دفــاع مستميــت عــن القضايــا العادلــة في العالم..ومــع فلسطــين إلى الأبــد
حافظت الدّبلوماسية الجزائرية على مبادئها الثابتة، وبرهنت – على الدّوام – على أنّها نموذج يقتدى به في حلحلة الأزمات على المستوى الإقليمي والدولي، وقد لعبت – خلال عام 2025 – دورا رياديا على مستوى الهيئات أو المؤتمرات في دفاعها المستميت الداعم لقضايا التحرر خاصة القضية الفلسطينية والصحراوية.
تمكّنت الجزائر المنتصرة، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، من إعادة بعث وهجها الدبلوماسي في المحافل الدولية، باعتبارها دولة صاحبة مبادئ إنسانية وقيم راسخة، في جميع القضايا المطروحة في العلاقات الدولية.وانطلاقا من شخصيتها الدولية التي صقلتها مبادئ الثورة والانعتاق من الهيمنة، لعبت الجزائر دورا في تعبئة جهود القارة الإفريقية، ودفعها للانتباه والاهتمام بما يجري من تحولات دولية عميقة، تنذر بتشكّل واقع دولي جديد، لا مكان فيه للضعفاء، وحافظت على علاقة بناءة مع الأمم المتحدة، حيث حذّرت – في عديد المناسبات – من تقويض دور المنظمة الأممية، مقابل تنامي منطق القوة، وتدهور الامتثال للقانون الدولي والإنساني، وأبرزت أنه وفي ظل المعطيات القائمة على النزعة الأحادية، فإنّ «العالم لم يعد بخير»، إذ لم يتم العودة إلى مبادئ الأمم المتحدة، واستعادة مؤسّساتها وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي لدوره كاملا.
وعلى الصّعيد الثنائي، برهنت الجزائر بما يكفي، أنّها ماضية فعلا وقولا، في تعزيز مكاسب السّيادة والاستقلال الوطني، بتقوية سيادة القرار الاقتصادي، ووضع محدّدات الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والندية، كأساس للعلاقات الثّنائية. ومن هذه المحدّدات، أعلنت الجزائر عن رغبتها الملحّة في مراجعة اتفاق الشّراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتصدّت للهجمات الإعلامية والسياسية الخبيثة التي حرّكتها أوساط سياسية وإعلامية فرنسية حاقدة، أزيد من عام كامل، لتؤكّد أنّ موقعها، كدولة عدم انحياز، مهتمة بتعميق علاقات الصداقة والأخوة مع كافة البلدان الصديقة والشقيقة، وفي مقدمتها الدول العظمى، رافضة الارتهان لحسابات الاستقطاب والتجاذبات الجيوسياسية القائمة.
نصرة القضايا العادلة
ومن مختلف المنابر الدولية، لم تفوّت الجزائر أدنى فرصة للتعبير عن تضامنها الكامل والمطلق مع القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وما تعرّضت له غزّة من عدوان صهيوني وحشي طيلة سنتين كاملتين.
وفي السّياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عز الدين نميري، في تقييمه لحصيلة عمل الدبلوماسية الجزائرية طيلة عام 2025، إنّ «الجزائر لم تكف عن دعوة أعضاء الجهاز التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة إلى عقد جلسات طارئة لدراسة الأوضاع في قطاع غزة، وهو ما تجاوبت معه عواصم العالم والشعوب والأمم التي خرجت في القارات الخمس لنصرة القضية الفلسطينية، وتسبّبت في زعزعة الكيان الصهيوني الذي أصبح مطلوبا في المحاكم الدولية»، وأضاف أن الجزائر أجبرت الأعضاء الخمس بقبول طروحاتها، بعدما كانوا يستعملون حق النقض (الفيتو)، ونتج عن ذلك، زيادة عدد المعترفين بدولة فلسطين، حتى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من دخول هيئة الأمم المتحدة.
وكرّست الجزائر جهودها الدّبلوماسية للدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، عبر المحافل الدولية، بالرغم من كل المزاعم الباطلة والأكاذيب التي يلفّقها النّظام المخزني لتبرير هزائمه الدّبلوماسية أمام بلادنا في الكثير من المواقع.
وأشار نميري لــ “الشعب“ إلى زيارات عدد من الزّعماء العرب والأفارقة والأوروبيّين إلى الجزائر، لدفع وتحفيز العلاقات الثّنائية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، كما سجل طلب تجربتها الرائدة فيما يتعلق بالآليات الميكانزمات التي تستخدمها لحلحلة الأزمات الأمنية الدولية وعلى رأسها دول ليبيا ومالي ومنطقة الساحل الأفريقي.
وسجّل نميري بارتياح بالغ تضامن الجزائر مع البلدان الشقيقة، كما كانت الحال عند إدانتها الشديدة لانتهاك
الكيان الصهيوني سيادة دولة قطر، والتنديد مع الرفض القاطع لاعتراف الكيان الدموي بما يسمى «أرض الصومال»، لتجدّد دعمها لوحدة دولة الصومال الفيديرالية.
وأبرز نميري أنّ الدبلوماسية الجزائرية متواجدة في القارات الخمس للدفاع عن قضايا التحرر ونصرة المظلومين، وما نجاحها في تنظيم مؤتمر الأمن الإفريقي في وهران – يقول محدّثنا – سوى دليل على فعالية الجهاز الديبلوماسي وديناميكيته، فالدّبلوماسية الجزائرية تمتلك كل مقومات النجاح، ولها كل القرائن والحجج في حلحلة الأزمات من خلال الحوار.
وذكر نميري بأنّ الجزائر تعاملت، خلال العام، مع الانقلابات العسكرية في إفريقيا بشكل حازم، وفرضت تطبيق مبادئ الاتحاد الإفريقي الذي يرفض الاستيلاء على الحكم بالقوة، وكذلك رفضها تدخل القوى الأجنبية في أحداث هذه الانقلابات، وكانت في كل مرة تدعو إلى ضرورة العودة إلى نسق الحكم المدني، وإلى الدستور بوجود حكومة ومجالس منتخبة بشكل ديمقراطي بعيدا عن التدخل العسكري، وقد برزت مقاربتها السلمية في حلحلة كثير من المشاكل التي حاول البعض حلها بلغة السلاح والقوة، والنموذج موجود في ليبيا، مالي، النيجر، بوركينافسو ودول عديدة في القارة الأفريقية.
وخلص نميري إلى القول إنّ الجزائر ترافع دائما من أجل الوقوف على مسافة واحدة بين الأطراف المتنازعة، بعيدا عن السلوكات التي ترفع من حدّة التوتر، وتنعكس سلبا على الأمن والسلم الدوليين.





