تأبينيتـه تجمع أبناء الأســرة الفنيــة

رحل رشيـد صـاولي.. وبقــي المــــايسترو حـــيّا

أسامة إفراح

الدعـوة إلى جمـــع أعمـال الفقيـد وحمايتها مـن الضيـــــاع


غصّت ساحة المعهد الوطني العالي للموسيقى، سهرة أول أمس الإثنين، بفنانين وموسيقيين وطلبة وإعلاميين، جاؤوا ليحضروا تأبينية المايسترو رشيد صاولي الذي اختطفه الموت وغادرنا مطلع هذا الأسبوع. وأجمع الحضور على خصال الرجل وتفانيه في مهمته التكوينية والتربوية والإبداعية على مدى عقود، فيما أصرّت أرملته على أن رشيد صاولي، برحيله المفاجئ، لم يترك فراغا رهيبا في عائلته الصغيرة فقط، بل وفي كلّ المشهد الفني الجزائري.

توافد العديد من الفنانين على تأبينية المايسترو رشيد صاولي، ولعلنا نشير على سبيل الذكر لا الحصر إلى الفنان محمد العماري، والمخرج أحمد راشدي، والفنان حسان كشاش، دون نسيان زملاء الفقيد من أساتذة بالمعهد وموسيقيين كلاسيكيين ومغنّين قدامى وشباب. ولم يخلُ الجمع من المسؤولين والرسميين والسياسيين، يتقدمهم الأمين العام لوزارة الثقافة أولبصير، والمدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف سامي بن شيخ، والإعلامي والكاتب السياسي امحمد بوعزارة، وممثلين عن جهاز الأمن الوطني.
اقتربنا من أرملة الفقيد، أستاذة الموسيقى تاتيانا صاولي، التي أكدت على التطرّق إلى فكرة محورية بالنسبة إليها، وهي أن الفقيد كان من ضمن زبدة الموسيقى خاصة في الجانب الأكاديمي، وبرحيله المفاجئ فقد ترك فراغا كبيرا في أسرته الصغيرة، ولكن أيضا في أسرته الكبيرة والمشهد الفني الجزائري.
وروت تاتيانا كيف كان الفقيد يتفانى في عمله التربوي والإبداعي، وكيف كان هذا الزوج المبدع يتجادل أحيانا حول الموسيقى، خاصة وأن تاتيانا كانت المستمع الأول للمايسترو رشيد. كما أشارت إلى استفادة الفقيد من هويته وتوظيفها في إبداعاته، وهو الذي جمع بين الثقافة الجزائرية المحلية، والموسيقى الكلاسيكية العالمية.
قبل ذلك، كان المسرحي أحمد العقون، الذي بدت عليه علامات التأثر، قد نشّط اللقاء التأبيني، وافتتحه بالقول: «في الفن توجد النخبة، وتوجد نخبة النخبة، ورشيد صاولي كان من ضمن هذه الأخيرة».
كما ألقى المايسترو عبد القادر بوعزارة، مدير المعهد الوطني العالي للموسيقى، كلمة مما جاء فيها أن الفقيد كان «الأخ الأب الصديق والفنان الأستاذ الملحن والإنسان.. وسيبقى تاريخ رحيله راسخا في أذهان كل من عرف روحه المرحة»، وأضاف: «غادرتنا بجسدك ولكن روحك ستبقى تنير أركان المعهد».
وذكّر بوعزارة بما أبدعه الفقيد من «روائع موسيقية ذات لمسة عالمية»، وهو الذي «حمل شارة التكوين وأبدع في ذلك، وكان القائد بجدارة لأنه كان رائدا من رواد الموسيقى في الجزائر».
وكان للفنانين الشباب نصيب من الشهادات، حيث قال أجراد يوغرطة: «رشيد صاولي هو من غيّر حياتي وكان نقطة فاصلة في مسيرتي الفنية، إذ أذكر حينما أردت التسجيل والالتحاق بمعهد الموسيقى ولم يكن عمري يسمح بذلك، ولكنه تدخل والتحقت بالمعهد وكان هو السبب في تعلمي الموسيقى».
ومن جهتها قالت المغنية الأوبرالية أنيسة هجرسي إن «الفقيد رشيد وزوجته تاتيانا فتحا لي باب منزلهما، وكان هو أبي الثاني وكانت هي أمي الثانية. كلنا مصابون في هذه الفاجعة، ولكن في نهاية الأمر فإن الفنان لا يموت أبدا».
من جهته، قال نور الدين سعودي مدير أوبرا الجزائر، إن التكريم أمر جيد ولكننا قد ننسى الإنسان مرتين: مرة في موته، ومرة أخرى فيما بعد موته. وحتى لا يحدث ذلك مع رشيد صاولي، دعا سعودي إلى جمع أعمال الفقيد الفنية: «كمدير للأوبرا فإن هذا العمل يهمني، ويجب تنظيم تكريم موسيقي له بأعماله الفنية بالتنسيق مع الأوركسترا السيمفونية».
كما دعا نور الدين سعودي إلى تمكين الطلبة من الانتفاع بالأعمال التي تركها المايسترو صاولي نظرا لمدى دقتها وعلميتها. وفي اقتراح ثالث، نادى سعودي بإطلاق اسم الفقيد على إحدى قاعات المعهد العالي للموسيقى.
أما أستاذ الموسيقى سيد أحمد فلاح، فقد ألقى كلمة مؤثرة قال فيها إنه وزملاءه يؤدون مهنة محترمة ونظيفة مهمتها زرع السلام. كما ذكّر بأسماء فقدتها العائلة الموسيقية مؤخرا، كان آخرها رشيد صاولي الذي كان «شخصية متواضعة ومسالمة ومسامحة مع قيمتها الموسيقية العالية»، يقول فلاح مضيفا: «لنأخذ العبرة من أصدقائنا وزملائنا رحمهم الله ولنحب بعضنا البعض قبل أن يفوتنا الأوان».
يذكر أن المنية وافت المايسترو رشيد صاولي صبيحة السبت الماضي، عن عمر يناهز 65  سنة. درّس الفقيد بالمعهد الوطني العالي للموسيقى، كما شغل منصب مدير فني للأوركسترا السيمفونية الوطنية.. وعلى رأس هذه الأخيرة، أنجز الفقيد عدة أعمال كما اشتغل على أكبر أعمال الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وكرّس مهارته من أجل تثمين التراث الثقافي الجزائري. ومن بين الأعمال التراثية الثقافية الجزائرية التي أعاد تأليفها الفقيد «أندلسية»، «أهلا وسهلا»، «بختة»، «يما قوراية»، ونوبات «رصد ديل» و»سيكا» وغيرها. وكان وزير الثقافة عز الدين ميهوبي قد أعرب، في رسالة تعزية، عن حزنه «لفقدان أحد أعمدة الموسيقى الكلاسيكية في الجزائر»، ووصف الفقيد بـ»المؤلف و الملحن المحنك».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024