تنويع الأنشطة الاقتصادية وخلق ديناميكية تنموية
شكّل التوازن التنموي والقضاء على الفوارق الاجتماعية بين مختلف مناطق الوطن، أبرز التزامات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في حملته الانتخابية الأولى، حيث جاء هذا الالتزام كرد فعل على ما كانت تشهده المدن الكبرى من تركيز اقتصادي وخدماتي، يُقابله ضعف الفرص في المناطق الريفية والقروية، والواقع الميداني في القرى الجزائرية، يومها، دفع بالسلطات العليا الى اعتماد استراتيجية متعدّدة الأوجه، الهدف منها المحافظة على النمط القروي وتثبيت سكان هذه المناطق من خلال تنويع الأنشطة الاقتصادية، وخلق ديناميكية تنموية من شأنها استحداث مناصب شغل لشباب القرى والمداشر.
يرى رئيس جمعية قرية حاسي مُنير بتندوف، أبيري أحمد، أنّ الحديث عن تنمية المناطق القروية بالجزائر قد أخذ منحى آخر في السنوات القليلة الماضية، بدءا من تغيّر الصورة النمطية التي اكتسبتها هذه القرى طيلة عقود من كونها “تجمّعات سكانية هامشية”، وتحوّلها الى فضاءات مفتوحة تعيش على وقع تحوّلات جذرية قلبت واقعها رأساً على عقب.
وقال أبيري إن التغيير الحاصل في المجتمعات القروية بالجزائر، طال كذلك القناعة الجماعية لسكان هذه القرى، والذين باتوا يؤمنون بمقدرتهم على التغيير والإسهام بشكل أكبر في الاقتصاد الوطني، وبأن مناطقهم القروية قادرة على أن تكون رافداً حقيقياً للتنمية الوطنية.
وتابع رئيس قرية حاسي منير الحدودية التابعة إقليمياً لبلدية أم العسل قائلاً أن ولاية تندوف، كغيرها من ولايات الوطن، تمتلك من المؤهلات البشرية والموارد الطبيعية ما يجعلها تبني اقتصاداً محلياً متنوعاً، من أراضٍ قابلة للزراعة، خبرة متراكمة في تربية المواشي والإبل، مؤهلات سياحية فريدة من نوعها، والأهم من كل ذلك – يقول المتحدّث – شباب واعٍ بمسؤولياته، مدركٌ لحجم التحديات، وإرادة سياسية غير مسبوقة تسعى إلى جعل القرى نقطة قوة ينبغي البناء عليها.
وأضاف محدّثنا قائلاً إن الفرص اليوم أصبحت أوضح وأوفر لسكان القرى، مستشهداً في ذلك بما تعيشه بلدية أم العسل وقرية حاسي خبي بتندوف من حركية اقتصادية وتنموية نتيجة عبور الخط المنجمي الغربي بمحاذاتهما، الى جانب الشروع في إنجاز العديد من المشاريع الكبرى بإقليم البلدية ضمن البرنامج التكميلي الذي أقرّه رئيس الجمهورية لفائدة الولاية، والتي ستنتقل بالمناطق المعزولة الواقعة على طول الطريق الوطني رقم 50 الى مصاف الأقاليم الجاذبة للاستثمار العمومي والخاص – على حد تعبيره -.
وأشاد المتحدّث بالرؤية السديدة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون التي مكّنت من وضع القرى والتجمّعات الريفية في مكانها الذي تستحق، معرباً عن أمله في ربط هذه المناطق بسلاسل الإنتاج الوطني تضمن لسكان هذه المناطق دخلاً منتظماً، حتى تتحوّل هذه المناطق من مستهلكة وعبء مالي على الدولة إلى فضاء اقتصاد حقيقي ومنتِج.
وذهب إلى التأكيد على أنّ قريتي حاسي منير وغارا جبيلات ستكونان مفتاح التنمية بالولاية، لما تزخران به من إمكانيات هائلة ستدفع بعجلة التنمية – ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى الوطني – وهو ما بدأت بوادره في التشكّل غداة التحضير لافتتاح منجم غارا جبيلات وتوجّه السلطات العليا الى تثمين الثروات المنجمية على المستوى الوطني.
ونوّه في الوقت ذاته إلى أن الإستراتيجية المعتمدة مؤخراً تجاه القرى والتجمعات الريفية، تُنبئ بوجود تحوّل جذري قد يقلب الموازين لصالح القرى على حساب المدن الكبرى، فهذه الأخيرة التي لم تعد تتحمّل ضغطاً أكثر على العقار الصناعي، والطرقات والنقل، فتحت المجال أمام تصدّر المناطق الريفية لقائمة المناطق الأكثر جذباً للاستثمار، خاصة بولايات الجنوب التي يحظى فيها المستثمر بامتيازات جبائية وتسهيلات إدارية أفضل مقارنة بولايات الشمال، داعياً الجماعات المحلية الى مرافقة التوجّه العام للدولة وتوفير مناخ جاذب للاستثمار، من خلال توفير المرافقة الإدارية والتقنية للمشاريع، ودعم المبادرات الجماعية التي تصدر عن سكان القرى وإشراكهم في القرارات التنموية.




