أطاح بمروجي الكوكايين والأقراص المهلوسة.. الدرك الوطني لغرداية:

ضرب معاقل شبكات التهريب وتأمين السياح

مبعوثة «الشعب» إلى غرداية: آسيا مني

أمام تحدّي مزدوج جمع ما بين تجفيف منابع تمويل وتهريب المخدّرات، وتوفير الأمن والأمان لآلاف السياح الوافدين إلى مدينة القصور السبع، تظهر احترافية رجال «البزّة الخضراء»، «أصحاب العيون التي لا تنام»، حيث تجدهم على تأهّب واستعداد لضرب معاقل الإجرام، وتضييق الخناق على أكبر شبكات تهريب الكوكايين والأقراص المهلوسة، وإحباط كل عمليات نقل هذه السّموم من أقصى الجنوب الشرقي للوطن إلى شماله، مبدين يقظة تامة مكّنت القيادة الجهوية الرابعة للدرك الوطني من إحكام سيطرتها على أكبر الشّبكات النّاشطة بالمنطقة عبر وحداتها العاملة تحت القيادة الجهوية الإقليمية لغرداية، التي يتم توجيه أفرادها من قبل العقيد ناصري عبد الواحد تنفيذا لتعليمات القيادة العامّة.

                                                                                         
 تشديد أمني وتأهّب تام من مصالح الدرك الوطني عبر مداخل ومخارج مدينة غرداية، عبر دوريات متنقّلة وأخرى ثابتة لإفشال كل خطط ومساعي بارونات المخدّرات، وإغلاق كل منافذ وطرق التهريب الممتدّة من أقصى الجنوب الشرقي للوطن باتجاه ولايات الشمال عبر ولاية غرداية، مفترق جامع ما بين ولايات حدودية، في الطريق الوطني رقم واحد، جعلها عرضة لأي تهديدات من شأنها أن تمس باستقرارها، غير أنّ يقظة رجال الدرك العاملين عبر إقليمها، السّاهرين على تنفيذ مخطّطات وتعليمات القيادة المحكم الذي سخّرت فيه كل الوسائل والطاقات، مكّن من الإطاحة بمهرّبي المخدرات والمؤثرات العقلية وبسط الأمن حتى يتسنى لهذه المدينة العريقة أن تروّج لإرثها الحضاري، وتكون قبلة للسياح الأجانب بامتياز.              
ولأنّ أسواقها الشّعبية كانت ولا تزال بمثابة متاحف في الهواء الطلق، تحكي فيه مقتنياتها قصصا عن تاريخ وأصالة المنطقة، ذات الهندسة المعمارية المتميزة التي لطالما كانت محل اهتمام السياح الراغبين في اكتشاف حاضنة القصور الثّقافية المصنفة ضمن الإرث الثقافي، استدعت من المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بغرداية توفير الأمن داخل أزقتها، وعبر مختلف مداخلها بتخصيصها دوريات راجلة تسهر على أمن الوافدين إليها، لتكون أوّل نقطة أمنية يقف عليها الوفد الإعلامي القادم في رحلة بحث واكتشاف رفقة رئيس خلية الإعلام والاتصال بالقيادة الوطنية للدرك الوطني المقدم بزيو عبد القادر، في مهمّة رافقنا فيها النقيب أراميس عبد الغني، مكلّف بالإعلام بالمجموعة الإقليمية للدرك بغرداية، كان لنا فيها فرصة الاطّلاع عن مهام الدرك بهذه الولاية التي باتت تنعم بالهدوء والأمان، حيث كان فيه المرشدون السياحيّون يتناوبون على الطواف بالزوار داخل أزقتها، التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، على غرار السوق العتيق أو الذي بات يعرف بسوق جحا، بعد تصوير داخله المسلسل الجزائري «جحا».       

أمن وحركية كبيرة للسياح

صور عكست نجاح رجال الدرك الوطني رفقة مختلف الشركاء الأمنيّين في بسط الأمن والأمان في ولاية عريقة بنشاطها السياحي الصحراوي، حيث تشير الإحصائيات المقدّمة من طرف الدرك، إلى تدفّق إجمالي للسياح وصل 59595 سائح من داخل الوطن
و1131 سائح أجنبي خلال سنة 2021 مقارنة بـ 36463 سائح من داخل الوطن و1235 سائح أجنبي خلال سبعة أشهر من سنة 2022، بزيادة تقدر بـ 8.42 بالمائة بالنسبة للأجانب، ممّا خلق حركية كبيرة في الجانب السياحي، إضافة إلى توفر المنطقة على مؤهّلات التّوسّع السياحي على غرار ثلاثة مناطق مصنّفة، منها منطقتين في بلدية زلفانة ومنطقة في بلدية القرارة، حيث تمنح هذه المناطق فرص الاستثمار السياحية في مجال السياحة الحموية، إضافة إلى وجود خمس مناطق التوسع السياحي مقترحة للتصنيف في طور الدراسة في كل من بلديات غرداية، متليلي، المنصورة والقرارة. ويقدر عدد المؤسسات الفندقية سبعة وثلاثين مؤسسة فندقية، تبلغ فيها طاقة الإيواء بالولاية 2921 سرير.

ردع وتحسيس

ولأنّ منطقة وادي ميزاب التي يمر عبرها الطريق الوطني رقم واحد جعلها مفترقا يجمع خمس ولايات صحراوية هي الأغواط، ورقلة، منيعة، البيض والجلفة، وحوّلها إلى منطقة عبور لآلاف الأقراص المهلوسة والمخدرات الصلبة، دفع القيادة الجهوية الرابعة ممثلة في مجموعتها الإقليمية الولائية، إلى العمل دون هوادة من أجل إحباط عمليات التهريب، وتكون بمثابة سد منيع أمام محاولات تمرير هذه السموم عبرها، ولعل أهم شق تركّز عليه هو منع تحول الولاية من منطقة عبور إلى منطقة استهلاك، واعتمدت من أجل بلوغ هذا الهدف استراتيجية أمنية تجمع بين الشقين الردعي والتحسيسي.
ففي الشق التحسيسي تعمل المجموعة الاقليمية وفق تصريحات النقيب أراميس عبد الغني، مكلف بالإعلام بالمجموعة الإقليمية للدرك الوطني بغرداية، على تنظيم أبواب وندوات تستهدف من خلالها فئة الشباب على غرار اليوم التحسيسي الذي تمّ تنظيمه بمركز التكوين المتواصل.
وأكّد النّقيب أراميس في مداخلة له، أنّ مشكلة الإدمان على المؤثّرات العقلية هي من أخطر المشاكل التي يتعرّض لها المجتمع البشري، وأكبر تحدّ يواجهه الأجيال اليوم، وعليه تعمل قيادة الدرك الوطني على مكافحتها بشتى الطرق، إدراكا منها بخطورة مشكلة المؤثرات العقلية وآثارها السيئة، حيث أولت في هذا الشأن اهتماما كبيرا بمراقبة الأشخاص، وجعلتها في طليعة أولوياتها، واتّخذت مجموعة من الإجراءات التي ساهمت وبشكل فعّال في توقيف العديد من المهربين وحجز آلاف المؤثرات العقلية، مع التنسيق بين مختلف الوحدات عبر التراب الوطني، وتنظيم حملات تحسيسية عبر المؤسسات لتوعية الشباب حول مخاطر المؤثرات العقلية، والمشاركة في الندوات التي تنظم داخل الوطن وفي الخارج لتبادل المعلومات لمكافحة هذه الآفة.      

تعزيز القدرات الفكرية للشّباب

 كما أشار في معرض حديثه إلى منحى إصلاحي تعزيزي مع الشباب، يقوم على بناء وتعزيز قدرات الشباب الفكرية والاجتماعية والسلوكية، انطلاقا من فكرة أنّ المعركة ضد المؤثرات العقلية معركة جماعية، والمسؤولية مشتركة يتقاسمها الكل دون استثناء، في ظل استعمال التجار والمهربين لتقنيات حديثة وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات في الترويج والتصنيع غير المشروعين في المؤثرات العقلية. وكان لنا في الشق الردعي وقفة ميدانية تجسّدت في مداهمة ليلية مشتركة ما بين رجال الدرك والأمن الوطني، بقيادة الرائد باقة عبد العالي، قائد الكتيبة الإقليمية بالدرك الوطني بغرداية، الذي حرص خلال توجيهاته المقدّمة لرجال الدرك والأمن، على ضرورة محاربة الجرائم بشتى أنواعها، والعمل على التعرف على أكبر قدر ممكن، وتوقيف الأشخاص المبحوث عنهم، من خلال التركيز على المناطق المعروفة بالإجرام، حاثّا الجميع على العمل بالاحترافية والصرامة مع ضرورة احترام حقوق الإنسان لتنطلق بعدها القوات باتجاه مختلف الأماكن المعروفة، حيث تمّ تعريف عدد من الأشخاص، وتوقيف المشتبه فيهم.
وبلغة الأرقام تحدّث النقيب أراميس عن مختلف قضايا الإجرام والمحجوزات المعالجة من قبل المجموعة الإقليمية الدرك الوطني، كاشفا عن حجز 2986.17 غ من الكيف المعالج و1116588 من الكوكايين و28164 كبسولة قرص مهلوس و32 غ من القنب الهندي، وفي قضايا التهريب تمكّنت ذات المصالح من حجز 29559 قارورة مشروبات كحولية، طائرة بدون طيار من نوع درون وثلاثة أجهزة تخص كشف المعادن، 5 بنادق صيد تعمل بضغط الهواء أوتوماتيكية من نوع .ex
كما سجّلت وحدات للمجموعة خلال 2022 في إطار محاربة الإجرام المنظم 181 قضية، تم على إثر ذلك توقيف 265 شخص، أودع 135 منهم المؤسسة العقابية، حيث سجل ارتفاع في عدد القضايا المعالجة المعالجة بنسبة 7.65مقارنة مع سنة 2021 التي سجل خلالها 7.58 بالمائة من إجمالي القضايا.    
وتمّ تسجيل زيادة في إجمالي القضايا المسجلة بنسبة 25.83 مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021، حيث بلغت خلال هذه الفترة من 2022، 72.89 بالمائة وسجلت وحدات للمجموعة خلال نفس السنة زيادة في عدد القضايا بناءً على شكوى مقدّرة بـ 205 قضية بنسبة 25.58، كما أحصت زيادة في عدد القضايا المعالجة بمبادرة بمجموع 358 قضية بنسبة 22.80 بالمائة.

نمط عمراني فريد وجمال ساحر  

 ولأنّ مدينة تغردايت سياحية بامتياز، لم نستطع مغادرتها دون التعرف عن قرب عن مقوّماتها الطبيعية الساحرة، عن جمال واحاتها، معالمها وقصورها، التي شيدها الإنسان وجعلها ديكورا جذّابا يسر الناظرين، ويعكس أصالة شعب يتمسك بهويته الوطنية.
أما شوارعها فلمسنا فيها أصالة منطقة نجح سكانها في بناء نمط معماري فريد من نوعه عبر التاريخ، من خلال محافظتهم على قصورها المتناغمة وتناسقها المعماري، واختيار ألوانها التي لا تزال تجذب إلى يومنا هذا عددا كبيرا من السياح والعلماء والمهندسين المعماريين ذوي سمعة عالمية.
وتتميز ولاية غرداية بالحياة الاقتصادية النشطة، فقد اشتهرت بزراعة النخيل ونسج الزرابي التقليدية التي تحتوي تصاميمها على رموز وأشكال ترمز لأسس اجتماعية، ثقافية وتاريخية خاصة بالمنطقة، وحتى واحاتها العديدة التي أخذت سمعة كبيرة، حيث أنها توجد على بعد كيلومترات من القصور، وتحتوي على العديد من المنشآت المائية كالسدود والقنوات الجوفية والآبار، وتشكّل جميعها نظاما عبقريا لتقاسيم المياه بشكل متساوٍ، والمعروف على المستوى العالمي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024