يرى الكاتب المسرحي عبد الهادي دحدوح، أنّ حضور الكوميديا في المسرح الجزائري، قد لا يكون قويا في عصرنا الحالي، نظرا لاعتبارات وعوامل عدة لعلّ أهمها تركيز المسرحيين الجزائريين على أنواع فنية أخرى، ومحاولة تهريب المسرح من شكله التقليدي إلى الشكل الحداثي، مقلّدين في ذلك تجارب المسرح الغربي، الشيء الذي غيّر رؤيتنا للمسرح كوسيلة لمعالجة مشاكل المجتمع، وغرس أواصر الهوية الوطنية والرقي بالخلق العام وغيرها.
يقول صاحب رواية “مول الضاية” الحائزة على عديد الجوائز الوطنية، عبد الهادي دحدوح، في تصريح لـ “الشعب”: “لعل من الأهداف النبيلة التي تجعل المجتمع بكل مكوناته يلتف حول المسرح وغيره من الفنون، أنّه يرى فيها عاملاً بناءً”.
وأكّد الحائز على جائزة الكتابة المسرحية “للكبار” بولاية برج بوعريريج، أن محاولة دمج الكوميديا في المسرح الحديث معقدة جداً وتحتاج إلى احترافية كبيرة، وهذا الأمر لا ينطبق على التراجيديا مثلاً، فهي نوعاً ما مرنة وتسهل عملية توظيفها حتى في التجارب الحديثة.
في السياق، يضيف كاتب موندرام “النوري”، فالنوع المسرحي الذي ينَظر إليه الآن، لا يدعو إلى هجر الأنماط التي شكلت وجه المسرح الماضي فقط، بل يصل إلى حد تجريد المسرح من أسسه وعناصره كاللغة والفضاء والخشبة وغيرها، وبذلك كان حضور الكوميديا في الأعمال المسرحية في الجزائر ضعيفاً ويقتصر على أنواع مسرحية مرتجلة محددة على غرار، “الوان مان شو”، و«السكاتش” وغيرها، وتقدّمها فرق هاوية في العادة.
وخلص المتحدّث إلى وجود عوامل أخرى على غرار عدم وجود تكوين جاد في مجال الكوميديا، وهو أمر يحط من قيمة هذا النوع المؤثر، ناهيك عن غياب الاهتمام الكافي للقائمين على المسرح في الجزائر بهذا المجال، برغم من وجود بعض المهرجانات التي تعنى بالمسرح الفكاهي وهي قارة، وبعض الجمعيات والتعاونيات التي تعتمد على ذات التوجه على قلتها. إلاّ أنها تبقى غير كافية، وقال إنّ “هذا النوع يجب أن يلقى الاهتمام الذي يليق به، فهو الأكثر تأثيرا من بين كل الأنماط”.