اختتام الطبعة السّابعة من المهرجان الدّوليّ للسّماع الصّوفيّ

أداء جماعي لمديح «طلع البدرعلينا» بدار الثقافة بسطيف

سطيف: نورالدين بوطغان

بعد أربعة أيام كاملة من الاستمتاع بالألحان الشجية، ومتابعة أنشطة جوارية على الهامش، اختتمت، مساء الأربعاء، فعاليّات الطّبعة السّابعة من المهرجان الدّوليّ للسّماع الصّوفيّ، وسط حضور جماهيريّ قويّ، بدار الثّقافة هوّاري بومدين»، سطيف.
نشّطت حفل الاختتام، فرقة الرّيحان من سطيف، رفقة المنشد السّوريّ أحمد سليمان مدغمش، والمنشد عبد الجليل أخروف من قسنطينة، حيث أدّت طبوعا مشتركة من المديح والإنشاد.
  إستهلت فرقة الريحان الأمسية، بأدائها وصلتين إنشاديتين راقيتين، تخللتها مواويل و فواصل موسيقية صوفية، تفاعل مع روعتها الجمهور، الأولى بعنوان «اللّهم صل وسلم على نبينا محمد» وسط تفاعل من الحضور، أتبعوها بأداء أنشودة «بسم الله بديت وصليت» ، مع تناغم أداء أعضاء الفرقة إنشادا ولحنا.
ليصعد بعدها على الركح، المنشد السوري « أحمد سليمان مدغمش، بمرافقة من فرقة الريحان المحلية، فيما أدى المنشد عبد الجليل أخروف بدوره أناشيد ومدائح صوفيه، بعضها تراثية على غرار «سبحان من صور حسنك»، وكذا «اللهم صل على المصطفى» .
كان مسك ختام الأمسية، تقديم الأنشودة المعروفة «طلع البدر علينا» بشكل جماعي، تقاسمها كل من المنشد التونسي يوسف الصفراوي و السوري أحمد سليمان مدغمش و المغربي محمد الزمراني، إضافة إلى المنشد الجزائري عبد الجليل أخروف، ما أضفى عليها طابعا مغاربيا عربيا، تمازجت فيه الأصوات وتناغمت الألحان الصوفية، الأمر الذي زاد من روحانية الأجواء .
 في كلمته، التي أدلى بها في ختام المهرجان أمام وسائل الإعلام، أوضح محافظ المهرجان الدّوليّ للسّماع الصّوفيّ، الأستاذ إدريس بوديبة، أنّ هذه الطبعة قد نجحت في التأسيس لجوّ تفاعليّ بين الفرق المشاركة، وخلق انسجام فنّيّ وروحانيّ أنتج فواصل غنائيّة وموسيقيّة رائعة، تجاوب معها الجمهور الحاضر بكل فئاته، وأنّها كانت تجربة إبداعيّة متكاملة .
 عبّر المتحدث عن ارتياحه لتحقيق كلّ الأهداف المسطرة في برنامج الطبعة المتجدّدة، سواء على الجانب التّنظيميّ والفنّيّ والتّقنيّ، حيث برزت فيه 12 فرقة  ذات مستوى راق، من 5 دول هي الجزائر، تونس، المغرب، سوريا والسّنغال، إضافة إلى محور فكريّ وفلسفيّ، وآخر يهتمّ بمعارض فنّيّة وتشكيليّة.
 في السياق، أشار بوذيبة إلى الحضور اليوميّ للمنشدين الضّيوف بدار الثّقافة «هوّاري بومدين»، بسبب إعجابهم بأداء الفرق الجزائريّة المشاركة، التي تمتاز بالاحترافيّة في الأداء، ودرايتها بمقوّمات السّماع الصّوفيّ وضوابطه، رغم اختلاف الطبوع وتنوّعها، ما أهّلها لولوج مدار جديد من الفنّ الرّوحانيّ .
كما أثنى محافظ المهرجان على الجمهور الوفيّ للمهرجان، حيث سجّل حضورا محترما على مدار الأيّام الأربعة، وهو مشكّل في غالبيّته من العائلات والشّبان والجامعيّين، وكلّ الباحثين عن المتعة الروحانيّة، والجماليّة والفنّ الهادف.
للإشارة، فقد شملت الطبعة السّابعة محورا فكريّا وفلسفيّا، وجلسات علميّة نشّطها الأديب نبيل غندوسي، بمداخلة للأستاذ الدّكتور ياسين بن عبيد من جامعة سطيف، حول دور الاستشراق في معالجة التّصوّف الإسلاميّ، إسهامات عبد الواحد يحي في التّعريف بالتّصوّف الإسلاميّ لغير المسلمين .
كما حاضر الدّكتور سفيان زدادقة حول «السّماع في عالم التّصوّف... السّماع والموسيقى، قراءة في المصطلح والتّشغيل لدى المتصوّفة»، كما تزيّن  بهو دار الثّقافة هوّاري بومدين بمعرض للفنون الإسلاميّة بإشراف الفنّان التّشكيليّ عبد الحفيظ قادري، بمشاركة الفنّان عبد الوهّاب خنينف من سطيف، والفنّان كرور محمّد من سيدي بلعبّاس، وهكذا يفترق الجمع على أمل الطبعة الثامنة القادمة بمشاركة واسعة من بلاد الوطن العربي، وتحقيق المزيد من النجاح لهذا الفن الاصيل.
  استلهام المعاني الروحية العليا
اعتبر الدكتور سفيان زدادقة، المتخصص في النقد الأدبي، من جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، أثناء محاضرته التي ألقاها بقاعة المحاضرات لدار الثقافة هواري بومدين، تحت عنوان: «السماع في عالم التصوّف....السماع والموسيقى، قراءة في المصطلح والتشغيل لدى المتصوفة»، في إطار المحور الفكري والفلسفي المرافق للطبعة السابعة من المهرجان الدولي للسماع الصوفي « أن القصد من مجالس السماع، على ما يذكر لدى الصوفية، ليس إستجلابا للذة الفنية الشائعة، أو ما يسمى الطرب» .
 أفاد ذات المتحدث، «أن القصد من مجالس السماع لدى الصوفية هو سبيل لاستلهام بعض المعاني الروحية العليا التي تتجاوز كل قدرة على الشرح و التفسير اللغوي، وهي معاني متفاوتة، بحسب مستوى التلقي و درجة القارئ و منزلته، مضيفا بأن سماع «العوام» على متابعة الطبع، و سماع «المريدين» رغبة ورهبة، وسماع «الأولياء» رؤية الآلاء و النعم، و سماع «العارفين» على المشاهدة،و سماع «أهل الحقيقة» على الكشف و العيان» .
أبرز الدكتور سفيان زدادقة ،»بأن الصوفية أولوا السماع الشعري إهتماما خاصا، و تمتعوا بحساسية مفرطة تجاه الإيقاعات والأصوات الجميلة، و إن كان سماعهم محافظا يستهدف غايات إيمانية، أبرزها الوصول إلى قمة التركيز و الخشوع» .
 تطرق المحاضر، بهذه المناسبة، إلى نظرة بعض علماء الدين للسماع، على غرار نظرة إبن تيمية ذات الطابع الثنائي –على حد قوله- حيث ميزّ بين سماعين: سماع إعتبره شرعيا، وسماع أنكره و رفضه (السماع المسكر في لذته)، معتبرا السكر بالسماع مساويا لفقدان العقل بواسطة الخمر .
 في ذات السياق، أورد الأستاذ سفيان زدادقة، في تدخله، تعريف ابن سبعين (أحد مشايخ المتصوفة) للسماع بقوله: «فيها من الأسرار الروحانية أنها تسمع فحوى الخطاب فتزيد على مدلول اللفظ معنى أخر، وفيها أنها إذا سمعت الصوت الحسن يدركها انفعال ...بل قد يبلغ الوجد عندهم في أقصى حالاته درجة الرقص و التهويل» .
 واصل أستاذ النقد الأدبي بالقول:  إن السماع كان ركنا تعليميا هادفا، لاسيما في عصوره المتأخرة، حين تحوّل إلى فن قائم بذاته له قواعد و شروط، فقد اشترطوا مثلا في المنشد حفظ القصائد، و حسن الانتقاء مع ما يناسب الحال، و حسن الصوت، و إجادة التغني، و وصفوا مجالس السماع و حدّدوا آدابها، و وضعوا لها المراتب و الأوقات و الأماكن .

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024