حظي حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير بالدعم القوي خلال الاجتماع العام رفيع المستوى الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع لإحياء الذكرى الخامسة والستين لإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة الذي تضمنه القرار 1514 (د-15)، الذي تمّ اعتماده بتاريخ 14 ديسمبر 1960.
أكّد ممثل تيمور الشرقية على أنّ الحق في تقرير المصير يظل ركيزة أساسية من ركائز القانون الدولي، وهو حقٌ منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، وقد أكدت عليه الجمعية العامة في مناسبات عديدة، مضيفاً بأنه حق إنساني غير قابل للتصرف وعالمي، وليس امتيازاً يُمنح أو يُحرم وفقًا للمصالح الجيوسياسية المتغيرة.
وفي السياق، أشار إلى أنّه بعد مرور خمسة وستين عاماً على صدور القرار 1514 (د-15)، لا تزال هناك أقاليم معنية لتصفية الاستعمار، ومن بينها الصحراء الغربية حيث لا يزال حق شعبها في تقرير المصير يخضع للتأجيل والجحود، مشدّداً على أن هذه الممارسات تتعارض مع روح ونص إعلان عام 1960، وتُضعف مصداقية المنظمة الجماعية عندما يتم الحديث عن العدالة والمساواة وسيادة القانون.
17 إقليماً معنيا بتصفية الاستعمار
من جهته، أعرب ممثّل الموزمبيق عن قلق بلاده البالغ إزاء بقاء 17 إقليماً مدرجاً ضمن الأقاليم الخاضعة لتصفية الاستعمار، حيث لا تزال شعوبها تتنظر الوفاء بالوعود التي قُطعت منذ عقود، وذكر في هذا الإطار حقيقة أن شعبي فلسطين والصحراء الغربية مازالا محرومين من حقهما غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
ممثل جنوب أفريقيا بدوره أعرب عن قلق بلاده البالغ إزاء الوضع في الصحراء الغربية، آخر مستعمرة متبقية في القارة الأفريقية، وأكّد أنّ حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره أمر بالغ الأهمية وأنه لا يمكن فرض أي حل على شعب الصحراء الغربية. كما دعا المملكة المغربية وجبهة البوليساريو إلى الانخراط في حوار سياسي مباشر دون أي شروط مسبقة للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة ودائمة.
استفتاء بلا شروط مسبقة
أمّا ممثل ناميبيا فقد قال إنّه لا يمكننا أن ننسى الوضع في الصحراء الغربية، تلك الأرض التي لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار بعد عقود من صدور قرار مجلس الأمن الذي وعد بإجراء استفتاء لتقرير المصير. وأكّد أنّ بلاده تُدرك ضرورة معالجة آخر بقايا الحكم الاستعماري في أفريقيا، وتدعم دور بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، وهي بعثة مفوضة من قبل الأمم المتحدة.
ودعا المجتمع الدولي إلى إعادة تأكيد التزامه بتسهيل إجراء استفتاء عادل ونزيه يُمكّن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بنفسه.
لا للحلول الأحادية المفروضة
ممثّل كوبا من جهته دعا إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين يفضي إلى حق تقرير مصير شعب الصحراء الغربية وفقًا للقرار 1514 (د-15)، مجدّداً التأكيد على رفض بلاده للقرارات الأحادية التي تتجاهل مصالح وحقوق الشعب الصحراوي، بما في ذلك ما يسمى «الحكم الذاتي» الذي يُعد انتهاكاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراري الجمعية العامة 1514 (د-15) و2625 (د-25). أما ممثل نيكاراغوا فقد جدد التأكيد على تضامن بلاده الثابت مع الشعب الصحراوي والشعب الفلسطيني وجميع الشعوب التي تقع ضحية للاستعمار القمعي.
وكانت رئيسة الجمعية العامة، السيدة أنالينا بيربوك، قد أكدت في كلمتها بالمناسبة على أنّ ترسيخ مبدأ حق تقرير المصير في ميثاق الأمم المتحدة كان بمثابة إعلان على أن عهد حكم الشعوب دون رضاها قد انتهى، وقد شكّل ذلك نقطة تحول عالمية بارزة تمت ترجمتها عملياً باعتماد الجمعية العامة في عام 1960 لإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة. وأكّدت على أن نص الإعلان لم يقتصر فحسب على تأكيد حقوق الأمم، كبيرة كانت أم صغيرة، بل إنه وضع إنهاء الاستعمار في مكانه الصحيح كمسؤولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره.
تجدر الإشارة إلى أنّ الجمعية العامة للأمم للمتحدة اعتمدت القرار 80/106 في 5 ديسمبر 2025، الذي أعلنت فيه أن يكون يوم 14 ديسمبر اليوم الدولي لمناهضة الاستعمار بجميع أشكاله ومظاهره.



