مشاريع تعدّدت ووعود تجسـّدت

باتنـــة..رهـــان التنميـــة الشاملـــة

باتنة: حمزة لموشي

 الطريق السيار..الماء..السكن والمنجز الصحي..قصة نجاح يتواصل

تعزيز حق المواطن في حياة كريمة والتكفل بحاجياته

تتواصل جهود الدولة في دعم مسار التنمية المحلية بولاية باتنة، باعتبارها عاصمة للأوراس وقلبها النابض، تحولات تنموية عميقة وهامة على جميع المستويات وفي مختلف القطاعات، وذلك بفضل البرامج والمشاريع التي أطلقتها وأولت لها اهتمامًا كبيرًا، حيث عرفت المئات من المشاريع طريقها نحو التجسيد الفعلي في بلديات الولاية 61.

تحسنت المؤشرات التنموية بولاية باتنة كثيرا، والمعطيات الميدانية تؤكد ذلك، خاصة بعد أن تم رفع التجميد عن المشاريع الكبرى في القطاعات الحيوية، بفضل جهود السلطات العمومية العليا للدولة، تجسيدا للتنمية الحقيقية وتعزيزا لحق المواطن في حياة كريمة والتكفل بحاجياته خاصة بكبريات مدن باتنة ومناطقها النائية والمعزولة.

ربط باتنة بالطريق السيار..حلم تحقق

ولعل قطاع الأشغال العمومية من بين القطاعات الحيوية التي شهدت وثبة تنموية، تمثلت أساسا في الطريق السيار شرق-غرب، الذي يُعد الشريان الحيوي وأهم الإنجازات، حيث تم ربط ولاية باتنة به، ليسهل هذا الطريق حركة الأشخاص والبضائع، ويقلص زمن التنقل إلى العاصمة والمدن الكبرى الأخرى، مما عزز من جاذبية الولاية الاقتصادية والتنموية.
وقد بذلت جهود كبيرة على المستوى المحلي لاستلام مقطع باتنة الخاص بالطريق السيار شرق غرب الرابط بين باتنة وولايتي أم البواقي وميلة، بفضل وتيرة الإنجاز ونوعية الأشغال، إذ تُعتبر تجربته رائدة، مُقارنة بحجم الإنجاز الوطني في مشاريع مماثلة تهدف لربط الطريق السيار شرق-غرب عبر الطرق السيارة الجديدة.
ويمتد الشطر الأول على مسافة 20 كيلومترا داخل ولاية باتنة، والذي تم إسناده لمؤسسة كوسيدار الوطنية، بلغ مراحله النهائية، حيث تم رفع جميع العراقيل وإنجاز الجسور، وتقوم المؤسسة حاليا بوضع اللمسات الأخيرة من إشارات المرور الأفقية والعمودية ليكون جاهزًا للتسليم في التاريخ المحدد.
ويلعب الطريق أهمية إستراتيجية، كونه يُساهم في تسهيل المرور وتنمية الاقتصاد والاستثمار في المنطقة، كما يتيح الطريق الجديد لسكان الجنوب، القادمين من ولايات بسكرة وخنشلة وأم البواقي، الوصول مباشرة إلى ولاية ميلة، مما يقلل من الازدحام ويسهل حركة المرور.
وفيما يخص الشطر الثاني، الذي يربط بين ولايتي أم البواقي وميلة، فتم اتخاذ مبادرة مشتركة مع ولايتي ميلة وأم البواقي لتذليل جميع العقبات وتجاوز المشاكل التي تعترض تقدم الأشغال، من أجل تسليم الطريق في أقرب الآجال.
ويُتوقع استلام المقطع الأول من مشروع ربط ولاية باتنة بالطريق السيار، بعد الانتهاء من أشغال إنجازه، حسب ما أفادت به السلطات العمومية بولاية باتنة، وذلك خلال نهاية السداسي الأول من العام الجاري 2025، ليكون جاهزا للاستغلال والدخول حيز الخدمة أمام المركبات.
المشروع الحلم تأخر استلامه لأكثر من 4 سنوات بسبب مشاكل إدارية وعراقيل بيروقراطية، وتقاعس أيضا للمقاولات المنجزة، حسب ما أفادت به السلطات المعنية، حيث تم رفع التحفظات والعراقيل التي تواجه إتمامه، ويندرج إنجاز المشروع استجابة لتطلعات سكان هذه الولايات، خاصة في مجال تطوير شبكة الطرقات وتحسينها، إضافة إلى أهمية مشروع ربط باتنة بالطريق السيار شرق غرب، الذي سيُمكن من ربط عدة ولايات مجاورة لباتنة بميناء -جن جن- بولاية جيجل، سيما خنشلة وبسكرة وسيجعل من ولاية باتنة منطقة عبور حقيقية لمختلف المتعاملين الاقتصاديين بالنسبة للولايات الشرقية للوطن.

التموين بمياه الشرب والسقي الفلاحي..الجودة

من جهته، قطاع الري والموارد المائية تدعم بعدة مشاريع تنموية حيوية، بعضها كان مُجمدا لسنوات، حيث ساهمت هذه المشاريع فور استلامها في وضع حد لمعاناة السكان والفلاحين جراء نقص التزود بمياه الشرب والسقي الفلاحي، وتندرج في إطار التكفل الأمثل بانشغالات السكان المُتعلقة بتحسين الخدمة العمومية في مجال المياه الصالحة للشرب.
وأبرز هذه المشاريع الهامة، استكمال أشغال تجديد قناة نقل وتحويل المياه، من سد بني هارون بولاية ميلة، إلى سد كدية لمدور بتيمقاد بباتنة، والتي انطلقت أشغال ورشات الشطر الثاني، بعد تخصيص غلاف مالي كبير يفوق 1200 مليار سنتيم، وعلى مسافة إجمالية تقدر بـ24 كلم، حيث يعتبر هذا المشروع حيويا جدا في تحسين التزود بالمياه الشروب، خاصة وأنّ السلطات العليا للدولة تراهن عليه في إنهاء مُعاناة سكان ولايتي باتنة وخنشلة مع مشكلة المياه.
إضافة إلى وضع حجر الأساس وإعطاء إشارة انطلاق مشروع محطة تصفية المياه المُستعملة، بعد عن رفع التجميد عنها بتكلفة 500 مليار سنتيم، ويعتبر هذا المشروع من المشاريع الإستراتيجية التي ستساهم في تلبية احتياجات المنطقة من المياه المعالجة، التي ستوجه للاستخدام الفلاحي بكل من بلديات باتنة، فيسديس، المعذر، عين ياقوت كما سيسهم في حماية البيئة من التلوث الناتج عن تصريف المياه المستعملة دون معالجة.
وقد تم أيضا تدعيم ورشات الإنجاز بالإمكانات المادية والبشرية اللازمة، ورفع كل العراقيل، مع التقيد بنمط العمل دون انقطاع، لتسليم المحطة في أقرب الآجال الممكنة مع احترام المعايير التقنية الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الاعتماد على اليد العاملة المختصة والمؤهلة فقط في إنجاز المشاريع واستغلالها أحسن استغلال.
كما تدعمت الولاية المنتدبة بريكة، من ثلاث محطات رفع للمياه المستعملة، بقدرة دفع 50 لتر في الثانية، دخلت بدورها حيز الخدمة، ضمن المشروع المتمثل في المجمع الرئيسي للمياه المستعملة، كون المنطقة لديها آفاق واعدة، من خلال إعادة إنجاز استثمارات تكميلية في قطاع الري خاصة في ميدان المياه المستعملة المصفاة، إضافة إلى مسايرة ومواكبة ديناميكية التنمية التي تشهدها هذه الولاية المنتدبة في شتى المجالات، خاصة في الجانب الاقتصادي عبر تثمين استعمال المياه المستعملة المصفاة واستخدامها في الري الفلاحي.

قطاع السكن..السُرعة القُصوى

يُرتقب أن يتم تسليم أكثر من 2500 وحدة سكنية من مختلف الصيغ بولاية باتنة، بمناسبة الاحتفالات المخلدة لعيدي الإستقلال والشباب 5 جويلية، حيث تتواصل جُهُود السُلطات العُمُومية باتنة، في إنجاز واستكمال المشاريع السكنية التي تم إطلاقها مُؤخرًا.
وقد تم الانتهاء من دراسة والتكفل بوضعية مشاريع السكن الترقوي المدعم ببلديات تيمقاد 60 سكنا و50 سكنا بمروانة و50 سكنا بالمعذر و40 بفسديس و50 بإشمول و50 بعين جاسر و30 بتازولت و100 ببريكة، وهي مشاريع سكنية جديدة استفادت منها الولاية هذه السنة وتم توزيع حصصها السكنية على البلديات حسب الحاجة وتوفر الوعاء العقاري ومدى استكمال إنجاز المشاريع القديمة، ويرتقب أن تستلم مطلع سنة 2026.
وتم توطين ورشات الإنجاز، والتأكيد على ضرورة تواجد مكتب دائم بهذه الورشات يتكون من مقاولة الإنجاز ومكتب الدراسات والمصالح المعنية بالرقابة، للإسراع في وتيرة الإنجاز من أجل الوفاء بآجال التسليم بعد دمجها بمختلف الشبكات الحيوية وتوفير بعض المرافق العمومية الضرورية خاصة في قطاعات التربية، الصحة، الجماعات المحلية وغيرها.
جدير بالذكر أنّ السكن العمومي الإيجاري من بين أكثر الصيغ السكنية طلبا بولاية باتنة، خاصة بالمدن الكبرى، حيث كشفت السلطات العمومية تواصل عملية تعليق القوائم الخاصة بهذا النوع من السكن بمجرد استكمال الأشغال بأي مشروع، حيث شهدت الولاية في الآونة الأخيرة عملية الإفراج عن قوائم المستفيدين بعدة بلديات في الولاية، وسط استحسان كبير للسكان، خاصة في ظل الصرامة الكبيرة المُتبعة في عمليات اقتراح المستفيدين، بعد دراسة الملفات حالة بحالة في إطار مبدأ الشفافية.
وكما هو معلوم ولاية باتنة استفادت نهاية العام المنصرم من حصة سكنية جديدة، تقدر بـ4500 وحدة، ضمن الشطر الثالث لسنة 2023، تتوزع هذه الحصة على السكن الاجتماعي بـ1500 وحدة والسكن الريفي بـ3000 إعانة، لتُضاف إلى حصتين سابقتين استفادت منهما الولاية تقدر بحوالي 10 آلاف وحدة، أين ارتفع عدد الحصص السكنية التي استفادت منها الولاية إلى حوالي 15 ألف وحدة موزعة على 3 أشطر، مع العلم أنها لم تستفد من أي حصة منذ سنة 2018.
وجاءت هذه الحصص للتكفل بانشغالات المواطنين بخصوص قطاع السكن، الذي شهد قفزة نوعية منذ سنتين، حيث تم تسليم أكثر من 5900 وحدة سكنية العام الماضي، في حين تم الانطلاق في إنجاز 740 وحدة سكنية جديدة من صيغة الترقوي المدعم بـ11 بلدية بمعدل 50 وحدة بكل من بلديات المعذر، مروانة، سريانة واشمول، في حين تم توزيع البقية على 7 بلديات أخرى بمعدل 40 و 100 وحدة سكنية.

الصحة..مكاسب تحققت

بالنسبة لقطاع الصحة، فقد تعزز بالعديد من الإنجازات التي تؤكد إرادة الدولة على ضمان رعاية صحية نوعية للمُواطن الباتني في كل بلديات الولاية، حيث تم اتخاذ جملة من القرارات كرست مبدأ مواصلة تعزيز ما تم إنجازه استجابة لتطلعات المواطن، على غرار فتح عدة مصالح حيوية بمركز مكافحة الأمراض السرطانية والمستشفى الجامعي والعديد من المؤسسات الإستشفائية وتزويدها بكافة الوسائل العصرية وبطواقم طبية مختصة في المجال، تتكفل بتحسين الخدمة الصحية المقدمة وتجسد التزاماته بحماية صحة المواطن وترقيتها، على غرار فتح مصلحة الطب النووي بمركز مكافحة الأمراض السرطانية، توسعة مصلحة العلاج الكيميائي بذات المركز.
كما حرصت السلطات العمومية على الاهتمام بالصحة الجوارية من خلال تقريب العلاج من المريض، حيث تواصلت جهود فتح قاعات العلاج بالمناطق النائية ليستفيد منها المواطن مُباشرة ضمن الجهود الذي توليها الولاية للصحة الجوارية، إضافة إلى رفع التجميد عن العديد من المشاريع بالقطاع كمستشفى 120 سرير بعين التوتة والاستفادة من مشروع مستشفى عسكري جديد بسعة 800 سرير ببلدية باتنة خاص بالأم والطفل، توسعة مصلحة الإنعاش الطبي وإنشاء مصلحة لزراعة الأعضاء بالمركز الاستشفائي الجامعي بن فليس التهامي، والأبرز تحقيق الحلم برفع التجميد عن مشروع إنجاز مستشفى جامعي جديد بسعة 500 سرير.
كما تم تسليم الكثير من سيارات الإسعاف كاملة التجهيز خاصة بالمناطق النائية، وفي إطار الشراكة الأجنبية تم أنشاء وحدة صناعة بلورات الأنسولين الأول إفريقيا والرابع عالميا بالتعاون مع دولة الصين الشعبية، إضافة إلى مصنع لإنتاج المادة الأولية لأدوية القلب، السكري، والأدوية المضادة للالتهابات، ومصنع إنتاج المواد الأولية للباراسيتامول والأسبرين، لتتحول بذلك باتنة إلى قطب طبي وصيدلاني وطني بامتياز.
وهو ما يتجسد من خلال رؤية إستراتيجية للقطاع الصحي في شقه الصيدلاني الصناعي والاستثماري الذي شهد تحولا كبيرا في تحسين مناخه، بفضل إطلاق ورشات كبرى لبناء نموذج اقتصادي جديد بالولاية قائم على تنويع الاقتصاد وخلق الثروة وتحرير المُبادرات الاستثمارية للخواص، بعد نجاحه في الدفع بقطاع الصناعة. وتوفير العقار الصناعي والفلاحي واسترجاعه بالنظر إلى الأهمية القصوى التي يكتسيها كرافد أساسي لعملية الإنعاش الصناعي. حيث تواصل تطهير العقار الصناعي والعمل على ضمان استغلاله الأمثل وتثمين دوره في دفع عجلة التنمية، ووضع القطار على السكة الصحيحة وتصويب الـمسارات الخاطئة.
ورغم هذه الوثبة التنموية بفضل توجيهات القيادة العليا للدولة، تسعى باتنة لتؤكد ريادتها الوطنية في عدة مجالات وقطبا تنمويا وطنيا، للوصول إلى تنمية حقيقية مُتكاملة وعادلة بين جميع مناطق الولاية، انطلاقا من مواردها المادية والبشرية وإرثها التاريخي والحضاري الضارب في أعماق التاريخ، ولا تزال الكثير من الرهانات والتحديات تنتظر التجسيد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025