كُتّـاب فاعلون بين الحضور واللّمسة الفنية صاغهـا آيـت منقـلات
شهدت فعاليات الطّبعة الرابعة لصالون الكتاب الأمازيغي، الذي نظّم على مدار أربعة أيام، من 30 أفريل إلى 3 ماي الجاري، بواسيف في تيزي وزو، مشاركة فعّالة لمؤلفين ومثقفين ودور نشر من مختلف ولايات الوطن، وهو ما جعل “دار الشباب” بواسيف وجهة لعشاق الكتاب والأدب، وكل ما هو موروث ثقافي أمازيغي.
سمح صالون الكتاب الأمازيغي بواسيف لزوّاره باكتشاف آخر الإصدارات في عالم الأدب والثقافة الأمازيغية، التي دوّنت في كتب تنوّعت واختلفت عناوينها ومضامينها، ما منح ميلاد لعديد الإصدارات الجديدة باللغة الأمازيغية، وبلغات أخرى أيضا زيّنت رفوف المعرض، ما شكّل فسيفساء من الأدب والشعر والثقافة الأمازيغية التي امتزجت بثقافات أخرى.
تظاهرة ثقافية بأبعاد سياحية
صالون الكتاب الأمازيغي هو تظاهرة ثقافية بأبعاد سياحية، فقد نظّم في منطقة جبلية منعزلة، تحمل من المقوّمات السياحية ما يجعلها قبلة للزوار من أجل السياحة والتعرف على أجمل الأماكن والمناطق، خاصة بقرية “تيمغراس” التي ستكون على موعد مع عديد النشاطات الثقافية والفنية التي تبرز ثراء الموروث الأمازيغي، وهو ما زاد من جمال هذا الصالون، الذي اختزل روعة العناوين التي حملت في طياتها كل ما هو موروث ثقافي أمازيغي.
روايات، دواوين شعرية، حكايات الزمن الجميل، كتب تاريخية تحاكي ثورة التحرير وتاريخ شمال إفريقيا، شخصيات تاريخية بقيت في طي النسيان لعديد السنوات، كلّها عناوين وإصدارات زيّنت أروقة معرض صالون الكتاب الامازيغي، والتي أضاف عليا الفنان وحكيم الأغنية القبائلية، لونيس آيت منقلات، لمسته الفنية الثقافية بحضوره لفعاليات الافتتاح، وهذا ما أعطى لهذه الطبعة رونقا وروعة، خاصة وأنه من عشاق المطالعة والقراءة ما أكسبه حكمة وفلسفة في الحياة، جعلت منه مثالا يقتدى به في مجال القراءة والتزود بالمعرفة من خلال الكتاب الذي يعتبره الفنان مهما في حياة أي شخص، كما أنّه أكثر من ضروري لترقية وتعزيز اللغة والثقافة الأمازيغية التي يجب تدوينها للحفاظ عليها من الاندثار في زمن التكنولوجيات التي غيرت المفاهيم.
التنقل بين أروقة المعرض كان أشبه بالسفر والعودة إلى الزمن الجميل الذي يحمل في طياته كل ما هو تراث ثقافي أمازيغي، جسّده المؤلفون والكتاب عبر صفحات الروايات والدواوين الشعرية التي تحاكي الماضي في صورة الحاضر، وهذا ما جذب اهتمام القراء والزوار المتعطشين لمطالعة كل ما هو جديد، حيث استفسروا مطوّلا عن كيفية جمع هذا الكم الكبير من الكنوز المعرفية، التي بقيت الكثير منها في جعبة الجدات والأمهات وبين أروقة المنازل القديمة، التي تحاكي الحياة في المجتمع القبائلي المتفرد بلغته وثقافته الراقية الجميلة.
تشجيع الكتابة والقراءة بالأمازيغية
صرّح سالم آيت علي بلقاسم، محافظ الطبعة الرابعة لصالون الكتاب الأمازيغي بواسيف، أنّ هذه التظاهرة الثقافية هي فضاء وفرصة لتشجيع وتفعيل الكتابة والقراءة بالأمازيغية، خاصة وأن هناك العديد من الإصدارات التي تستحق أن يطلع عليها القراء وعشّاق الأدب الأمازيغي، وقال “الصالون هو مرآة للمؤلفين الذين حطوا رحالهم في واسيف من أجل إنجاح فعاليات هذه الطبعة الرابعة، والترويج لآخر المستجدات في عالم الكتابة باللغة الأمازيغية، إلى جانب تبادل المعارف والخبرات، وتنظيم لقاءات بين كتاب الجيل القديم والجيل الحالي الذين خاضوا تجربة الغوص والابحار في عمق الحرف والكلمات الأمازيغية من أجل تسجيل شهادة ميلاد لأجمل العناوين التي تولد خلال فعاليات هذه التظاهرة الثقافية ذات الأبعاد السياحية”.
وأضاف المتحدّث أنّه خلال فعاليات صالون الكتاب الأمازيغي يمنحون المعارف ولا يبيعونها، فهو بمثابة الأمل للمؤلفين وعشاق المطالعة والغوص في أعماق المعرفة والكتابة، من أجل المساهمة في ترقية اللغة والثقافة الأمازيغية التي تحتاج لتظافر جهود الجميع للدفع بها إلى مستقبل مشرق تلوح ملامحه في الأفق”.
وعبّر محند اركات من دار نشر “الفكر”، عن سعادته لتنظيم هذ الصالون الذي انتظروه طويلا، لنفض الغبار عن العديد من العناوين التي بقيت حبيسة الأدراج، معتبرا أنّ فعاليات هذه الطبعة فرصة للقاء المؤلفين بدور النشر وعشاق الأدب والمطالعة، للتعريف أكثر بالأعمال والإصدارات الجديدة التي ترجمت مختلف الأحاسيس والمشاعر التي تختلج نفوس الكتاب والمؤلفين، وترجموها إلى أعمال أدبية ودواوين شعرية، تنتظر من يسلّط الضوء عليها من خلال فك شفرتها ورموزها، مضيفا أن مثل هذه الفضاءات تشجّع على المضي قدما في عالم الكتابة التي تحتاج إلى إمكانيات خاصة باللغة الأمازيغية، وذلك من أجل ترقية الموروث الثقافي الأمازيغي الذي يستهوي القراء من مختلف الفئات.
أمّا شابحة بن قانة، مؤلّفة شابة، فقد غاصت في أعماق الكتابة باللغة الأمازيغية في سن مبكرة، ما جعلها تفتك تأشيرة المشاركة في فعاليات هذه التظاهرة الثقافية بواسيف للمرة الثانية، وهي التجربة التي صرّحت بشأنها أنها مختلفة بالمقارنة مع التظاهرات الثقافية الأخرى، فهي فضاء للقاء بين المؤلفين وعشّاق المطالعة والقراءة، وتبادل المعارف فيما بينهم، وتضيف “المعرض أشبه بالتواجد بين أحضان القرية، أين يتعرّف الجميع على بعضهم البعض، وهذا ما ينسج خيوط المعرفة والتعرف على آخر الإصدارات في عالم الكتابة والأدب، خاصة الروايات باللغة الامازيغية والتي تلقى إقبالا كبيرا من طرف الزوار والقراء، مشيرة إلى أن “الثقافة الأمازيغية عبارة عن ثقافة شفوية، لهذا وجب تدوينها من أجل الحفاظ عليها من الاندثار وانقاذها من براثين النسيان”.