رئيس ديوان وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، رحيم جمال

الطابـع الاجتماعي للدولة الجزائرية.. ثابـت لا يحــول..

فتيحة كلواز

 33 ألف متمدرس في الطورين الثاني والثالث من ذوي الاحتياجات الخاصة

 كتاب البراي في المواد العلمية سمح باختيار المكفوفين الشعب العلمية بالثانوي

 86 ألف مليون دينار ميزانية منحة ذوي الاحتياجات الخاصة

 الاسرة المنتجة عزّزت دور المرأة الريفية في الحركية الاقتصادية

 1600 مسّن متواجد على مستوى المراكز المتخصصة

 إعادة الادماج الأسري للمسّن...هدف أساسي للمزارع البيداغوجية

بغية إرساء عدالة اجتماعية تحقق التضامن الاجتماعي والتكفل بالفئات الهشة، استطاعت الجزائر خلال السنوات الأخيرة تطوير فلسفة اجتماعية جديدة على مستوى قطاع التضامن، لتكون تجسيدا ميدانيا للبعد الاجتماعي للدولة، حيث حرص رئيس الجمهورية على إعطاء ذوي الاحتياجات الخاصة، المرأة، المسنين والطفولة المسعفة الأولوية من أجل تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف فئات المجتمع، حتى يساهم كل فرد منه في بناء جزائر جديدة لا تقصي أحدا من عضويتها الاجتماعية.   

أكد رئيس ديوان وزارة التضامن الوطني والاسرة وقضايا المرأة رحيم جمال في تصريح لـ»الشعب»، ان العدالة الاجتماعية مبدأ راسخ في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية تجسيدالأحد مبادئ بيان أول نوفمبر 1954، الذي أعطى الدولة طابعها الاجتماعي بالإضافة إلى انه مبدأ كرسته جميع دساتير الجزائر المستقلة، من خلال السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية بالتساوي في الحقوق بين جميع المواطنين.
في ذات السياق، أوضح ان دستور 2020 كرس وأكد بصفة قطعية الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية من خلال مادة صريحة، من أجل ضمان مؤسسات الجمهورية تساوي كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات.

ذوي الهمم .. قفزة نوعية
قال جمال رحيم إن قطاع التضامن الوطني من خلال إشرافه ومسؤوليته على أكثر من نصف سكان الجزائر المنزوين تحت صلاحياته كذوي الاحتياجات الخاصة، المرأة، الطفولة، والمسنين، حيث أعطى القطاع أهمية قصوى لتمدرس الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على اعتبار أنه حق دستوري لا ينازعهم فيه أحد.
في هذا الصدد، صرح رئيس الديوان بوزارة التضامن الوطني والاسرة وقضايا المرأة أن عدد المتمدرسين من هذه الفئة بالطورين المتوسط والثانوي وصل حاليا الى 33 ألف تلميذ، منهم ما يقارب 10 آلاف تلميذ في المؤسسات التعليمية العادية، وذلك تجسيدا لانضمام الجزائر للاتفاقية الدولية لذوي الاحتياجات الخاصة التي تنص على عدم التفرقة بين التلاميذ العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة في التمدرس.
أما فيما يتعلق بالمؤسسات المتخصصة فيصل عددها الى 239 مؤسسة موزعة عبر مختلف مناطق الوطن هي معنية بضمان التمدرس الخاص لهذه الفئة، مع وجود إمكانية انتقال التلميذ الى مؤسسة تعليمية عادية في حالة وجود تأهيل خاص واثبات قدرته على مزاولة دراسته فيها بصفة طبيعية وعادية.
وكشف ان تعليمات رئيس الجمهورية الأخيرة لتوفير كتاب البراي في المواد العلمية كالعلوم والرياضيات والفيزياء في الطور الثانوي، ما سيسمح بالقضاء على الصورة النمطية في دراسة المكفوف في هذا التطور، بعد ان تعودنا توجهه الى الشعب الأدبية، وعليه سيتمكن من اختيار الشعب العلمية والحصول على شهادة بكالوريا فيها، مؤكدا أنها خطوة مهمة تعزّز العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
بالإضافة الى كتب البراي في الطور الثانوي، جاءت تعليمات رئيس الجمهورية بإنشاء مدرسة عليا للصم والبكم لتكوين الأساتذة المتخصصين في الطور الثانوي، لتعطي هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة الفرصة للحصول على اكتساب علمي نوعي يمكنهم من الالتحاق بالجامعة ومكيف من أجل إدماجهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
 ولاحظ أن الطور الثانوي كان يعرف نقصا كبيرا بسبب ان وزارة التضامن معنية بتأطير الطورين الابتدائي والمتوسط، لذلك كان افتتاح وزارة التعليم العالي للمدرسة الوطنية للصم والبكم أكتوبر الماضي، خطوة أخرى لتحقيق تكافؤ الفرص بين التلاميذ في هذا الطور، معتبرا ان كل ما تحقق خاصة هذه السنة قفزة نوعية لم تتمكن من بلوغها حتى الدول الأكثر تطورا.
والى جانب حق التمدرس، تخصص الدولة لهذه الفئة من المجتمع منحة لمختلف شرائحها، حيث يتحصل أصحاب الإعاقة بنسبة المائة في المئة على مبلغ قدره 10 آلاف دج،  أما الاقل من مائة بالمائة يتحصلون على منحة قدرها 3000دينار بالاضافة الى التغطية الاجتماعية، كاشفا ان الميزانية المخصصة للمنحة تقارب 86 ألف مليون دينار دون احتساب التغطية الاجتماعية، مرجعا كل ما حققه ذوي الاحتياجات الخاصة على المستوى الدولي الى ما قدمته ووفرته الدولة من إمكانياتّ لهذه الفئة من المجتمع.

الأسر المنتجة واقتصاد مجتمع
اعتبر المتحدث الاسرة المنتجة وجها آخر للعدالة الاجتماعية والتضامن مع الفئات الهشة من المجتمع، وقال في هذا الصدد، إن رئيس الجمهورية أولى الملف أهمية كبيرة تعكسها وضع 12 قطاعا وزاريا للاهتمام بهذا الملف، في هذا السياق عملت الوزارة على منح النساء فرصة أداء دور اقتصادي محوري من خلال وكالة «اونجام» للقرض المصغر قبل تحولها الى قطاع آخر، حيث استفاد منها الى غاية 2022 حوالي مليون شخص، 60 بالمائة منهم نساء خاصة المرأة الريفية.
ولاحظ ان المرأة التي كانت تعيش في معزل رغم تمكنها من موروث ثقافي كبير يجعل من دورها محوريا كمربية ومنتجة، استطاعت الاسرة المنتجة إعادتها الى الواجهة كمحرك اقتصادي في مرحلة بناء الجزائر الجديدة، خاصة في المناطق الريفية، لتساهم المرأة بذلك في تحسين معاش أسرها.
وقال إن الوزارة ثمنت هذا المجهود من خلال تقديم دعم لهذه الفئة تمثل في استفادتها من دعم على مستوى التكوين المهني، ورافقنا الكثير منهن عن طريق الخلايا الجوارية للتضامن التي يبلغ عددها 275 خلية جوارية، الى جانب تكوين في كيفية تسيير القرض.
 وبعد سنوات قليلة أصبح المنتوج الذي تقدمه تلك النساء الريفيات يضاهي السلع العالمية، فقد أبانت المعارض الاقتصادية التي نظمتها الوزارة بالشراكة مع الهيئة الدبلوماسية عن نجاح كبير لهذا المنتوج الذي تصنعه تلك النسوة، ما يعكس قدرته على التنافسية حتى في المسابقات الدولية.
وقال ان نشاط الاسرة المنتجة في مجالات مختلفة كالزيوت الطبية، الصابون، العسل الذي يتوفر بمختلف الأنواع في السوق الجزائرية المحلية، الخبز التقليدي، صناعة الزرابي والحلي التقليدية، غيّر وحسّن المعاش على مستوى الأرياف، وأصبحت المرأة المنتجة تُغيِّر معاش عائلتها وحدها.
بالإضافة الى ذلك، نجد البرنامج الخاص الذي وضعه رئيس الجمهورية لتقليل التفاوت الموجود بين المناطق فيما يتعلق بالتهيئة العمرانية كالطرق، توصيل شبكات الكهرباء والغاز، ولاحظ انه بعدما كنا نتحدث سابقا عن غاز المدينة أصبحنا اليوم نتحدث عن الغاز الطبيعي بسبب ربط مختلف مناطق الوطن حتى البعيدة والجبلية بشبكات الغاز الطبيعي.
كما خصصت الوزارة 1500 مشروع لذوي الاحتياجات الخاصة لتسهيل ولوجهم باب التكوين وتحسين الأداء وتعليب المنتوج وعرضه في الأسواق بطريقة مهنية، فحتى في شهر رمضان المبارك يحث قطاع التضامن دائما الاسر المنتجة على عرض سلعهم في فضاءات خاصة.
 بغية تقليص الهوة وإعطاء المرأة المكانة الأساسية التي تستحقها كمربية للأجيال وحاملة للموروث الثقافي الجزائري، «لأننا في وقت ما كان الموروث الثقافي الجزائري محتكرا من طرف دول أخرى»، واليوم عاد الجزائري بقوة عبر المنتوجات التقليدية لإبراز الهوية الوطنية كقوة اقتصادية في المحيط الإقليمي.
في نفس الوقت، أكد رئيس الديوان بوزارة التضامن الوطني والاسرة وقضايا المرأة أنه إضافة الى برامج التنمية الجماعية التي وضعت في الثلاث سنوات الماضية من أجل تحسين معاش المواطن والمحيط، سمحت لبعض العائلات المستفيدة من القرض المصغر ولوج بعض التخصصات التي لم تكن متداولة من قبل كإعادة تدوير النفايات، مشيرا الى ان الهدف الأول من كل هذه الخطوات في قطاع التضامن هو تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعتبر أحد مبادئ القطاع.
في سياق ذي صلة، تم وضع دليل اجتماعي واقتصادي انجزه القطاع لفتح المجال واسعا أمام الجميع من أجل تحقيق تكافؤ الفرص، سواء عن طريق مختلف التراتيب الموضوعة للعمل على ضمان الحق في الحياة، والتعليم والصحة والسكن والرعاية الاجتماعية للفئات الهشة والعمل والماء الشروب، بل تعدت الى الحق في ضمان بيئة سليمة من أجل حماية الأشخاص وتحقيق رفاهيتهم.
وهنا نتحدث عن المادة 21 من الدستور التي تؤكد على سياسة استشراف المستقبل، لذلك هدفنا اليوم هو كيفية تحقيق قفزة نوعية في إعادة تطوير المواطنة، لأننا اليوم مطالبين بإعادة تهيئة فكر اجتماعي جديد يجعل المواطن أكثر إيجابية وأكثر صلاحا لمجتمعه، بالانتقال من دور المتفرج الى دور تفاعلي ومتفاعل مع المجتمع، فكما اليوم لك حقوق لك أيضا واجبات وأهم الواجبات الأساسية هو أن يكون مواطن صالح يحافظ على البيئة ويشارك في الحركة الجمعوية والمجتمع المدني، لأن العيش داخل مجتمع يفرض على الفرد بعض السلوكيات كاحترام الغير والحريات الخاصة والجماعية.

مزارع بيداغوجية لإعادة إدماج المسنين
لا يمكن الحديث عن الفئات الهشة من المجتمع دون التطرق الى فئة المسنين، وقال جمال في هذا الصدد ان الشخص المسن يعتبر موروثا ثقافيا وتاريخيا وتربويا له دوره داخل الاسرة، وبالتالي حتى وجوده خارج الاسرة يلزمنا كقطاع تضامن عبر 31 مؤسسة موجودة عبر 26 ولاية التكفل بهذه الفئة، كاشفا ان عدد نزلائها لا يتعدى 1600 مسن.
واعتبر الرقم ضئيل مقارنة مع عدد سكان الجزائر 45 مليون نسمة، من بينهم حوالي 4 ملايين و500 ألف مسن، قائلا: «حاولنا العمل على مبدأ إعادة الادماج الاسري لهذا المسن، وحققنا نتائج كبيرة سواء بالسماح له بأن يصبح منتج من خلال خلق مؤسسته الخاصة، ما يجعله يقبل العودة الى أسرته، خاصة إذا علمنا ان العامل الاقتصادي غالبا ما يكون السبب الأول في خروجه منها، فاستعادته للحياة المهنية تشعره بقيمته وانه ليس عالة أو عبء ثقيلا على عائلته».
وأوضح «في كثير من الأحيان نوصي الخلايا الاجتماعية ومديريات النشاط الاجتماعي وخلاياها والخلايا الموجودة على مستوى هذه المؤسسات (دور المسنين) بالعمل على إعادة ادماجهم في أسرهم ما سمح بإعادة المئات منهم الى حضن عائلاتهم، عن طريق محاولة حلحلة بعض المشاكل الموجودة وتدخل المختصين النفسانيين.»
أما الأشخاص الذين بقوا في المؤسسات فقد تم انشاء مزارع بيداغوجية امتدادا لخطة مدريد 2020-2030 التي تنص على ضرورة وجودة مساحات خضراء، وقد أنشأت هذه المؤسسات حتى يساهم الشخص المسن في غرس النباتات والإنتاج، ما سيكون له أثر مباشر على محيطه الخارجي، وكل هذه الآليات تدخل في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع.
وفي نفس السياق ومن أجل تسهيل وصول مختلف الفئات المعنية للخدمات المتوفرة، قال جمال ان الوزارة حرصت على مرونة حصول المسن على المنحة خاصة بالمسنين، حيث لم يعد تنقلهم ضروريا، يكفي توجههم الى مكتب البريد لسحبها.
الى جانب ذلك، تحدث جمال عن التحقيقات الميدانية التي تقوم بها الخلايا الجوارية والتي سمحت للجهات الوصية بالتعرف على النقائص الموجودة على مستوى العائلات والمرافق، من خلال رفع الانشغالات الى السلطات الولائية من أجل القضاء عليها وتداركها.
في الوقت نفسه، ثمّن المتحدث الإرادة السياسية الموجودة اليوم لدى رئيس الجمهورية، مؤكدا على ضرورة استغلالها في تغيير الجزائر نحو الأفضل وفي بناء دولة قوية واقتصاد قوي، وبناء قوانين اجتماعية قوية تجعل الجزائريين يفتخرون بانتمائهم الى هذا الوطن.

الطفل.. جوهر فلسفة اجتماعية جديدة
فيما يتعلق بالطفولة المسعفة، قال ان الاطفال من أصحاب الهمم الذين يدرسون في النظام العادي يحققون نتائج جيدة ويلتحقون بصفة طبيعية بالطور المتوسط أين يجدون الدعم البيداغوجي اللازم، ونفس الشيء في الطور الثانوي، ما يمكنهم من دخول الجامعة وتحقيق ذاتهم، وهو ما يعني ان الجزائر استطاعت القضاء على الفرق الموجود ليصبحوا عناصر منتجة في المجتمع.
أما الموجودين داخل المؤسسات سواء الطفولة الجانحة أو المحرومة المشرع الجزائري جسد الحاق الطفل بالاسم العائلي بالنسبة للطفولة في إطار الكفالة، الهدف منها إعطاء الفرصة لتنشئة سليمة للطفل المحروم، مصالح التربية والمساعدة الموجودة على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي (التي كانت تسمى سابقا مصلحة التربية والمتابعة في الوسط المفتوح)، هدفها تقليص فرص الاقصاء ومنح الفرصة لهؤلاء الأطفال لإعادة ادماجهم داخل المجتمع من خلال متابعة المربين لهم، هذه كلها حتى يعيش الطفل في المؤسسات الخاصة بصفة عادية وهي تلخص الفلسفة الاجتماعية التي طورها قطاع التضامن اليوم.   

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024