قال مدير المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية “صحراوي نور الدين” بسكيكدة، ورئيس الملتقى الوطني الأول حول “واقع ومستقبل المكتبات العمومية”، محمد جابة، إن “الانتقال من المكتبة الورقية التقليدية إلى المكتبة الذكية لم يعد ترفا أكاديميا أو خيارا مؤجلا، بل أصبح ضرورة حتمية تمليها التحولات التكنولوجية المتسارعة ومطالب مجتمع المعرفة”.
الملتقى الوطني الأول حول مكتبات المطالعة العمومية الجزائرية، المزمع تنظيمه خلال الأيام القليلة القادمة بمدينة سكيكدة، تحت عنوان “من تعزيز التحول الرقمي إلى تفعيل المكتبة الذكية: المتطلبات، الفرص والتحديات”، والذي يرتقب أن يكون منصة وطنية لتقييم واقع المكتبات العمومية في الجزائر، واستشراف مستقبلها في ظل الرقمنة والتكنولوجيا المتقدمة.
ويضيف جابة “نعيش اليوم مرحلة دقيقة من تاريخ المكتبات، حيث لم يعد كافيا الاكتفاء بإدخال الحواسيب أو رقمنة بعض الوثائق، ما نطمح إليه هو مكتبة ذكية، تستثمر في الذكاء الاصطناعي، إدارة البيانات، وتطبيقات تفاعلية تقدم خدمات معرفية مخصصة، تصل إلى المستخدم في بيئته وبالأسلوب الذي يناسبه”.
الذكـاء الاصطناعـي هـو الهــدف
ويرى رئيس الملتقى أن الرقمنة كانت خطوة أولى في مسار طويل، لكنها غير كافية في ظل واقع تشهده تحولات معرفية عميقة، “التحول الرقمي الشامل، ثم الانتقال نحو المكتبة الذكية، يتطلبان بنية تحتية قوية، تكوينا متخصصا، واستراتيجية وطنية واضحة المعالم، وهو ما نفتقده في كثير من مكتباتنا اليوم”.
ويؤكد المتحدث أن الملتقى يسعى إلى تحقيق عدة أهداف أساسية، من أبرزها، تشخيص واقع المكتبات العمومية الجزائرية في سياق التحول الرقمي، عرض متطلبات وتجارب المكتبات الذكية محليا ودوليا، وتحديد العراقيل التي تعيق هذا المسار، سواء على مستوى التمويل، التكوين، أو الرؤية المؤسساتية، ويسعى أيضا الملتقى، إلى رسم ملامح خارطة طريق وطنية للتحول الذكي في المكتبات العمومية.
كما سيعرف الملتقى، أضاف جابة، تقديم أوراق بحثية متخصصة، ضمن أربعة محاور رئيسية تشمل، “البنية التحتية والموارد البشرية للتحول الرقمي”، “استراتيجيات الإدارة الذكية للمكتبات”، و«تحديات التحول إلى مكتبة ذكية”، إضافة إلى “تجارب دولية ومحلية ناجحة في هذا المجال”.
وأوضح مدير المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لسكيكدة، “نريد أن ننتقل من مكتبة تقليدية توفر الكتب، إلى مؤسسة معرفية ذكية تُحاكي المستخدم، تتفاعل معه، وتستجيب لحاجياته المعرفية والثقافية، أيا كان مستواه أو موقعه، هذه هي المكتبة التي نطمح إلى تحقيقها، وهذا هو الرهان الذي نطرحه من خلال هذا الملتقى الوطني”.
وينتظر أن يكون هذا الحدث محطة مفصلية في رسم سياسات مكتبية جديدة، تنسجم مع التحولات الرقمية الكبرى، وتُعيد للمكتبات العمومية دورها المركزي كحاضن للمعرفة والإبداع، في خدمة المجتمع الجزائري بجميع شرائحه.