدوى المرض إليها.
لا يمكننا تفسير التصعيد الإرهابي بالساحل الإفريقي في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به العالم، إلاّ بالتأكيد على أن الإرهاب لا يخشى بالأساس كورونا، لأنه مصمّم مثله للقتل وزرع المآسي، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وقد لا نستبعد قيام التنظيمات الإرهابية بنقل الفيروس عمدا لدول المنطقة ونشره بكثافة قصد إضعافها واستنزافها.
في الختام، كلّ ما نتمنّاه هو أن نرى العالم ينخرط بجدّ في محاربة الإرهاب تماما مثلما يفعل اليوم مع الفيروس الغادر.