إنجــاز 603 مؤسّسـات منذ 2020 وهياكـل أخرى في طـور الإنجـاز
تتواصل إنجازات قطاع الصحة بالجزائر، وتعرف نقلة نوعية في إطار الاستراتيجية التي تجعل خدمة المواطن على رأس الأولويات، وقد شهد القطاع تدشين عدد معتبر من الهياكل الصحية عبر جميع أنحاء الوطن، تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وكان آخر الهياكل الجديدة قد دخل حيّز الخدمة، الخميس المنصرم، حيث تم تدشين مستشفى جديد بمعايير عالمية في أم البواقي، وإطلاق تقنيات علاجية متطورة للسرطان لأول مرة على المستوى الإفريقي بالبليدة ووهران، ما يعكس التزام الدولة بتحسين الرعاية الصحية وتوفير أحدث العلاجات للمواطنين، في إطار رؤية شاملة لتحويل الجزائر إلى قطب صحي رائد.
أشرف وزير الصحة، عبد الحق سايحي، الخميس، على تدشين المستشفى الجديد 240 سريرا بعين مليلة (65 كلم غرب أم البواقي) يحمل اسم “الشهيد مصطفى بن بولعيد”، وأبرز الوزير في تصريح للصّحافة على هامش تدشين هذا الهيكل الصحي الذي بلغت تكلفة إنجازه 4 ملايير و500 مليون دج، في إطار زيارة عمل للولاية، بأنّ “مستشفى عين مليلة يعد إنجازا كبيرا بمعايير عالمية، من شأنه تقديم خدمات محلية وجهوية”.
وبعد أن تحدث عن المعدات الطبية الحديثة التي تدعم بها المستشفى وكذا الأطقم الطبية على غرار الأطباء المتخصّصين الذين تجاوز عددهم 108 أطباء، أفاد سايحي بأنّ هذه المؤسهسة العمومية الاستشفائية الجديدة، بالإضافة إلى الهياكل الأخرى، التي هي في طور الإنجاز أو الدراسة، ستكمل التصور المتعلّق بتحول أم البواقي إلى قطب صحي بامتياز. كما أردف وزير الصحة بأنّ ولاية أم البواقي قد استفادت من التزامات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، المتعلقة بخدمة المواطن في مجال الصحة، وخصوصا إنشاء أقطاب صحية، لافتا في هذا الصدد إلى أنّ 603 مؤسّسات صحية أنجزت بالجزائر منذ سنة 2020 إلى يومنا هذا.
وتخلّلت زيارة سايحي لولاية أم البواقي، معاينة عدد من المؤسّسات الصحية العمومية والخاصة، على غرار مستشفيي “صالح زرداني” بعين البيضاء و«ابن سينا” بعاصمة الولاية، اللذين استفادا من عمليتي إعادة تأهيل عدة مصالح استشفائية.
إنجازات ريادية بالبليدة..
في السياق، شرع مركز مكافحة السرطان بمستشفى فرانس فانون بالبليدة، في سابقة طبية أولى من نوعها بالجزائر وإفريقيا، في إجراء عمليات دقيقة لعلاج المرضى المصابين بالسرطان، حسبما علم، الخميس، من هذه المؤسسة الصحية.
وأوضح رئيس مصلحة طب الأورام، البروفيسور عدة بونجار، أنه في إطار الاتفاقية المبرمة بين مركز مكافحة السرطان بمستشفى فرانس فانون ونظيره الألماني، تم الأربعاء والخميس المنصرمين، إجراء عمليات دقيقة لسبعة مرضى مصابين بالسرطان، تحت إشراف فريق طبي متكون من أطباء جزائريّين وألمان.
وتتمثل هذه العمليات الجديدة التي تجرى لأول مرة بالجزائر وإفريقيا، في حقن الجرعات الكيميائية مباشرة في الخلايا السرطانية، حسب توضيحات نفس المتحدث، مشيرا إلى أنّ هذه التقنية الجديدة التي يتم العمل بها حاليا عبر عدد قليل من دول العالم، تجنّب المرضى الشعور بالأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي.
ومن المرتقب أن تعمّم هذه التجربة الطبية الجديدة بمختلف مراكز مكافحة السّرطان عبر الوطن، فور اكتساب الأطقم الطبية الجزائرية المتخصّصة في علاج السرطان الخبرة في إجراء هذا النوع من العمليات، وفقا للبروفيسور بونجار.
وفي إطار الاتفاقية المبرمة بين المركزين الطبيين الجزائري والألماني بغية تبادل الخبرات، استفادت دفعة من الأطباء الجزائريّين شهر جوان الماضي من تكوين بألمانيا، والمرتقب أن تتبع بدفعة أخرى شهر سبتمبر المقبل، على أن يستقبل مركز مكافحة السرطان بمستشفى فرانس فانون وفد ألماني لإجراء عمليات مماثلة أخرى في شهر نوفمبر المقبل.
فتوح طبية بوهران..
من جهة أخرى، أجرى طاقم الوحدة الجديدة لزراعة الخلايا الجذعية للمركز الاستشفائي الجامعي “الدكتور بن زرجب” لوهران، أول عملية لزراعة ذاتية للخلايا الجذعية لمريض أربعيني مصاب بسرطان نقي العظام المتعدّد، حسبما علم لدى ذات المؤسسة الصحية.
وقد تم تنظيم زيارة ميدانية للصحافة إلى هذه الوحدة التي فتحت أبوابها منذ أشهر، حيث هنّأ المدير العام للمركز الاستشفائي مجيد عاشوري بالمناسبة الطاقم الطبي بهذا الانجاز، الذي سيساهم في التكفل بمرضى سرطان الدم للجهة الغربية للوطن.
من جهته، أبرز رئيس مصلحة أمراض الدم بنفس المركز الاستشفائي، البروفيسور مسعودي رضا، أنّ هذه الوحدة تتوفر على 9 أسرة يمكنها أن تتكفّل سنويا بحوالي 120 مريض، مشيرا إلى أنها تعتبر مكسبا مهما لولاية وهران والجهة الغربية وحتى الجنوب الغربي للوطن، وتضاف إلى وحدة مماثلة بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية “1 نوفمبر” 1954 لوهران.
وتعنى هذه الوحدة بأمراض سرطان الدم على غرار ورم نقي العظام المتعدّد، إضافة إلى الأمراض المناعية والعصبية، استنادا لذات المسؤول، الذي أشار إلى أنها تضم ثلاث وحدات مصغّرة هي وحدة تجميد الخلايا باستعمال النتروجين السائل ووحدة تشعيع مركبات الدم كالكريات الحمراء والصفائح الدموية، لضمان عدم رفضها من المتلقي ووحدة نزع الخلايا الجذعية من المريض، وقد تم بمناسبة هذه الزيارة، تكريم البروفيسور توهامي الحاج، الرئيس السابق لمصلحة أمراض الدم الذي أطلق المشروع قبل أن يحال على التقاعد.
ويحقّق قطاع الصحة في الجزائر منجزات رائدة تعكس الإرادة القوية للدولة في ترقية المنظومة الصحية وتطويرها بما يواكب المعايير العالمية. فقد شهد هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية على مستوى البنى التحتية بإنجاز مستشفيات عصرية ومراكز صحية متخصّصة بمواصفات حديثة تغطي مختلف ولايات الوطن، بما فيها المناطق النائية والجنوبية، ما ساهم في تقريب الخدمات الصحية من المواطن وتحقيق العدالة في التغطية الصحية.
كما عرف المجال الطبي إدخال تقنيات علاجية متطورة في مختلف التخصّصات الدقيقة، على غرار جراحة القلب المفتوح، وزراعة الأعضاء، وعلاج الأورام بالأشعة الدقيقة، إلى جانب التوسّع في استخدام التكنولوجيات الرقمية لتحديث أساليب التشخيص والمتابعة الطبية. وفي هذا السياق، تواصل الجزائر تعزيز شراكاتها مع مؤسّسات وهيئات صحية دولية مرموقة لتبادل الخبرات والتكوين المستمر للأطقم الطبية وشبه الطبية، ما يُسهم في نقل التكنولوجيا وتطوير المهارات لمواكبة أحدث المستجدات في عالم الطب.
ولا يقتصر التطوير على الجانب المادي والتقني فحسب، بل يشمل كذلك الاستثمار في العنصر البشري من خلال برامج تكوين نوعية، سواء داخل الوطن أو خارجه، لفائدة الأطباء والممرضين والإداريين، وهو ما يساهم في بناء كفاءات وطنية قادرة على تسيير المؤسسات الصحية بكفاءة عالية وتقديم رعاية طبية تليق بتطلعات المواطن الجزائري.
ومع استمرار هذه الجهود المتكاملة، تتطلّع الجزائر لأن تتحول إلى قطب إقليمي رائد في مجال الخدمات الطبية المتميزة، وقِبلة للمرضى من داخل وخارج البلاد، خاصة في ظل حرصها على مواصلة تجهيز مؤسساتها الصحية بأحدث الأجهزة والتقنيات الطبية المتطورة، بما يضمن للمواطنين رعاية صحية ذات جودة عالية تراعي مبادئ الإنسانية وتكفل الحق في الصحة كأحد أهم حقوق الإنسان الأساسية.
