- خيـانـــة -

نورالدين لعراجي

أهازيج الموسيقى التي رقصتما على أنغامها، ما زالت تبعث على مسمعكما، وكأنها للتو!
حتى النادلة الوسيمة التي كانت تشرف على طلباتكما، كانت في أتم أناقتها، وطلقتها المميزة، رائحة عطرها، ربطة عنقها الحمراء، ماكياجها الذي كنت تغارين منه، بسمتها الساحرة والتي كنت توهمينني بأنك تغارين منها علي.
الشمعدان، مزهارية الأزهار التي أنعشتكما بعطرها،  لونها  الذي أفضى على مجمعكما رونقا، ولقاءا رومنسيا، وكم كانت عصبيتك تغفو إذا حدث وأن غاب لونكِ المفضل على الطاولة مع أنكِ من هاويات جمع القلوب في جوف واحد، فكيف تعكر صفوتك استقلالية الألوان؟؟
في عجلة من أمرك كنت تردد :
'' -المرأة تقود الرجل إلى السعادة''
'' - المرأة أغنية و الرجل لحنها''

- المرأة !....
وأنت تتمتم ، وبين اصابعك دليل الإدانة، كنت قد تذكرت نكتة لصاحبك المغتال قبل قرانه، وذلك عندما قالت الحماة المشاغبة لجارتها :
    - خطيب ابنتي عاقل ورزين، ومتدين، ويتيم، ويعرف الطريق إلى الجنة!
  فقالت الجارة :
  - غدا عندما تتزوج ابنتك سيعرف الطريق إلى جهنم بكل تأكيد.
وأنت في داخلك المفعم بالطيبة والبساطة تترحم على صديقك الذي ياما حذرك من هذه المغامرة، وها أنت الآن تقف على كل شيء، ثم تضحك في سريرتك .
- توقف نبض هاتفك النقال  وأنت تردد :
سوف تذهب إلى الجحيم وحدها! دوني أنا
آلاف التخمينات، تجول بخاطرك الآن. تراودك فكرة الرد العنيف. تتداخل أمامك الطرق والأساليب والاستفهامات المبهمة، حتى الإجابات لم تكن بالسهلة ، أمام هول هذه الأفعى.
كانت النوارس خلفك تبحث عن مواسما للدفء، وتعويذة الكروان كأنها تلعن سخط المواسم المزيفة.
عقارب الساعة تتسابق فيما بينها، ورد الغدر ليس من شيمك ولكن هذه المومياء التي تختفي وراء وعود دينكوشتية، صارت كابوسا يعكر صفو حياتك .
هـا..تسقط صورتها المعلقة بغرفتك، أيام كان الحب ملء الدنيا، ويمتد وراء هذه الأميال البحرية، عندما كانت تنتظر عبر أمواجها حالة الشوق التي أثقلتك، سقطت صورتها، وكأنها تسقط من على ضفاف قلبك.
على نشوة الانتظار بالمطعم، كانت هي من سبقتك بالمكان نفسه. وما هي سوى لحظات حتى تصل بك عجلات سيارتك إلى الملتقى وأنت تردد:
''أَخْسَرْ وفَارقْ ''
من قرب الموقف المخصص للسيارات تنادي على حارس المطعم، تُسلمه الحقيبة بما تحتويها، مندليها الوردي، الرسائل التي تحمل وشم قبلاتها، بقايا الوردة التي بحوزتك منذ أمد.
وداخل القاعة ينبعث الصخب، ليكتظ المطعم بزبائنه، وكل مشغول بأمانيه، والموسيقى تنبعث على رؤوس الأشهاد منذرة.
- كانت هي تحرق أنفاسها بالانتظار
- تفتح الحقيبة. تقف على ما تحتويه من أشيائها. تسقط من على طاولتها مغشيا عليها.
يحملونها إلى المستشفى.يحتار الأهل فيما أصابها.
يخرج الطبيب مطمئنا:
- لا داعي للقلق.
- مجرد صُـداع
- مبروك حليمة حامل

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024