أشاد فنانون تشكيليون في حديث لـ”الشعب” بالاهتمام الذي يليه القائمون على رأس الثقافة للفن التشكيلي، غير أن ما يعانيه الفن التشكيلي هو غياب الزوار، واقتصاره على الطبقة المثقفة وفقط.
وأشاروا إلى أنهم يسعون جاهدين إلى ترسيخ ثقافة الفن لدى التلاميذ، وتقديم صورة جيدة عن الفن التشكيلي، وتغير الدهنيات من أجل النهوض به، وجعله في متناول الجيل الجديد.أكدت الفنانة التشكيلية صليحة خليفي بأن الفن التشكيلي اليوم يسير نحو الأحسن، من ناحية الإبداع والإنتاج الفني، مشيرة إلى أن عدد الفنانين في تزايد مستمر، حيث صدر مؤخرا للفنانة قنديل جميلة “ديوان الفن”، وهو عبارة عن قاموس لأغلبية الفنانين المتواجدين في عالم الفن التشكيلي.
وأضافت بأن الفنان التشكيلي متواجد في جميع المناسبات، وذلك لإرضاء جمهوره وعرض آخر أعماله، وأعابت صليحة خليفي على عدم اهتمام المسؤولين بالفنان التشكيلي، داعية إلى ضرورة تخصيص منحة تقاعدية لكل من يبلغ الـ60 من عمره، وتمتعه بجميع حقوقه المادية سواء منهم الجيل القديم أو الجديد، الذي سيواصل حمل مشعل الفن التشكيلي في المستقبل ويمثل الجزائر في مختلف المحافل الدولية.
وأكدت خليفي بأن العديد من الفنانين يعانون من التهميش خاصة من يعيشون في الولايات الداخلية، مشيرة إلى أنها كانت عضوا في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، حيث شهدت استقبال عديد الملفات لفنانين يعانون ماديا ومعنويا.
ودعت الفنانة إلى ضرورة مراعاة هذه الظروف، متأملة في أن تفتح الانتخابات المحلية التي شهدتها الجزائر مؤخرا، باب الاهتمام بهذه الفئة، وتلبية جميع مطالبها وحقوقها.
وقالت بأن الفن الجزائري يحضى بمكانة هامة في الدول العربية والأوروبية، لذلك وجب الاهتمام به من قبل القائمين على رأس الثقافة، كون الفن يلعب دورا هاما من الناحية السياسية، ويساهم في التعرف على تاريخ الجزائر، وطالبت بضرورة فتح المجال للتبادل الثقافي فيما بين الولايات، لخلق نوع من التضامن بين الفنانين والتجول عبر وطنهم، لنقل ما جادت به قريحتهم في مختلف ربوع الجزائر، وهو ما يجعله ـ حسبها ـ يبدع في ظل الأمان.
وفيما يخص أماكن عرض اللوحات الفنية، وإن كانت مناسبة للعروض أكدت الفنانة التشكيلية صليحة خليفي بأنها مناسبة، وما يهم الفنان هو عرض لوحاته الفنية، مشيرة إلى أنها شخصيا لم تتلق أي مشكل من هذه الناحية، حيث قامت بعرض أعمالها في مختلف جهات الوطن، وقالت بأن أكثر ما يثير اهتمامها هم زوار المعرض وما يجلب اهتمامهم من لوحات.
وعرجت المتحدثة للحديث عن التوقيت الذي يتم فيه عرض أعمالهم الفنية، مؤكدة بأنه حين يكون العرض على الخامسة يكون الإقبال كبيرا، في حين يكون ضئيلا إذا ما كان العرض على الثانية أو الثالثة مساء، حيث أن ذلك لا يساعد لا العاملين ولا التلاميذ على زيارة المعارض، وهو ما يجعلهم يقفون أمام قاعة تخلو من الزوار.
وأشارت خليفي إلى أنها تسعى جاهدة لتقديم أفضل الأعمال الفنية، حيث أن بحوزتها ما يقارب 1000 لوحة بالخط العربي واللاتيني اللهيبي، والتي تتطرق فيها لمختلف المواضيع، وأضافت بأن لوحاتها، تكون دائما مرفوقة بألغاز تربوية وبيداغوجية من تأليفها الخاص.
وعن مشروعها الجديد قالت بأنه يشمل مجموعة من اللوحات وعددها 250 تحمل رموزا بدائية تعود إلى 3000 سنة، وتشتغل في الوقت الراهن على “الرسم الاسترخائي” لاسترجاع العمل الفكري والذهني والمستوحى من الموسيقى الوطنية والعالمية.
“ثقافة الفن التشكيلي
منعدمة عند الجيل الجديد”
وتأملت الفنانة التشكيلية “فتيحة نايت الحسين” بأن يلقى الفن التشكيلي صدى عند مختلف الفئات، مؤكدة بأنه في الجزائر، الطبقة المثقفة هي من تولي اهتماما بهذا النوع الفني، مقارنة بالفئات الأخرى.
وأشارت أستاذة الفن التشكيلي إلى أنها تسعى لترسيخ ثقافة الفن التشكيلي عند التلاميذ إلا أنهم يبدون عدم الاهتمام به، مؤكدة أن السبب يعود إلى ثقافة الوالدين، الذين يرون فيه مجرد وسيلة للترفيه، وقالت أنهم كأساتذة يحاولون تقديم صورة جيدة عن الفن التشكيلي، وتغير الدهنيات من أجل النهوض به، وجعله في متناول الجيل الجديد.
وأضافت نايت الحسين بأن القائمين على رأس الثقافة يولون أهمية للفن التشكيلي، خاصة بقصر الثقافة مفدي زكريا الذي تعرض به لوحاتها في إطار تظاهرة “صالون الخريف”، حيث أنها لاقت كل الترحيب والاهتمام من قبل المسؤولين.
“لا يوجد حاجز بين الفنان والمسؤول”
وأشارت الأستاذة والفنانة حورية مانع، بأن هناك اهتمام بالفن التشكيلي من قبل المسؤولين، مشيرة إلى أنه لا يوجد حاجز بين الفنان والمسؤول، وقالت بأنها شاركت في عديد المعارض في مختلف أنحاء الوطن ولاقت كل الاهتمام والترحيب من قبل القائمين على المعرض.
وفيما يخص الإقبال على المعارض التشكيلية أشارت المتحدثة إلى أن الفن التشكيلي لا يلقى صدى كبيرا وسط الجزائريين، لا سيما من قبل التلميذ الذي لا يولي اهتماما بهذا النوع من الفنون، مؤكدة بدورها على أن الأولياء يفضلون علوما أخرى على الفن التشكيلي.
وأعابت حورية مانع على غياب النقاد في هذا المجال، يعملون على الدفاع على الفن التشكيلي، ناهيك ـ حسبها ـ عن عدم توفر الكتب الخاصة بهذا الفن والذي يساعد على تنمية المواهب للجيل الجديد، ودعت إلى ضرورة تنظيم حصص ثقافية، واهتمام البلديات بالفن التشكيلي وتعليم مبادئه، مشيرة إلى أنه لا يوجد هناك متابعة للفنان إلى جانب غياب التواصل فيما بين الفنانين، وطالبت بضرورة تكثيف المعارض على المستوى الوطني، كون مثل هذه المناسبات تساعدهم على أداء مهامهم وتجسيد التبادل بينهم للنهوض أكثر بالفن التشكيلي.
“الزوار يحبون الرسومات
الواقعية بعيدا عن التجريدي والتكعيبي”
ويؤيد الفنان التشكيلي طاجين عبد الغني أراء زملائه في الفن التشكيلي بأن الاهتمام بهذا النوع الفني يأتي فقط من قبل الطبقة المتعلمة والمثقفة أو المختصين في هذا الميدان الفني، مشيرا إلى أن الشعب البسيط لا يولي أهمية للفن التشكيلي، ربما لكونه لا يفهم ما يقدم له من لوحات، حيث يفضل ـ حسبه ـ الرسومات الواقعية البعيدة عن التجريدي والتكعيبي.
وقال عبد الغني طاجين بأن هناك اهتمام من قبل المسؤولين بالفن التشكيلي، لا سيما من قبل وزارة الثقافة، مؤكدا بأنه نظم عديد المعارض الفنية الجماعية منها والفردية، ولم أتلق ـ يقول ـ أية صعوبات، وقال إن الفنان الناجح عليه أن يحب عمله، مضيفا بأن الأماكن التي يتم عرض فيها الأعمال الفنية مناسبة، حيث أن هناك عديد الأروقة الخاصة التي تفي بالغرض كتلك المتواجدة بالشراقة، أو قاعة الموقار، وقصر الثقافة..
“نعاني غياب التسيير الفعلي للفن التشكيلي”
وأشار الفنان بوطريف يونس بأن الاهتمام بالفن التشكيلي قديما كان قليلا، إلا أنه في الوقت الراهن أضحى هناك اهتمام به من قبل القائمين على رأس الثقافة، لكن ـ حسبه ـ ليس بالقدر الكافي، معيبا على غياب الإعلام في الترويج لمثل هذه الفنون، وهو كما يقول ما يؤدي إلى غياب الجمهور الجزائري عن المعارض الفنية التي يتم تنظيمها، حيث نقوم بعرض أعمالنا في الخفاء، كما أعاب غياب التسيير الفعلي للفن التشكيلي، مشيرا إلى أن ذلك ضروري من أجل إعطاءه المكانة الخاصة به.
“علينا تقريب الفن التشكيلي من المواطن”
من جهته اعتبر الفنان يوسف غازي الاهتمام بالفن التشكيلي في تزايد خلال العشر سنوات الأخيرة، غير أن ذلك ـ يقول ـ يبقى غير كاف لأن الفنان بحاجة إلى عديد الأروقة التي تبرزه وتبرز أعماله.
وقال بأنه لا يمكن الإنكار بأن هناك اهتمام بالفن التشكيلي، حيث أن عناك حصص تلفزيونية تهتم بهد الفن، وأضاف بأن الفن التشكيلي بحاجة إلى قانون يحدد مهامه.
وتأسف يوسف غازي من قلة الزوار للمعارض التشكيلية والذين يعدون في غالب الأحيان على أصابع اليد الواحدة، وقال بأنه يمكن تحسين هذه الوضعية من خلال تقريب الفن من المواطن، مشيرا إلى أن تكثيف المعارض في المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر المتواجد قي منطقة تعج بالسكان، بإمكانه أن يجلب الزوار ليس فقط لأجل التطفل، وإنما رغبة في التعرف على الفن، كما دعا إلى ضرورة تخصيص مجلات متخصصة في هذا المجال.
وبخصوص الأروقة قال بأنها في المستوى، غير أن ما ينقصها هو غياب مصنفات تعرف بالفنان وبأعماله، وأشاد يوسف غازي بالجهود المبذولة من طرف القائمين على قصر الثقافة لأجل التعريف بالفن التشكيلي وترقيته.







