يتواصل إلى غاية 10 فيفري الجاري بمركز الفنون والثقافة قصر رياس البحر (حصن 23) بالجزائر العاصمة معرض يضمّ أزيد من 150 صورة فوتوغرافية من رصيد المصوّر والمناضل الراحل محمد كواسي (1922- 1996)، تبرز الكثير من محطات الثورة التحريرية السياسية والديبلوماسية والعسكرية وأبرز قادتها.
يقدّم المعرض الموسوم “شهادات فوتوغرافية”، والذي عرف افتتاحه حضور المفتش العام بوزارة الثقافة والفنون، ميسوم لعروسي، وعائلة وأصدقاء المرحوم، مجموعة من الصور التاريخية التوثيقية تمثل جزءا من رصيد معتبر من الصور أنجزت في أغلبها بالأبيض والأسود من طرف الراحل محمد كواسي، تمّ التقاطها بين عامي 1957 و1963.
وقد رصدت هذه الأعمال الفوتوغرافية المعروضة أجواء حيّة تخصّ يوميات المجاهدين في أرض المعركة عبر مختلف المناطق الجزائرية، وكذا أوضاع اللاجئين بالمخيّمات بتونس، وقواعد جيش التحرير الوطني، وصور أخرى عن اجتماعات قادة الثورة ونشاطاتهم.
كما تبرز أعمال المناضل ومصوّر الحكومة المؤقّتة للجمهورية الجزائرية، الذي يعدّ أب الصورة الفوتوغرافية الجزائرية، محطات أخرى من مقاومة جيش التحرير الوطني، تتعلّق بالتدريبات والتسليح وكذا مصالح الصحّة والفرق الطبية النسوية لجيش التحرير الوطني.
ويسلّط بعضها الضوء أيضا على استعراضات الوفد الجزائري المشارك بمهرجان الشباب العالمي بموسكو (عاصمة الاتحاد السوفياتي سابقا) عام 1957، وعلى الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني بتونس وجولاتها الفنية، والتي انضمّ لها رفقة زوجته، وكذا صور متعلّقة بفريق كرة القدم لجبهة التحرير الوطني، بالإضافة إلى سحب نسخة من جريدة المجاهد تعود لشهر نوفمبر من عام 1961.
ويضمّ المعرض أيضا مجموعة من بورتريهات المناضلين وقادة الثورة والديبلوماسية الجزائرية من أمثال أحمد بن بلة وهواري بومدين وحسين آيت أحمد ومحمد بوضياف وبن يوسف بن خدة ولخضر بن طوبال وكريم بلقاسم وعبد الحفيظ بوصوف وامحمد يزيد وفرحات عباس وسعد دحلب ومحمد الصديق بن يحي.
كما يتميّز كذلك ببورتريهات أخرى لقادة أجانب من أصدقاء الثورة الجزائرية، على غرار إرنيستو تشيغيفارا وباتريس لومومبا وفيدال كاسترو وجوزيف بروس تيتو، وأيضا قادة عرب من بينهم الحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر والحسين بن طلال.
وقد خلّد المصوّر أيضا من خلال هذه الأعمال، التي جاءت باحترافية ودقّة عالية، الاحتفالات بعيد الاستقلال الوطني في 5 جويلية 1962، من خلال صور كثيرة تبرز بهجة الجزائريين وفرحتهم في شوارع الجزائر العاصمة حاملين الرايات الوطنية، وكذا إقبال الجزائريين على المشاركة في استفتاء تقرير المصير في 1 جويلية 1962.
وبالمناسبة، ثمّنت أرملة محمد كواسي، السيدة صفية كواسي، في تصريح لـ(وأج)، مبادرة تنظيم هذا المعرض الذي “يستحضر محطات مضيئة من مسار المصوّر والمناضل محمد كواسي، الذي وثق من خلال عدسته أهمّ مراحل ووقائع الثورة التحريرية في مختلف جوانبها، وأيضا أحداث ما بعد الاستقلال”، مؤكّدة أنّ الفقيد “كان يولي اهتماما لإيصال هذا الأرشيف التوثيقي من الصور الفوتوغرافية الذي يؤرّخ لمحطات جوهرية من مسار الثورة التحريرية للجيل الجديد من شباب الجزائر”.
واعتبر بدوره المشرف على المعرض، قريد علي، أنّ هذا المعرض بمثابة “التفاتة تكريم وتخليد لكفاح ونضال والتزام المصوّر محمد كواسي وشغفه برصد ذاكرة الثورة التحريرية”، مضيفا أنّ أعماله تعدّ “مرجعا توثيقيا لمحطاتها وكذا تاريخ الجزائر الثوري والسياسي، حيث جمع بين الرؤية الفنية والذهنية النضالية”.
وقد عرف كذلك حفل الافتتاح تقديم مداخلة للكاتب عبد الرحمان جلفاوي، استعرض خلالها أهمّ ما ميّز مسار محمد كواسي، منذ ميلاده بالبليدة في 1922 ونشأته بالعاصمة وشغفه المبكّر بالتصوير الفوتوغرافي، ثمّ هجرته إلى فرنسا وانضمامه بعدها لجبهة التحرير الوطني إلى أن أصبح المصوّر الرسمي للحكومة الجزائرية المؤقّتة.