قراءات في قصص جاسم محمد صالح

حكايات ورسائل تشدّ بيد الناشئة في زمن العصرنة

د. جميلة يوسف الوطني (البحرين)

لقد اقترنت كتابات الأديب جاسم محمد صالح التربوية بأحداث القصص التي تجري على لسان الحيوان والجماد وبلغة فصحى وبسيطة تناسب الأعمار الأولى من الأطفال وبأسلوب محبب وسلس، حيث راهن الكاتب في قصصه المختلفة على بعض النصائح المباشرة والمواقف البسيطة والجاهزة، يتوقع الطفل الحدث الذي من الممكن أن يحصل على أفكار وقيم ومضامين تعزز بناءه التربوي منذ البداية إلى ختام القصة دون أن تتخللها مفاجآت تكون ترغيبية لإكمال الطفل للقصة أو قد تتخللها أسئلة واستفسارات ملحة في ذهن الطفل يرغب معرفتها كفضول لمعرفة الأكثر، وإن لم تغب على الكاتب في بعض المشاهد لبعض القصص عنصر المفاجأة وجماليات تسلسل السرد المبني على الحبكة.
إن قصص القاص جاسم محمد صالح تتحفنا بفنياتها وهي تعطي دروسًا تعليمية وتربوية وقيمًا أخلاقية في الحياة اليومية، وهي تلبي حاجة الطفل للرعاية والتقويم الأخلاقي علمًا أن طفل اليوم بحاجة لوثيقة أخلاقية تظهر فكرًا واسعًا وحديثًا يختلف عن أقرانه من جيل والديه من النواحي النفسية والاجتماعية والفكرية والتربوية.
ومن خلال قراءتي لمجاميعه القصصية للأطفال مثل: «السمكة الملونة، عروس البستان، الحِمار الطائر»، تبين لي أن أحداث القصص تجري على لسان الحيوان والجماد بلغة فصحى بسيطة تناسب الأعمار الأولى من الأطفال وبأسلوب سلس، هذا الكاتب حري به أن ينتقل لاحتضان المشاكل في العصر الحديث ويفتح دروسًا تعليمية كرسالة واضحة منه يعيشها الأغلبية الكبرى من الأطفال وعليه أن ينتقل لمعاناة العوائل وأطفالها ليعكس الحداثة في الشبكة العنكبوتية ومن خلالها يمكنه أن يسلط الضوء على أخطار الحاسوب وكل الاجهزة الإلكترونية الأخرى التي أصبحت في وقتنا الحاضر في متناول أكثر الأطفال أو حلم الصغار في اقتناءها، تأثيرها على الطفل والعائلة والمجتمع بشكل كامل، وبذلك ينقل قضايا وهواجس حديثة واقعية في أفكار وأحلام الطفولة البريئة بأسلوب سلس وبسيط، ومسؤولية العائلة والمدرسة بشكل تثقيفي تعليمي واضح يستنبط الطفل منها الدروس والعبر لحاضره ومستقبله.
إن تركيز الكاتب جاسم محمد صالح على الحساسية التي نتلقاها عبر صور الزمان والمكان بدلالاتها الحسية تساهم في تقديم حقائق مستقلة للطفل وتساعد في تنشيط ذهنه بحيث يستطيع معرفة القيم الحقيقية الأصلية التي يبني به الوجود لها خصائص تربوية والبرهان واضح جدًا في النصوص هي الجسور المركبة من المسافات الحسية النفسية من خلال الطرح المكون للدلالة الحسية ممثلة بالقيم التربوية المثالية وبين النظام الجدلي المحفز لخيال الطفل والذي ينعكس على سلوكه مستقبلًا والذي يظهر من خلال الحلول المتمظهر في مجموعة الصور المركبة التي تظهر جليًا بإزالة الجدار إلى العالم الواقعي الفعلي الذي نريد من خلالة إعلان ذات الطفل في البحث والاكتشاف بمد جسور المعرفة المركبة من المسرح وجودًا بالحياة، ككيان تنويري له استقلاليته التعليمية ببناء قواعد إنسانية لها حضورا دلاليًا وحسيًا.
إن الأديب جاسم محمد صالح، الذي يعد اليوم مفخرة تسترعي الانتباه لها والوقوف عندها، لأنها أماطت اللثام عن العبقرية التي ما أن يفسح لها المجال حتى تفعل فعلتها الإيجابية وتترك بصمتها، على الصعيد كافة (وطنيًا وإنسانيًا) وهذا ما فعله أديب الطفولة جاسم محمد صالح، فله مني كل الاحترام والتقدير، متمنية له من أعماق قلبي أن يكون ممن يحظى برعاية الله وحفظه، حتى يتمكن من إنجاز مشاريعه الثقافية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024