«الشعب» تقف عند مخطط عصرنة شركة النقل بالسكك الحديدية

برنامج طموح لتحديث العتاد وتحسين الخدمات لبلوغ 36 مليون مسافر و5 ملايين طن بضاعة

ربورتاج: نبيلة بوقرين

يعتبر قطاع النقل بالسكك الحديدية شريانا حيويا لا نستطيع الاستغناء عنه في نقل المسافرين والبضائع على حد سواء، بالنظر إلى الحلول التي يمنحها دائما من أجل القضاء على مشكل الازدحام المروري الذي تشهده طرقات المدن الكبرى، إلا أنه يعاني اضطرابات ناتجة عن عدة أسباب، «الشعب» وقفت خلال استطلاعها على الأوضاع الحقيقية لطريقة سير القطارات ورصدت الواقع الذي يعيشه من كل الجوانب.
أكد مساعد المدير العام لشركة النقل بالسكك الحديدية، عبد الوهاب أكتوش، أن المؤسسة تقوم بكل ما في وسعها من أجل تحسين الأوضاع على كل الأصعدة كاشفا لـ «الشعب» عن وجود برنامج طموح وله عدة أبعاد هدفه عصرنة القطاع، من خلال تحديث العتاد باقتناء قاطرات جديدة :»لدينا برنامج طموح جدا لعصرنة قطاع النقل بالسكك الحديدية في كل الجوانب من أجل النهوض به من جديد للرفع من مستوى الخدمات في نقل المسافرين الذين يصل عددهم إلى 36 مليون مسافر والبضائع 5 ملايين طن سنويا.
خصصنا 127 مليار دينار لإنجاز المشاريع الكبرى التي تشرف عليها شركة مكلفة، وهي الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة انجاز الاستثمارات السككية على مستوى وزارة النقل، ولهذا الغرض سيتم اقتناء 30 قاطرة جديدة خلال السنة الجارية لتدعيم العتاد الخاص بالشركة سنقتني 30 قاطرة كهربائية جديدة من الولايات المتحدة خلال السنة الجارية تخصص للخطوط الكبرى في إطار برنامج إعادة تأهيل وتدعيم الإمكانيات التي تتوفر عليها الشركة في إطار تسيير الشبكة الوطنية للسكك الحديدية،
وتحدث مساعد المدير العام عن اتفاقية أبرمت مع شركة سويسرية لاقتناء قاطرات ذاتية الجر من خلال رصد ميزانية كبيرة في إطار عملية النهوض بالقطاع من خلال تركيب القاطرات بالجزائر من الأجل تطوير اليد العاملة الجزائرية.

«توقف الخط الرابط بين الثنية والرغاية كلفنا خسائر كبيرة»

أما عن جملة الخسائر التي كلفت الشركة الوطنية جراء  توقف الخط الرابط بين الرغاية والثنية بعد تخريب الأسلاك الكهربائية سنة 2014، أكد محدثنا أنها كبيرة
وبلغت ملايين الدينارات، قائلا في هذا المقام:» كنا في غنى عن ذلك، لأن المواطنين لما احتجوا على مشروع إنجاز مفرغة بالمنطقة قاموا بتخريب السكة ولكننا أعدنا إصلاح الأمور في عدة مرات ولكنهم فيما بعد قاموا بقطع الأسلاك الكهربائية وسرقتها لأنها تحتوي على مادة النحاس. ولهذا أصبح أمامنا مشروع آخر يتمثل في إعادة انجازه من جديدة وتطلب وقتا كبيرا رغم أننا لم نكن السبب في الأمور الأخرى».
وواصل مساعد المدير العام:»الحادثة أثرت على المسافرين المعتادين على التنقل بالقطار ولكن وجدت الحلول المناسبة وعوض المشتركين، والسؤال المطروح ما ذنب الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، وهذا مشكل عويص لا يتماشى مع القانون ولهذا سنقوم بتسييج أكبر مساحة ممكنة من الطريق الخاص بالسكة لتفادي مثل هذه الأمور الخارجية لأن الخطوط المستغلة تصل إلى 3850 كلم».
وتطرق أكتوش إلى مشاكل أخرى يعاني منها القطاع، على غرار السكان الذين يقطنون في المساحات المخصصة للقطار وقال في هذا الامر:»كل المشاكل التي تتعرض لها القطارات تأتي جراء عوامل خارجية لأن السكة معرضة لكل شيء على غرار بعض الأشخاص الذين يقومون بتخريب الإشارات الضوئية ورشق القاطرات بالحجارة عندما تكون تسير، إضافة إلى تكسير السياج الواقي وكل هذه الأمور خطيرة وتؤدي إلى اضطرابات رغم وجود تعليمة من طرف الوزير الأول نحو المسؤولين
والولاة وكل المعنيين بتوفير الحماية الخارجية للقطارات لاتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل القضاء على هذه الظواهر الخطيرة ولحماية القطاع  السككي».
عن الأمور الداخلية قال ذات المسؤول:»نتكفل بها نحن داخل المؤسسة لأننا نملك الإمكانيات المادية والبيداغوجية اللازمة لأن اليد العاملة الموجودة مقدرة بـ 12 ألف عامل في مختلف الجهات والتخصصات بإمكانهم تغطية كل الخدمات التي تخص القطاع من أجل رفع مستوى الخدمات الخاصة بالزبائن وجلبهم استقطاب كمية أكبر،
وهذا ما يعود بالجانب الإيجابي من ناحية المداخل فيما بعد وكل ذلك يكون من خلال تحسين الخدمات».  
عن المشاكل الداخلية التي أثرت على الشركة حسب أكتوش تتمثل في وجود عدد كبير من العمال المشرفين على الإحالة على التقاعد، لأن المؤسسة تأخرت في عملية تكوين اليد العاملة التي ستخلفهم بسبب العشرية السوداء التي مرت بها البلاد، إضافة إلى الوضع المالي الذي لم يكن مستقرا في السنوات الماضية لأن الجامعات لا تخرج  مختصين بالشكل الذي يتطلب خصوصيات، على غرار سائق القطار الذي من الضروري أن يتكون في الشركة، نفس الأمر بالنسبة للتقنين في الإشارة وصولا إلى اليد العاملة البسيطة.
لعلاج هذا الأمر أعيد  فتح كل المراكز التابعة للمؤسسة والمتواجدة في مناطق مختلفة المناطق على غرار العاصمة، وهران، باتنة وعنابة كل هذه المدارس تعد نقطة هامة أخذتها المديرية العامة للشركة، بعين الاعتبار وأمضت عقد شراكة مع شركة النقل بالسكك الحديدية الفرنسية لمساعدتها في تكوين العمال في مختلف الاختصاصات عن طريق دورات يشرف عليها خبراء فرنسيون بداية من السنة الجارية، وقد تم برمجة دورات تكوينية تشمل 3000 عون بالإضافة إلى 4500 مبرمجين للسنة الحالية» على حد تأكيد أكتوش.  

بيع التذاكر عن طريق الأنترنت وفتح حظيرة سيارات الشركة للزبائن

عن بيع التذاكر عبر الإنترنت مستقبلا، قال ذات المتحدث « تمكن الزبون من أن يستغل القطار إلى أي محطة يرغب فيها بعد ركن سيارته في حظيرة السيارات التابعة للشركة دون دفع مقابل والمشروع قيد الدراسة لتجسيده في السنوات القادمة لتسهيل مهمة الزبائن، وفي سياق آخر تعتزم الشركة، إعادة الاعتبار للتكوين وتجديد العتاد، إضافة إلى إدراج برنامج طموح لتحسين المظهر الجمالي لاسيما وأنها تحوي مرافق الضرورية للمسافرين، وإعادة تصليح الإشارات الضوئية وتوفير الحماية لعدم سرقة الكوابل، التي تتسبب عادة في التأخيرات المسجلة كونها تفرض على السائق عدم تجاوز السرعة المحددة لتفادي الحوادث واستعادة بعض الخطوط التي لم تكن مستغلة لعدة أسباب خارجية وسنعيد استغلالها من خلال صيانتها وستعود إلى الخدمة في المستقبل القريب».
وأكد محدثنا أن السكة الحديدية تعتبر شريانا لتطوير الاقتصاد الوطني مثلما هو معمول به في العالم وهو معروف بعامل التنمية الاقتصادية لأنه يسهل عملية نقل البضائع، وعلى هذا الأساس تم ربط كل الموانئ الجزائرية بالسكك الحديدية، ورغم التخلي عندها لعدة سنوات إلا أنها بقيت تابعة لشركة النقل بالسكك الحديدية، ولهذا لا يوجد مشكل في إعادة تفعيلها من أجل الربط بينها وبين المصانع.
ووفقا لتعليمة وزارة النقل تم إعادة فتح كل الخطوط السابقة من الغزوات، وهران، مستغانم، العاصمة، جيجل، عنابة، سكيكيدة، بجاية ولهذا أمضيت اتفاقيات مع المسيرين من أجل تقديم المساعدة التقنية للعمل داخل الميناء على نقل البضائع للمناطق الصناعية والموانئ الجافة عن طريق القطارات بالنظر إلى الإسهام في رفع مستوى الاقتصاد وإعطاء حلول كبيرة لفك الخناق عن النقل المروري خاصة المحول الموجود في العاصمة في حسين داي لحل مشكل التقاطع إضافة إدخال خط جديد يربط بين زرالدة وبئر توتة شهر جوان القادم وبعدها ستتواصل العملية إلى غاية تيبازة خاصة أن هذه الأخير سيكون بها أكبر ميناء في المستقبل مثلما هو عليه الحال مع العاصمة وغيرها من المناطق الأخرى.

خطوط جديدة بداية من جوان المقبل

عن إنجاز خطوط جديدة كشف نائب المدير العام «أن هناك شركة خاصة مكلفة بإنجاز مشاريع من طرف وزارة النقل والتي تقوم بتهيئة عدة خطوط في المستقبل، بداية من تحديث الخط الشمالي المزدوج وهو ساري المفعول والذي يربط بين الحدود الجزائرية التونسية والجزائرية المغربية ويمر على عدة مدن داخلية، وإعادة منظومة الإشارات بما يتماشى مع التطور الحاصل حاليا وكهربته كليا مع أخذ بعين الاعتبار عملية تحديث المحطات».
ويضاف إلى هذا الخط الداخلي الذي يكون موازيا مع الخط الشمالي والذي يربط بين سيدي بلعباس غربا وولاية تبسة شرقا والذي دخل جزء منه حيز الخدمة وهو أحادي الخط ، لكن سطرنا مساحة لخطين ووتيرة الانجاز تتواصل ولم تكتمل حاليا حسب الطلب وهذا حتى لا تكون هناك خسائر في الجانب المالي مستقبلا خاصة أن الأزمة الاقتصادية لم تؤثر على سير عملية انجاز هذه المشاريع لأن المسؤولين على البلاد أعطوا أهمية كبيرة للنقل بالسكة الحديدية والتمنية في هذا المجال».  
فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب والجزائريين على حد سواء من أجل تفعيل تطوير قطاع السكك الحديدية في المستقبل مثلما حصل مع الشركة السويسرية لتركيب القاطرات ومع الشركة الوطنية أو مع خواص لأن هدف المؤسسة هو كسب الخبرة
وتطوير القدرات المحلية حتى تصبح أكثر عصرنة في هذا المجال مستقبلا.
وحسب مساعد المدير العام فإن عملية عصرنة القطاع مكنت من اقتناء قطارات كهربائية منذ عام 2008 في انتظار رفع معدل السير إلى توفر قطار كل 7 دقائق خاصة في أوقات العمل والذروة وبعدها يقلل من الحركة بما يتماشى مع الطلب بدليل أن المؤسسة عملت في شهر رمضان حتى منتصف الليل لأن المواطنين يتنقلون بعد الإفطار وفي حال تطلب الأمر في الأوقات العادية ستلبى ذلك من دون إشكال كما يوجد مشروع ربط الضاحية الشمالية بالمطار الداخلي والخارجي وانطلقت في إنجاز هذا الخط  للقضاء على مشكل النقل في هذا الجانب والخط الرابطة بين الثنية وتيزي وزو سيسلم في شهر جوان المقبل القطار يسير بمدة ساعة و10 دقائق.

«الاحتجاجات لن تستمر في حال سويت  المشاكل»

 للإشارة فإن نائب المدير العام أكد التوصل إلى حل مناسب لتفادي الاحتجاجات التي شهدها القطاع في السابق قائلا  «الاضطرابات التي قمنا بها هي عملية احتجاجية من طرف العمال بسبب الحوادث التي تكون في نقاط التقاطع بين السيارات والقاطرات سجلنا مؤخرا وفاة عون أمن يعمل بشركة النقل بالسكك الحديدية وليست المرة الأولى التي سجلنا فيها مثل هذه الحوادث وكان ذلك يوم 29 ديسمبر الفارط في نقطة تقاطع بين السكة الحديدية وطريق بدون أخذ الاحتياطات اللازمة وتوفي عون تابع لنا وهو مساعد سائق القطار عمره 33 سنة، لأنه في مثل هذه الحالات الأولوية للقطار بسبب عدم قدرته على التحكم في السرعة والتأمين ليس مشكل الشركة في حد ذاتها بل هي من أولويات وسائل الأمن الولاة، تأمين هذه الممرات، الإدارة، البلديات وكل المسؤولين المحليين».
وأضاف المتحدث:»نملك 1500 نقطة تقاطع في الشبكة الوطنية منها 286 نقطة محروسة في الطرق الكبرى التي فيها حركة مرورية هامة والبعض غير محروس لأنه لحراسة نقطة واحدة تتطلب 4 أعوان طول السكك ككل حوالي 3840 كلم المكهربة ضواحي الجزائر بنظام 25 كيلوفولط في الخطين الثنية والعفرون وكذلك بين عنابة وتبسة 3 كيلوفولط والحراسة تكون حسب الخصوصية لأن هناك أماكن لا تكون فيها الحركة المرورية كبيرة عكس مناطق أخرى وفقا لقرار الوزارة الذي يصنف هذه النقاط والمشكل أساسا يتركز على عدم احترام قانون المرور، لأن القطار يتطلب مسافة كبيرة من أجل التوقف خاصة إذا كان يسير بـ 80 كلم في الساعة يجب 5 كلم حتى يقف وهناك ناس يتسابقون مع القطار».
وواصل محدثنا « نحن نقول يكفي من كل هذه الأمور والحوادث لأن الأعوان أصبح لهم الموضوع هاجس وويعيشون حالة نفسية صعبة لا نتحمل مسؤوليتها بمفردنا، لأننا قمنا بحملات تحسيسية وأبواب مفتوحة في المدارس وقدمنا دروسا في البليدة، العاصمة، قسنطينة ووهران. تحدثنا في وسائل الإعلام المختلفة لتفادي القطع فوق السكة وعدم ترك الأبواب مفتوحة والقضاء على عملية الرشق بالحجارة عند مرور القطار، كل هذه الأمور تدخل في ذهنية المواطن لأنها تكلفنا خسائر كبير في العتاد وفي الجانب البشري أيضا وكل ذلك يتحقق من خلال تكاثف الجهود لأنه هناك بعض الأمور من اختصاص الولاة والولاة المنتدبين لأن المجال السككي معرف قانونيا لأنه خطر في حال انحراف القطار، والأطفال يلعبون في السكك وهو ممنوع الوقوف في السكة بما فيهم أنا كإطار من دون وجود تسريح عدا المعنيين بالأمر عكس ما نشهده يوميا».

«ضرورة تحسين ظروف العمل بالنسبة للموظفين»

وقفت جريدة «الشعب» خلال استطلاعها على الظروف التي يعمل فيها العمال بمختلف المحطات التابعة للشركة الوطنية بسبب عدم توفر كل المؤهلات الضرورية لتسهيل مهمتهم، و هذا ما أثار استياء البعض الذين عبروا عن رغبتهم في تغير الوضعية في القريب العاجل من أجل ممارسة نشاطهم في ظروف أفضل بالنظر إلى أهمية هذا المجال الذي يعد شريانا حيويا لا يمكن الاستغناء عنه سواء في نقل المسافرين أو تنمية الاقتصاد الوطني.   
كان ذلك في المكاتب التي تنقلنا بينها على غرار محطة «أغا» و «المحطة المركزية» بقلب العاصمة بهدف الوقوف على الوضعية الحقيقية لموظفين، حيث طالب أغلب العمال الذين تحدثنا معهم بتحسين الأوضاع من أجل تقديم خدمة أفضل للزبائن الذين يقبلون على شركة النقل بالسكك الحديدية من خلال توفير كل الإمكانيات والمستلزمات على غرار مقاعد مريحة، تحسين المظهر الجمالي داخل المكاتب وإعادة تهيئتها من جديد للسماح لهم بالعمل في راحة أكبر.
كشف لنا أحد العمال  أن المكان تغمره مياه الأمطار، خاصة أن أغلب العاملين هم عبارة عن شباب طموحين يرغبون في ظروف عمل جيدة لكي يقدموا أكثر لهذا المجال.
 من جهتهم  طالب بعض السائقين بالتدخل العاجل من طرف المعنيين للقضاء على المشاكل التي تعيقهم في الطريق والتي تجعلهم يتأخرون في غالب الأحيان بسبب التصرفات غير اللائقة من بعض المواطنين غير المسؤولين.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024