ثمن الخبير في القانون الدستوري، موسى بودهان، مقترح مشروع القانون المتعلق بتجريم الاستعمار المصادق عليه، أمس، من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني، داعيا إلى الترويج له؛ لأنه حق سيادي للجزائر ومكفول له بموجب الدستور، وأنه سيضع فرنسا أمام مسؤولياتها التاريخية والإنسانية فيما يتعلق بالجرائم التي اقترفتها ضد الشعب الجزائري.
استشف الخبير في القانون الدستوري الدكتور موسى بودهان الكثير من المحاسن والإيجابيات في مقترح مشروع المتعلق بتجريم الاستعمار، وهو يخدم السيادة الوطنية، كما يضع حدا للتجاوزات الفرنسية الماضية والحالية، مثمنا في هذا الإطار مبادرات رئيس الجمهورية في استرجاع الأرشيف الوطني، وجماجم الشهداء التي يحتفظ بها متحف الإنسان بباريس..قال بودهان في تصريح لـ»الشعب» إن مقترح مشروع هذا القانون المقترح والمصادق عليه من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني، حدد الجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري من قبل الاستعمار الغاشم طيلة تواجده في الجزائر، وقد تضمن أحكاما متعلقة بتثبيت مسؤولية الحكومة الفرنسية عن كل ما اقترفته، وكذا تحديد آليات مطالبتها بالاعتراف والاعتذار والتعويض، وإزالة نفاياتها السامة القاتلة التي ما تزال تحصد أرواحا إلى يومنا هذا، مؤكدا أن كل ما اقترفته فرنسا من جرائم ضد الإنسانية لا يسقط بالتقادم، وأضاف أن القانون يتضمن إقرار أحكام جزائية مترتبة عما اقترفته فرنسا الاستعمارية، وخاصة بعد سنها لقانون يمجد الاستعمار ويروج له على أنه عمل حضاري منذ عشرين سنة.في هذا الإطار، استحضر بودهان ما أسماه بـ»الماضي اللعين» للحكومة الفرنسية الاستعمارية، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية على غرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواثيق والصكوك الدولية المتعلقة بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث قال إن فرنسا الاستعمارية انضمت لكل هذه المواثيق والمعاهدات، وبذلك تصبح إقامة المسؤولية الجزائية، الأخلاقية والسياسية ضدها مؤكدة، وبذلك يعتبر أن هذا المقترح القانوني يعطي للدولة الجزائرية وللشعب حق مقاضاة فرنسا عن جرائمها التي اقترفتها حكومتها الاستعمارية خلال احتلالها واستعمارها للجزائر.
ويرى الخبير بودهان أن مقترح تجريم الاستعمار، سيثير التساؤلات والجدل، لأن المسألة تتعلق بإدانة دولة برمتها، عما ارتكبته طيلة تواجدها كمحتلة في الجزائر، وهي جرائم دولة، موضحا أن الأمر يتعلق بالاعتراف وبإثبات المسؤولية، ثم التعويض، وإزالة كل نفاياتها القاتلة الناتجة عن استعمالها للأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية، التي تجاوزت آثارها البيئية الخطيرة حدود البلد.ويرى محدثنا أن هذا القانون من شأنه أن يضعف موقف فرنسا التي تحاول التطاول على الجزائر، وتدخلاتها في الشأن الجزائري، ومحاولة المساس بالوحدة الوطنية.
وذكر بودهان بأن مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار الذي ينقسم إلى 5 فصول موزعة على 27 مادة، من شأنه تحديد الطبيعة القانونية لكل الجرائم التي اقترفها الاستعمار الفرنسي لمدة 132 سنة، وهي جرائم دولة وجرائم مكتملة قائمة بكل أركانها وعناصرها بدءا بجرائم العدوان ثم الإبادات الجماعية، التشريد والتهجير القسري، والتقتيل باستعمال الأسلحة الكيميائية والنووية المحرمة دوليا، كما أشار المتحدث أن مقترح هذا القانون كان نواب في عهدات سابقة قد تناولوه، ولكنه تم تجميده وبقي حبيس الأدراج، وقال إن النص الجديد من حيث الجرائم التي اقترفها الاستدمار الفرنسي في حق الجزائريين وفقا للمادة الـ5 منه، فإن هذه الجرائم تساوي أو تفوق 30 جريمة منها جريمة العدوان وهي الأولى التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية، والتي تعد المنطلق، ثم جرائم القتل العمدي، تعمد توجيه الهجمات العسكرية ضد السكان المدنيين، الاستخدام المفرط للقوى المسلحة، استخدام الأسلحة غير التقليدية المحرمة دوليا، زرع الألغام، التجارب النووية، الإعدام خارج نطاق القانون، السطو على خزينة الدولة، النهب الممنهج للثروات وإخضاع الجزائريين دون سواهم للقوانين الاستثنائية، وكذا التمييز العنصري والمعاملة اللاإنسانية بالإضافة إلى التهجير القسري..


