أكّد مدير المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية سكيكدة، محمد جابة، أن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية يشكل محطة ثقافية رمزية لتجديد الوعي بقيمة اللغة العربية، باعتبارها جوهر الهوية وخزان الذاكرة الحضارية للأمة، مشدّدا على أن صونها وتطوير حضورها في العصر الرقمي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود المؤسساتية والمجتمعية.
أوضح جابة في كلمة خلال فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، أن “العربية حظيت بشرف عظيم بنزول القرآن الكريم بها، ما منحها مكانة سامية كلغة بيان وفكر وجسر للتواصل الحضاري الإنساني، فضلا عن كونها لغة علم وابتكار عبر مختلف الحقب التاريخية، الأمر الذي يجعل العناية بها اليوم ضرورة ثقافية ومعرفية وليست مجرد واجب رمزي”.
وأشار المتحدّث إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة يأتي هذا العام تحت شعار “مسارات مبتكرة للغة العربية: سياسات وممارسات من أجل مستقبل لغوي أكثر شمولا”، وهو شعار يعكس ـ حسبه ـ أهمية الابتكار في رسم مستقبل اللغة العربية، مع التركيز على مجالات التعليم والتكنولوجيا والإعلام والسياسات العمومية، بما يعزّز حضورها الفعلي في الفضاء الرقمي، ويجعلها لغة قادرة على مواكبة التحولات العالمية المتسارعة.
وفي السياق، أبرز مدير المكتبة أن اللغة العربية تواجه تحديات حقيقية تفرضها الرقمنة والعولمة، ما يستدعي إعادة تعريف دور المؤسسات الثقافية، مؤكدا أن المكتبات العمومية لم تعد مجرد مخازن للكتب، بل تحولت إلى منصات حية لتعزيز ما وصفه بـ “المواطنة اللغوية”، التي تقوم على اعتزاز الفرد بلغته وقدرته على توظيفها بفعالية في مختلف مجالات الحياة المعاصرة.
وأكّد جابة أنّ المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية سكيكدة تسعى من خلال برامجها الثقافية والمعرفية، إلى جعل العربية لغة للمستقبل كما كانت لغة للماضي، عبر دعم المحتوى العربي الرقمي، ورقمنة المخطوطات، وتشجيع غرس حب اللغة والقراءة لدى الأجيال الصاعدة، من خلال مبادرات قرائية وورشات ومعارض ولقاءات فكرية، إيمانا بأنّ الأمة التي تقرأ هي الأمة التي تحيا لغتها وتزدهر.
وتندرج هذه الجهود، حسب المتحدّث، ضمن رؤية ثقافية شاملة تسعى إلى ترقية استعمال اللغة العربية في البحث العلمي والنقاش الأكاديمي، وهو ما تجسّد من خلال تنظيم جلسة نقاشية علمية ضمن فعاليات هذه المناسبة، تناولت قضايا اللغة العربية في ظل التحولات الراهنة، بمشاركة نخبة من الأكاديميّين والمختصّين.
واحتضنت المكتبة الرّئيسية للمطالعة العمومية لولاية سكيكدة، أمسية ثقافية متميّزة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، تحت إشراف والي سكيكدة وبمبادرة من مديرية الثقافة، في محطة ثقافية عكست المكانة التي تحظى بها اللغة العربية باعتبارها ركيزة للهوية، ورافدا أساسيا للفكر والإبداع، وجرت هذه التظاهرة الثقافية الراقية بحضور المفتش العام للولاية، ومديرة الثقافة، ونخبة من الأساتذة الجامعيين والطلبة والأدباء والكتاب والمثقفين، ما منح الفعالية بعدا رسميا وثقافيا يعكس اتّساع الاهتمام بالشأن اللغوي والثقافي.
وشكّل الإعلان عن صدور العدد الثاني من مجلة المكتبة الرئيسية إحدى أبرز محطّات الأمسية، باعتباره إضافة نوعية للمشهد الثقافي المحلي، ومنبرا يعكس ديناميكية المكتبة ودورها في ترقية الفكر وتشجيع المطالعة ودعم الإبداع، حيث لقي الإصدار استحسانا واسعا من طرف الحضور، تأكيدا لقيمة المبادرات الثقافية المستدامة.
كما عرفت الأمسية تكريم الفائزة بجائزة “قارئ العام ـ فئة الجمهور”، سارة بن عمار، ضمن مهرجان “أقرأ” بالمملكة العربية السعودية، في صورة جسّدت معاني الاجتهاد والتميز في مجال القراءة، حيث جرى تكريمها من قبل المفتش العام للولاية ومديرة الثقافة ومدير المكتبة الرئيسية، بحضور عائلتها، وسط أجواء طبعتها مشاعر الفخر والاعتزاز.
وعقب ذلك، احتضنت القاعة ندوة فكرية علمية تناولت موضوع اللغة العربية والتحديات التكنولوجية، أطّرها كل من البروفيسور عمر عيلان والبروفيسور يوسف لطرش، ونشّطها الأديب والإعلامي محمد الطاهر عيساني، حيث تطرّق المتدخّلون إلى واقع اللغة العربية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، وآفاق إدماجها في البيئة التكنولوجية الحديثة، مع فتح نقاش ثري عكس اهتمام الحضور بالقضايا الراهنة للغة العربية وسبل النهوض بها.





