القطـاع الخاص مقبل على إقامـة شراكات قوّية مع مستثمرين عالميـين
الإصلاحات وفّرت بيئة قانونية أكثر طمأنينة وضمانات تشريعية واضحة
توالت التقارير الدولية رفيعة المستوى التي ترصد انتعاش الاقتصاد الجزائري ونموّه، مؤكدة في كل مرّة صواب المسار الإصلاحي وأهمية التدابير الاقتصادية المنجزة خلال السنوات الأخيرة، وفي هذا السياق، صرّح الخبير الاقتصادي الدكتور فارس مسدور بأن الهيئات التابعة للأمم المتحدة تُعد مصادر موثوقة تقدّم تقارير دقيقة ومُحايدة، تهدف إلى تقديم صورة موضوعية عن مناخ الاستثمار في مختلف الدول..
الخبير الاقتصادي فارس مسدور، أشار إلى أن الاعتراف الدولي بالإصلاحات التشريعية في الجزائر يعكس نجاعة هذه الإجراءات التي أسهمت في استقطاب استثمارات أجنبية معتبرة، مؤكداً أن رؤوس الأموال تبحث دائمًا عن بيئة آمنة ومستقرة، وهو ما توفره الجزائر، وتوقع مسدور أن تعرف وتيرة الاستثمار نموًا ملحوظًا في المدى القريب، خاصة خلال النصف الثاني من السنة الجارية، مع احتمال تصاعد أكبر خلال عام 2026، مدفوعًا بارتفاع مؤشر الثقة في الإصلاحات ووضوح الرؤية الاقتصادية.
وعرض الدكتور فارس مسدور سلسلة من الرؤى المستقبلية، مؤكدًا أن المسار الذي تنتهجه الجزائر في المجال الاقتصادي يسير في الاتجاه الصحيح، وهو ما أكده التقرير الدولي الأخير الذي سجل نموًا ملحوظًا في حجم الاستثمار الأجنبي في الجزائر، رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
وأوضح مسدور أن الإشكالية التي كانت تُعيق تطور الاقتصاد الوطني تمثلت أساسًا في المنظومة التشريعية التي شكلت لعقود عائقًا أمام تدفق الاستثمارات. غير أن الإصلاحات العميقة التي تبنتها الجزائر، لاسيما في مجال الاستثمار، وصدور القانون الجديد، ساهمت بشكل مباشر في استقطاب عدد معتبر من المستثمرين الأجانب.
وأرجع مسدور هذا التوجه إلى ما وفرته هذه الإصلاحات من بيئة قانونية أكثر طمأنينة، وضمانات تشريعية واضحة، خاصة في ما يتعلق باستقرار القوانين، وهو ما كان يشكل مصدر قلق رئيسي لدى المستثمرين في السابق.
رؤيـة واضحـة وجهود قوّيــة
في السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي فارس مسدور أن الجزائر شهدت لأول مرة تدفق استثمارات معتبرة، مدفوعة بتحسّن بيئة الأعمال، وترسيخ مبادئ الشفافية، ورقمنة الإجراءات، إلى جانب سلسلة من التحفيزات. كما أوضح أن عملية جذب الاستثمارات ما تزال متواصلة، وفق إستراتيجية مدروسة، تتعزز بجهود موازية تبذلها الدولة على المستوى الجبائي والجمركي، لاسيما من خلال الامتيازات الممنوحة للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
وأضاف الخبير قائلًا: “إن التقرير الدولي الأخير يعكس واقعًا اقتصاديًا ملموسًا، ويُعدّ نتيجة طبيعية لرؤية إصلاحية واضحة، وجهود مكثفة تُترجم اليوم في الجزائر المنتصرة”.
ولم يُخفِ أستاذ العلوم الاقتصادية أهمية هذه التقارير الدولية الموضوعية والدقيقة، لافتًا إلى أن المستثمرين الجادين غالبًا ما يستندون إليها في تقييم مناخ الاستثمار في مختلف البلدان، باعتبارها صادرة عن هيئات دولية ذات مصداقية، مثل تلك التابعة للأمم المتحدة. وأشار إلى أن هذه التقارير تُعدّ أدوات استئناس حاسمة في اتخاذ القرار الاستثماري، سواء بالإقدام أو الإحجام، بعيدًا عن التقارير التي تصدرها بعض الجهات ذات الأجندات العدائية، والتي تحاول - بشكل أو بآخر - ابتزاز الدول واستهداف استقرارها.
تطوّر سريع واستمرار الانجازات
توقّع الخبير الاقتصادي أن تشهد وتيرة استقطاب الاستثمارات الأجنبية في الجزائر تصاعدًا مستمرًا على المديين القريب والمتوسط، خصوصًا في ظل الوضع الجيوسياسي والاقتصادي العالمي الراهن، بما يحمله من تقلبات وتعقيدات، وأشار إلى أن المستثمر، وفق تقديرات الخبراء، يُعرف عنه الحذر الشديد، إذ أن رأس المال بطبيعته يبحث عن الأمان والاستقرار، ويتجه حيث تتوفر بيئة استثمارية هادئة ومحفزة. ومن هذا المنطلق، تبرز الجزائر كوجهة جاذبة للمشاريع ورؤوس الأموال، لما توفره من مناخ واعد وضمانات حقيقية لاستقرار الاستثمار.
وأكد الدكتور فارس مسدور أن وتيرة تدفق الاستثمارات على الجزائر مرشحة للارتفاع خلال الأجل القصير، لا سيما في النصف الثاني من السنة الجارية، مع ترقّب تصاعد أكبر بحلول عام 2026، في ظل المؤشرات الإيجابية المسجّلة ميدانيًا.
وفيما يتعلّق بالاستثمارات المرتقبة، أشار مسدور إلى أن كافة المؤشرات الميدانية تؤكد هذا المنحى، موضحًا أنه لمس اهتمامًا كبيرًا بالاستثمار في الجزائر من خلال تواصله المباشر مع فاعلين اقتصاديين في عدد من الدول، على غرار تركيا، حيث قدّم سلسلة محاضرات ووقف خلالها على رغبة حقيقية لدى العديد من المستثمرين في دخول السوق الجزائرية.
وأوضح أن حجم الاستثمارات التركية في الجزائر تجاوز 5 مليارات دولار، مع توقعات بارتفاعها في السنوات القليلة المقبلة، في ظل العلاقات المتينة بين البلدين وتحسّن مناخ الأعمال.
وفي خضم هذا التطور الايجابي، تطرق الخبير مسدور إلى أهم القطاعات المرشحة للقيام بدور محوري في تنويع الاقتصاد وخلق الثروة والمنتظر، في ظل هذه المؤشرات الجيدة، من بينها كل من قطاع الصناعات الغذائية وصناعة قطع الغيار والإكسسوارت، وكذا الصناعات المنجمية والقطاع الفلاحي، قطاعات بدورها تعدّ جاذبة في الجزائر، وبالإضافة إلى الخدمات، وعلى وجه التحديد، المنظومة الصحية.
وأثنى الخبير مسدور على أهمية السياحة وقطاعات أخرى مثل الصناعة البتروكيماوية بفضل توفر الجزائر على ثروات ضخمة من المشتقات البتروكيماوية، إلى جانب تدفق الاستثمارات في مجال الطاقات المتجدّدة، وبالموازاة مع ذلك، فإن الجزائر مقبلة على توسيع دائرة استغلال الطاقات المتجددة وتوسيع نطاق النقل الجوي والبري خاصة عبر الوجهة الإفريقية. وفي ظل هذا التطور السريع واستمرار الانجازات ينتظر من القطاع الخاص على ضوء تقدير الخبير، إقامة شراكات قوية وجديدة مع مستثمرين عالمين وشركات كبرى رائدة بفضل التسهيلات الممنوحة من طرف الدولة وبدا أثرها المحسوس يتجلى على أرض الواقع.