تطوي سنة من الانتصارات السياسية والقانونية

القضية الصحراوية تتهيأ للعام الجديد بعزم كبير على تحقيق النّصر

حقّق الشعب الصحراوي بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، انتصارات قانونية “تاريخية” خلال سنة 2024، تجلت في القرارات “بالغة الأهمية” الصادرة عن محكمة العدل الاوروبية والجمعية العامة للأمم المتحدة التي أكدت على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفي السيادة على أرضه والتحكم في مواردها الطبيعية.
بعد سنوات طويلة من تزوير الاحتلال المغربي للحقائق التاريخية والقانونية لإقليم الصحراء الغربية ومبالغته في سياسته التعسفية بإبرامه سنة 2019 اتفاقيتين مع الاتحاد الأوروبي تتعلقان بالزراعة والصيد البحري امتدتا بشكل غير قانوني إلى الصحراء الغربية، ظهر الحق جليا في 4 أكتوبر الماضي من محكمة العدل الأوروبية، أعلى هيئة قضائية في الاتحاد الأوروبي، التي أبطلت بشكل نهائي الاتفاقيتين، وذلك رغم سياسة شراء الذمم التي ينتهجها النظام المغربي والضغوط والمراوغات التي لجأت إليها بعض الدوائر الأوروبية خدمة لمصالحها الاقتصادية.
محكمة العدل الاوروبية لم تبطل فقط الاتفاقيتين، لكنها أرادت أيضا وضع الأمور في نصابها الصحيح. أولا، من خلال إعادة التأكيد على أنه “فيما يتعلق بالقانون الدولي، تتمتع الصحراء الغربية بوضعها الخاص والمتميز” مقارنة بوضع المغرب.
ثانيا، من خلال الاعتراف، مرّة أخرى، بالجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) باعتبارها هيئة “قانونية دوليا وممثلا للشعب الصحراوي وقادرة على اتخاذ الإجراءات القانونية أمام جميع المحاكم الأوروبية”، وأخيرا، من خلال التوضيح أن موافقة الشعب الصحراوي (وليس سكان الصحراء الغربية)، على هذه الاتفاقيات كانت من “الشروط الأساسية” لصحتها.يأتي هذا ردا على النهج الذي تبنته المفوضية الأوروبية في التعامل مع القرارات السابقة للمحكمة بشأن الاتفاقيتين التجاريتين التي بدلا من السعي للحصول على موافقة الشعب الصحراوي، الذي يمتلك وحده حق تقرير المصير في هذه المنطقة، كما أقرته المحكمة، قامت بتنظيم مشاورات مع السكان الحاليين، الذين لا ينتمون في غالبيتهم إلى الشعب الصحراوي.
وكان محامي جبهة البوليساريو أمام المحاكم الأوروبية، الراحل جيل ديفيرز، قد أشاد بالتوضيحات التي قدمتها المحكمة الأوروبية في قراراتها الأخيرة والتي باتت تشكل الإطار القانوني الذي يجب على الاتحاد الأوروبي الالتزام به في علاقاته مع المغرب، معتبرا أن هذا القرار “يضع إطارا قانونيا نهائيا” و«سيشكل سابقة قانونية للمحكمة”.وحذر من أن الجبهة التي انتظرت 10 سنوات للحصول على مثل هذا الحكم “لن تتساهل في تنفيذه” وستشرع إذا اقتضى الأمر في “إجراءات موجهة بشكل جيد” لإظهار عزيمتها.

 نصـر قضائـي وسياسـي

في الواقع، شكل قرار المحكمة الأوروبية ضربة قاتلة للاحتلال المغربي وأدى إلى فقدانه للأدوات الاقتصادية والسياسية التي كانت تسمح له بمواصلة احتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية.
وبما أن القضية الصحراوية لا تزال مطروحة على الساحة الدولية، على عكس مزاعم المغرب بأن الملف مطوي وبأنه حقق كافة أهدافه، كانت القضية خلال 2024 وككل سنة حاضرة بقوة في المداولات العامة رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أدلى عدة رؤساء دول وحكومات ببيانات عبروا فيها عن دعم بلدانهم الصريح لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
علاوة على ذلك، تم التأكيد مرة أخرى على وضع الصحراء الغربية كإقليم في انتظار تصفية الاستعمار، من قبل الجمعية العامة التي اعتمدت خلال دورتها 79، قرارا بشأن قضية الصحراء الغربية، المدرج في جدول الأعمال تحت البند المتعلق بتنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، والذي أعادت فيه التأكيد على الإطار القانوني للقضية، كمسألة تصفية الاستعمار، مما ألحق انتكاسة جديدة للمحتل المغربي.
ووصف مسؤولون صحراويون إبقاء مسألة الصحراء الغربية على جدول أعمال الأمم المتحدة باعتبارها مسألة تصفية استعمار بمثابة “نجاح كبير” للشعب الصحراوي وكفاحه المشروع من أجل الحرية والاستقلال.
وفي محاولة يائسة لتغطية اخفاقاته، يواصل الاحتلال المغربي الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية الصحراوية، على غرار نهب الفوسفات وتهريبه نحو الأسواق الدولية، في خرق سافر للقرارات الاممية المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وحكم محكمة العدل الاوروبية.
كما صعد من انتهاكاته لحقوق الانسان، لاسيما سياسات التمييز العنصري والتهميش والإقصاء الممنهج إلى جانب الاستيلاء على الأراضي. فيما يواصل منع المراقبين والصحفيين الأجانب من الوصول إلى الأراضي المحتلة، الأمر الذي دفع بالأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريش إلى اصدار تقرير أعرب فيه عن “قلقه” إزاء استمرار عدم وصول مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى الأراضي الصحراوية المحتلة، مؤكدا أن غياب رصد مستقل وشامل لحالة حقوق الإنسان لا يزال يضر بإجراء تقييم شامل لحالة حقوق الإنسان في المنطقة

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19761

العدد 19761

الأربعاء 30 أفريل 2025
العدد 19760

العدد 19760

الثلاثاء 29 أفريل 2025
العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025