حصيلـة تشريعيــة بأبعاد حيويـة..حمايـة الحقـوق وصــون تاريخ الأمة
واصلت الجزائر خلال سنة 2025 تعزيز منظومتها القانونية بمراجعة وتحيين العديد من النصوص، وسن أخرى بما يتماشى مع مسار الإصلاحات الشاملة التي تعرفها البلاد خلال السنوات الأخيرة في مختلف المجالات.
شهدت هذه السنة ديناميكية تشريعية كبيرة ساهمت في المجهود المبذول من أجل تهيئة بيئة تواكب متطلبات المرحلة التي تشهد تعزيزا مستمرا لدولة القانون، وأداء المؤسسات وضمان حقوق وحريات المواطنين.
ومن هذا المنطلق، كان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قد أكّد أنّ وضع نصوص قانونية جديدة ومباشرة إصلاحات عميقة للقوانين يعد تجسيدا للالتزامات التي تعهّد بها، مشدّدا على أنّ “النصيب الأوفر من المنظومة القانونية المستحدثة إنما يهدف إلى خدمة المواطن بصفة مباشرة”.
وتحقيقا لهذه الغاية، جاء نص القانون العضوي المتعلق بتنظيم محكمة التنازع ليشكّل لبنة جديدة تضاف إلى الترسانة القانونية الرامية إلى الرفع من الأداء القضائي، والاستجابة لتطلعات المواطن نحو عدالة قوية، قادرة على حماية الحقوق والحريات.
وفي سياق متصل بقطاع العدالة، عرفت سنة 2025 صدور قانون الإجراءات الجزائية الجديد الذي يهدف إلى حماية المال العام والاقتصاد الوطني، حيث تضمن أحكاما جديدة تواكب التطورات التي يعرفها المجتمع، وتوفر حماية الحقوق والحريات بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر.
كما تعزّزت المنظومة التشريعية الوطنية خلال سنة 2025 بالقانون المتعلق بالتعبئة العامة، والذي يهدف إلى الرفع من الطاقة الدفاعية للأمة، ومن قدرات القوات المسلحة عن طريق وضع الوسائل البشرية والمادية والموارد الضرورية تحت تصرّفها للسماح لها بأداء مهامها لحماية وحدة البلاد وسلامتها الترابية ومجالها البري والجوي والبحري في أفضل الظروف.
وعرفت سنة 2025 أيضا صدور النصين القانونيين المتضمّنين إحداث أوسمة عسكرية في الجيش الوطني الشعبي، الأمر الذي يعد تقديرا من الأمة لتضحيات أبنائها في سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية وترسيخ قيم الجمهورية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، تميّزت هذه السنة بصدور القانون المتعلق بالوقاية من المخدّرات والمؤثرات العقلية، وذلك في ظل تحول هذه الآفة إلى أحد أخطر التحديات التي تعصف بالمجتمعات وتستهدف شعوبها، وفي مقدمتها فئة الشباب.
أمّا قانون حماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، فقد شكّل مكسبا تشريعيا كرس حماية المواطن ومكافحة الجريمة، وأكد على تبني الجزائر للمعايير الدولية المعمول بها.
وفي سياق محاربة الجريمة، شهدت سنة 2025 صدور القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، الذي تضمن تدابير تهدف إلى حظر نشاط الأشخاص والكيانات الإرهابية، وإجراءات تتعلق بتجميد أو حجز أموالهم ومنع التعامل معهم.
وقد اختتمت سنة 2025 بعرض مقترح القانون المتضمن تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، باقتراح من المجلس الشعبي الوطني، بهدف تجريم الاستعمار الفرنسي من 1830 الى غاية 1962، وتحديد الطبيعة القانونية لهذه الجرائم، فضلا عن إدراج أحكام قانونية تتعلق بمسؤولية الحكومة الفرنسية عن ماضيها الاستعماري، وآليات مطالبتها بالاعتراف والاعتذار الرسميين عن ذلك.
ويتطرّق المقترح إلى مسألة التعويض الشامل والمنصف عن كافة الأضرار المادية والمعنوية الذي خلفها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، مع إقرار أحكام جزائية تتعلق بالتمجيد والترويج للاستعمار الفرنسي، والمساس برموز المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954.
كما تمّ أيضا عرض مقترح تعديل قانون يعدل ويتمم الأمر رقم 70-86 المؤرخ في 15 ديسمبر 1970 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية، والذي يطبق في حالات استثنائية محدّدة تشمل “الضرر بالمصالح العليا للوطن، الخيانة العظمى، التخابر مع دولة أجنبية أو المساس بوحدة المجتمع الجزائري، مع التركيز على الأشخاص الذين يستغلون جنسيتهم الأخرى للنيل من الجنسية الجزائرية الأصلية”.



