التعاونيـات الفلاحية الآليـة الأنجع لتنظيـم العمليــة
قرارات رئيــس الجمهورية تعكــس القرب من الواقـع الميداني
ثمّن الخبير الفلاحي أحمد المالحة، ما جاء في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، بخصوص قطاع الفلاحة، واعتبر أنها قرارات تعكس توجّها عمليا يهدف إلى تعزيز التخزين الهادف كخيار استراتيجي لضبط السوق وضمان استقرار الأسعار، وأكّد أنّ تركيز رئيس الجمهورية على توسيع قدرات التخزين يندرج في إطار حماية الفلّاح من الخسائر، وضمان وفرة المنتوج على مدار السنة.
قال أحمد المالحة في تصريح لـ»الشعب»، إنّ قرارات رئيس الجمهورية تعكس القرب من الواقع الميداني، وأوضح أنّ الجزائر كانت تعاني من إشكال كبير في توسيع قدرات تخزين الحبوب، ما استدعى تدخّل رئيس الجمهورية لاتخاذ قرارات هامة تقضي بإنشاء مراكز لجمع الحبوب وصوامع للتخزين، لاسيما على مستوى ولايات الجنوب.
وأوضح محدّثنا أنّ الفلاح يواجه نقصا كبيرا في مراكز التجميع والصوامع ومخازن التبريد، وهو ما يتسبّب في إتلاف كميات معتبرة من المنتوجات، خاصة الخضر والفواكه، نتيجة غياب سلاسل تبريد فعّالة تحفظها من التلف السريع، الأمر الذي يكبّده خسائر كبيرة، ويؤدّي إلى اضطراب التموين وارتفاع الأسعار في السوق.
وبحسب بعض التقديرات، فإنّ خسائر ما بعد عمليات الجني قد تبلغ في بعض المواسم بين 10 و20 بالمائة، بسبب ضعف ظروف التخزين واعتماد مخازن تقليدية تفتقر للرّقابة الحرارية، ما يؤثر سلبا على جودة المنتوج ويحدّ من فرص تسويقه أو تصديره، كما يتسبّب بُعد المناطق الفلاحية في رفع تكاليف النقل وصعوبة تجميع المحاصيل، ما يجعل إنشاء مراكز تجميع قريبة ومجهّزة، إلى جانب اعتماد أنظمة رقمية للتسيير والمتابعة، ضرورة لضمان تثمين الإنتاج وضبط المخزون الوطني.
وأضاف المالحة أنّ الإجراءات التي جاء بها مجلس الوزراء من شأنها توفير أريحية حقيقية للفلاحين، إذ يصبح بإمكانهم الإنتاج في ظروف مستقرّة، بعدما كانوا يضطرّون إلى تسويق منتجاتهم في آجال قصيرة لا تتعدى ثلاثة إلى خمسة أيام لدى تعاونيات الحبوب، وهو ما كان يضعهم تحت ضغط كبير، أمّا اليوم، فإنّ الفلاح ينتج وهو مطمئن، ما يشكّل خطوة أساسية في سلسلة النهوض بشعبة الحبوب وتعزيز الأمن الغذائي.
وأشار الخبير الفلاحي إلى أنّ رئيس الجمهورية، شدّد خلال اجتماع له على أهمية اللّجوء إلى التخزين الهادف، بما يضمن حماية الفلاحين من الخسائر، خاصة بالنسبة للمنتجات ذات الاستهلاك الواسع مثل البصل، الثوم والبطاطا، وأكّد أنّ غياب مرافق التخزين سابقا، كان يتسبّب في ترك بعض المحاصيل في الأرض لأشهر طويلة، ما يعرّضها للتلف، خصوصا في حال تساقط الأمطار، وهو ما يؤدي إلى خسائر فادحة للفلاحين.
وأوضح المالحة أنّ التخزين الموجّه ضروري للحفاظ على المنتوج وتنظيم تسويقه، وذكّر بالأزمات التي حدثت في السنوات الماضية بسبب الخلط بين مفهومي التخزين والمضاربة، ما تسبّب في الإضرار بعدد من الفلاحين ووضعهم في مواقف صعبة، وصلت في بعض الحالات إلى المتابعات القضائية، وهو ما مسّ بسمعتهم.
وشدّد محدثنا – في السياق – على أنّ المنظومة الفلاحية يجب أن تقوم على ثلاثية متكاملة: الإنتاج، التخزين، ثمّ التحويل، بهدف تفادي تلف المنتجات وضمان توفّرها على مدار السنة، واستند في ذلك إلى محصول التفاح الذي لا يمكن تسويقه واستهلاكه دفعة واحدة، بل يتطلّب التخزين للحفاظ عليه وضبط توازنه في السوق، كما أبرز أهمية تسقيف الأسعار ومراقبتها، مشيرا إلى الفوارق الكبيرة بين أسعار المنتجات عند الفلاح وأسعارها في الأسواق بعد فترة من التخزين غير المنظم، حيث قد ينتقل السعر من 20 أو 30 دينارا عند المنتج إلى 400 أو 500 دينار للمستهلك، وهو وضع غير مقبول وهنا – يضيف المتحدث – يبرز الدور المحوري لوزارة التجارة في متابعة مسار الإنتاج والأسعار وضمان الشفافية.
ودعا المالحة إلى تنظيم الشعب الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع، واعتماد آليات دقيقة لتتبّع الإنتاج والكميات المخزنة والمسوّقة، بما يسمح للفلاح بمعرفة مداخيله وتكاليفه بشكل واضح، كما شدّد على ضرورة إنشاء وتفعيل التعاونيات والجمعيات المهنية، باعتبارها أداة أساسية لتنظيم الشعب الفلاحية وضبط السوق، ومنع التصرّفات الفردية العشوائية.
وأكّد محدثنا أنّ التخزين يشكّل ركيزة أساسية سواء بالنسبة للحبوب أو الخضر أو الفواكه، من أجل ضمان توفّرها على مدار السنة، بعيدا عن المضاربة، مشدّدا على ضرورة أن يكون كل نشاط تخزين مقنّنا، مرخّصا ومصرّحا به لدى الجهات المعنية، لما لذلك من أثر إيجابي في تنظيم السوق وتحقيق استقرار الأسعار.




