تحميل فرنسا مسؤولياتها القانونية والتاريخية ودفعها للاعــتراف بجرائمهـا والاعتــذار رسميـا
مواجهة حالات استغلال الجنسيـة الأجنبيـة المكتسبــة لضـرب الجنسيـة الجزائريـة الأصليـة
“ثــورة تشريعيــة” ومضاعفـة آليات الـردع لـوقف مجـازر الطرقــات
يصادق المجلس الشعبي الوطني، اليوم، على ثلاثة مشاريع قوانين هامة، تتعلّق بمقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، الذي يرمي إلى إنصاف الشعب الجزائري من جرائم الاستعمار الفرنسي طيلة فترة الاحتلال، وتحميل فرنسا مسؤولياتها القانونية والتاريخية، وحملها على الاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها رسميا.
تأتي المصادقة على قانون تجريم الاستعمار، مع المصادقة على مشروع القانون المتعلّق بالجنسية الذي يأتي لحماية أمن الدولة وتعزيز سيادتها ووحدتها الوطنية، عبر تحديد حالات خطيرة تستوجب سحب الجنسية، بالإضافة إلى المصادقة على قانون المرور الذي اقتُرح لمعالجة مختلف النقائص المسجّلة حماية لأرواح مستعملي الطرقات.
ومن المنتظر اليوم، أن تعقد جلسة علنية تخصّص لتصويت نواب المجلس الشعبي الوطني، على مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، الذي يرمي إلى تثبيت المسؤوليات القانونية والتاريخية لفرنسا عن فترة احتلالها للجزائر (1830-1962)، وحملها على الاعتراف الرّسمي والتعويض عن الجرائم المرتكبة طيبة 132 سنة، وهو مشروع قانون حظي بإجماع وطني، نظرا لما يتضمّنه من تعبير عن إرادة شعبية جامعة.
وتكمن أهمية المشروع في ترسيخ الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري وحماية تاريخه من التزييف أو النسيان، وتوثيق نضال الشعب وتضحياته.
ويوفّر المشروع إطارا قانونيا للمطالبة بالإنصاف القانوني والتاريخي، وجبر الضّرر استنادا إلى مبادئ القانون الدولي التي تضمن حق الشعوب في المطالبة بالإنصاف القانوني من جرائم الاستعمار، باعتبار الاحتلال في حدّ ذاته جريمة ينصّ عليها القانون.
تحميـــل المسؤوليــات التاريخيـــة
يرمي مشروع القانون إلى كشف وفضح الممارسات الاستعمارية، والحقائق التاريخية المرتبطة بالاستعمار ونشرها، والتي تفند ادعاءات ممجّدي الاستعمار، ومن يعتبرون أنه جلب الحضارة للشعوب المستعمرة، ويحدّد القانون جرائم الاحتلال الفرنسي، وينصّ على أنها جرائم لا تسقط بالتقادم، ويعتبر التعاون مع الاستعمار الفرنسي خيانة عظمى.
من جهة أخرى، يحمّل القانون الدولة الفرنسية المسؤولية القانونية عن ماضيها الاستعماري، وما خلّفه من مآسٍ لا يزال كثير منها ماثل للعيان، ويخول للجزائر اتخاذ كل الوسائل القانونية والقضائية لضمان الإعتراف الرّسمي والاعتذار من طرف فرنسا، التعويض الشامل والمنصف عن الأضرار المادية والمعنوية، إلى جانب تنظيف مواقع التفجيرات النووية والتجارب الكيماوية، وتسليم خرائط التفجيرات والألغام، واسترجاع الأموال المنهوبة والخزينة الوطنية، والقيم المادية والمعنوية المحولة خارج البلاد، بما في ذلك الأرشيف الوطني، وإعادة دفن رفات رموز المقاومة والثورة التحريرية داخل الجزائر، وضمان كرامة كل من ساهم في المقاومة الشعبية والحركة الوطنية والثورة التحريرية.
وفي السياق، يقرّ المشروع المطروح أمام النواب للمصادقة عليه، عقوبات ضدّ كل من يمجّد الاستعمار أو الترويج له إعلاميا، ثقافيا أكاديميا أو سياسيا، أو يشيد بالتعاون مع الاحتلال الفرنسي أو إنكار النضال الوطني ضد الاستعمار، أو يمسّ برموز المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954.
التجريـــد مــن الجنسيــــة
إلى جانب ذلك، يصادق نواب الغرفة الأولى على مقترح القانون الذي يعدّل ويتمّم الأمر رقم 70-86 المؤرّخ في 15 ديسمبر 1970، المتضمّن قانون الجنسية الجزائرية”، ويأتي المشروع لضبط مسألة التجريد من الجنسية الجزائرية، إثر بروز ممارسات من بعض الجزائريّين المقيمين بالخارج، وانحرافات خطيرة في سلوكاتهم بصفتها أفعال تهدّد اللّحمة الاجتماعية وتمسّ بصورة الدولة الجزائرية، والتي تعبّر عن تنصّل أصحابها من التزاماتهم الوطنية، حيث يستغلّ هؤلاء الحماية القانونية لبلدان الإقامة، ما ولّد لديهم شعورا بالإفلات من العقاب، واستخدام الجنسية المكتسبة لضرب الجزائر بحسب ما أوضحه وزير العدل في وقت سابق.
ويهدف المقترح إلى مواجهة حالات يتمّ فيها استغلال الجنسية الأجنبية المكتسبة لضرب الجنسية الجزائرية الأصلية، أو استخدام الجنسيتين معا للإضرار بمصالح الدولة الجزائرية.
وفي هذا الصّدد، حصر مشروع القانون حالات التجريد من الجنسية في الخيانة العظمى، والتخابر مع دولة أجنبية، وحمل السلاح ضدّ الجزائر، والمساس بالوحدة الوطنية والسلامة الترابية، والانتماء إلى تنظيمات إرهابية، ومن شأن إدراج هذه التعديلات تعزيز التوافق مع الدستور، واحترام الآليات والاتفاقيات الدولية، وضمان التوازن بين حماية الدولة وصون الحقوق القانونية للأفراد.
جديـــد مخالفـــات “المــرور”..
بالإضافة إلى ما سبق، يصادق المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون المرور، الذي جاء تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لتدارك النقائص المسجّلة، من خلال إدراج أحكام “ملزمة بضمان التهيئة الملائمة والدائمة للمنشآت القاعدية للطرق وملحقاتها وصيانتها، وتكريس مبدأ تحميل المسؤولية الجزائية والمدنية لكافة الأطراف المتورّطة في حوادث المرور”، وذلك بناء على “تحقيقات المصالح الأمنية المختصة”.
ويحمِّل مشروع القانون مسؤولية وقوع حوادث المرور، كل “من يثبت تورّطه في إدخال أو تسويق قطع غيار مغشوشة”، ويدرج عقوبة الجناية في الجرائم المرورية وفق ما تحدّده القوانين المعمول بها، مع مراعاة ظروف وقوع الحادث. من جهة أخرى يعتمد المشروع الرقابة الآلية باستعمال النظام الآلي لمعاينة الجرائم المرورية، لما لهذا الإجراء من أثر فعّال في الرّدع وتحقيق رقابة حقيقية وناجعة”.
التعديـــلات تحــت مجهــر الـــدرس
اجتمعت لجنة الدفاع الوطني بالمجلس الشعبي الوطني، أمس الثلاثاء، لدراسة التعديلات الواردة على مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، بحسب ما أفاد بيان للمجلس.
وأوضح المصدر ذاته أنّ أشغال هذا الاجتماع، الذي جرى برئاسة السيد يونس حريز، رئيس لجنة الدفاع الوطني، عرفت حضور أعضاء لجنة صياغة اقتراح هذا القانون وكذا مندوبي أصحاب التعديلات، التي بلغ عددها أربعة.
وعقدت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني، أمس، اجتماعا خصّص لدراسة التعديل الوارد على مقترح تعديل قانون الجنسية الجزائرية، بحسب ما أفاد بيان ذات الهيئة التشريعية.
وجرى هذا الاجتماع الذي ترأّسه تومي عبد القادر، رئيس اللّجنة، بحضور صاحب المقترح، النائب هشام صفر، مندوب أصحاب التعديل، وكذا ممثلين عن وزارتي العدل والعلاقات مع البرلمان، مثلما أوضحه ذات المصدر.



