الأستاذة بجامعة بسكرة..نعيمة سعدية: لـ”الشعب”

الأدب السّاخر..أداة أدبية قويّة تمزج بين الترفيه والنقد

أمينة جابالله

ترى البروفيسور نعيمة سعدية من جامعة بسكرة أنّ الأدب السّاخر هو نوع أدبي يجمع بين الفكاهة والنقد، يهدف إلى تسليط الضوء على التناقضات والعيوب في الأفراد والمجتمعات والسياسات بأسلوب لاذع، لكنّه مشوّق.
تقول نعيمة سعدية في تصريحها لـ«الشعب “، إنّ هذا الأدب يعتمد على المزج بين الطرافة والجدية بهدف تحقيق التوعية أو التغيير، كما أنّه يستخدم السخرية وسيلةً لتفكيك الظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية وإعادة تقديمها بطرق تكشف عن خفاياها وتناقضاتها.
وفي ذات السياق، أفادت المتحدّثة، بأنّ هذا الأدب يعتمد على أسلوب كتابة فعّال أهمّ عناصره الإبداع اللغوي (استخدام أساليب بلاغية مبتكرة). والاقتباس من الواقع ومن الحياة اليومية والمفاجأة، بإدخال عناصر غير متوقّعة تثير الضحك والدهشة، من أجل الجمع بين الترفيه والتفكير، لإثارة الضحك مع تقديم رسالة عميقة.
كما ذكرت بأنّ “الأدب السّاخر يتميّز بخصائص عدّة أهمّها: النقد غير المباشر، واستخدامه لأساليب غير مباشرة في التعبير عن الانتقادات، ممّا يجعله أداة فعّالة لتجاوز الرقابة الاجتماعية والسياسية، كونه يجمع بين الفكاهة والجديّة، وهذا ما يجعله وسيلةً لجذب القارئ، غالبا ما تخفي وراءها رسائل جادّة”.
وتابعت بالقول “ناهيك عن خاصية التلميح في لغته، حيث يميل الكاتب السّاخر إلى استخدام لغة بسيطة وعامية أحيانًا، مملوءة بالتلميحات الثقافية والاجتماعية، تحوي داخلها ثيمات أخرى مثل التناقض والمفارقة التي تكشف عن تعارض بين الظاهر والباطن، الأمر الذي يؤدّي حتما إلى تعدّدية المعاني”.
وبهذا تضيف “يكون النصّ السّاخر غالبًا ما يُقرأ على أكثر من مستوى، حيث يمكن أن يستمتع به القارئ العادي، بينما يفهم القارئ المتمرّس الطبقات الأعمق للنقد فيه، فيحقّق هذا الأدب غاياته المرجوّة من توعية مجتمعية، عند تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة جذّابة، وتغيير الوضع. ناهيك عن التسلية، وتقديم الترفيه للقارئ من خلال الطرافة والابتكار اللغوي، وكسر المحظورات، بانتقاد المسكوت عنه في المجتمع بطرق غير مباشرة”.
وجاء في حديثها أنّ لهذا الأدب تأثير على المتلقي على صعيدين؛ التأثيرات النفسية: أولها: تخفيف التوتر، حيث تعمل السخرية على تقليل الضغوط النفسية من خلال الفكاهة، وثانيها: التحفيز الفكري، عندما تدفع القارئ للتفكير العميق حول قضايا المجتمع، وثالثها تعزيز التفريغ العاطفي، إذ تمنح السخرية القارئ فرصة للتعبير عن إحباطه بطرق آمنة. ثمّ التأثيرات الاجتماعية، وأهمّها: نشر الوعي، إذ تكشف السخرية عن مشاكل المجتمع بطريقة غير مباشرة، ممّا يثير النقاش العام، وتقريب الفجوة بين الجماعات: بفضل طابعها المرح، وتساعد السخرية على تقليل التوترات بين الفئات الاجتماعية..وأخيرا، التغيير الاجتماعي، إذ تعدّ السخرية أداة مؤثرة في دفع الجمهور إلى التفكير في الحلول الممكنة.
وختمت البروفيسور نعيمة سعدية حديثها، بأنّ الأدب السّاخر هو أداة أدبية قوية تمزج بين الترفيه والنقد، ممّا يجعله قادرًا على التأثير العميق في المتلقي على المستويين النفسي والاجتماعي. في الجزائر، يمتلك الأدب السّاخر خصوصية تعكس تفاعله مع التاريخ السياسي والاجتماعي، وعلى الرغم من التحدّيات التي تواجهه، فإنّ مستقبله واعد بفضل التطوّرات الثقافية والتكنولوجية الرقمية، التي سمحت بمشاركة شرائح مجتمعية مختلفة في إنتاج هذا النوع من الأدب السّاخر وتداوله في المنصّات الرقمية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025
العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025