أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، عن اعتقاده بأنّ “تقدّما كبيرا” يتحقّق في ما يتعلّق بإنهاء الحرب في غزة، وقال في مؤتمر صحافي، إنّ مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، أبلغه بأنّ وقف إطلاق النار في غزة “بات وشيكا جدا”. وأضاف: “أعتقد أنّ تقدما كبيرا يتحقّق في ما يتعلّق بغزة، وأعتقد أنّ السبب هو الهجوم الذي نفّذناه”، مشيرا إلى أنّ الضربات الأمريكية على إيران قد تنعكس إيجابا على الوضع في الشرق الأوسط.
لكن تفاؤل ترامب بوقف شلال الدّم المتدفّق في قطاع غزة لا يعكسه الواقع الميداني، حيث يصعّد الاحتلال الصّهيوني من إبادته وتصفيته للفلسطينيّين بكلّ الوسائل، من صواريخ ورصاص وتجويع وتعطيش، كما يمعّن في استهداف منتظري المساعدات حيث أعلنت حكومة غزّة ارتفاع ضحايا منتظري المساعدات إلى أكثر من 500 شهيد خلال نحو شهر، في حين وثق ناشطون مشاهد مؤلمة لتكدس جثامين الشهداء من المجوعين.
والثلاثاء، أعلن الإعلام الحكومي ارتفاع حصيلة ضحايا مراكز توزيع “المساعدات الأميركية الصّهيونية “ إلى 516 شهيدا و3799 مصابا، منذ بدء العمل بتلك الآلية في 27 ماي الماضي. وأوضح أنّ الضحايا من السكان المدنيّين المجوّعين، قتلتهم قوات الإحتلال خلال محاولتهم الحصول على الغذاء من مراكز المساعدات. كما نشر ناشطون مشاهد مؤثّرة توثق جرائم قوات الاحتلال بحق طالبي المساعدات، ومن بينها مشاهد لتكدّس جثامين الشهداء في ساحة مستشفى ناصر بخان يونس بعد المجزرة المروّعة ،التي ارتكبها الاحتلال بحق منتظري المساعدات غرب رفح جنوب القطاع الثلاثاء.
جرائم تستهدف الجيّاع
وقالت حركة “حماس” إنّ الجرائم الصّهيونية بحق المدنيين في قطاع غزة تتصاعد نتيجة آلية توزيع المساعدات الأميركية الصّهيونية، مطالبة بتدخل فوري لوقف المجازر وتوفير بديل آمن لإيصال المساعدات.
وأكّدت الحركة أنّ “ما تسمى نقاط توزيع المساعدات هي مصايد موت مدروسة، وتستخدم لإدارة التجويع والإذلال ضمن سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية”، مؤكّدة أنّ “الجريمة مستمرة وتنفذ بغطاء دولي وصمت مخز، في انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الإنسانية”.
وطالبت حماس “بتدخّل فوري من المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوقف المجازر وتوفير آلية آمنة وخاضعة للأمم المتحدة والرقابة لإيصال المساعدات”، وشدّدت على ضرورة “تفعيل المساءلة الدولية وملاحقة مجرمي الحرب الصّهاينة، وفرض وقف فوري وشامل لحرب الإبادة على أكثر من مليوني إنسان محاصر في غزة”.
في الأثناء، استشهد أكثر من 50 فلسطينيا في قطاع غزّة” صباح أمس الأربعاء، نحو ثلثهم من منتظري المساعدات، على يد قوات الاحتلال وسط استمرار الغارات على مناطق متفرّقة من القطاع واستهداف بنيته التحتية.
وقالت مصادر في مستشفيات غزة، إنّ 51 فلسطينيا استشهدوا في قصف صهيوني على قطاع غزة، منذ فجر اليوم، منهم 14 من منتظري المساعدات. وأفادت مصادر في مستشفيي العودة وشهداء الأقصى، أنّ 9 فلسطينيّين استشهدوا وأصيب آخرون من منتظري المساعدات قرب محور نتساريم وسط القطاع، في حين قال مصدر طبي بمستشفى المعمداني، إنّ 3 استشهدوا في قصف صهيوني على محطة وقود بحي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
الاحتلال يقرّ بمقتل 7 عسكريّين
في الأثناء، أقرّ الاحتلال الصّهيوني، صباح أمس الأربعاء، بمقتل ضابط و6 عساكر في كمين نفّذته المقاومة الفلسطينية في خان يونس جنوبي قطاع غزّة. وأفاد تحقيق أولي بأنّ الحادثة وقعت، بعد ظهر الثلاثاء، إذ فجّر المقاومون عبوةً ناسفةً بعد تثبيتها على ناقلة جند مدرّعة من نوع “بوما”، كانت تقلّ وحدةً قتاليةً تابعةً لسلاح الهندسة.
واندلعت النيران في الناقلة والعساكر داخلها، ما أدى إلى احتراقهم واستدعى العمل ساعات لتحديد هوياتهم. وعند إعلان مقتلهم، نشر جيش الاحتلال أسماء 6 منهم. وإضافةً إلى القتلى، أُصيب عسكريّان صهيونيّان، أحدهما إصابته خطيرة، في حادثة منفصلة في خان يونس، الثلاثاء أيضاً، بحسب ما اعترف به جيش الاحتلال.
يُذكر أنّ وسائل إعلام صهيونية علّقت على ما حدث في خان يونس، مؤكّدةً أنّ “استيعابه صعب، لكون القتلى والجرحى من وحدتين مختلفتين”.
وأمس الأربعاء، أعلنت “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، في بيان نشرته على منصة “تلغرام”، أن مقاتليها “دمروا عصر الثلاثاء، جرافة عسكرية من طراز “دي9 “ بواسطة عبوة ناسفة من نوع شواظ جرى إعدادها مسبقا، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها لمدة ساعة”.
أزمـة ميــاه
على الجانب الإنساني، تعاني مدينة غزة نقصا حادا في المياه، حيث لا يلبّي المتوافر منها سوى الحدّ الأدنى من احتياجات السكان. كما أنّ التدمير الممنهج لما يقارب من 75% من مرافق المياه، إضافة إلى انقطاع الوقود والطاقة، قد أدى إلى تعطيل الآبار، وقد فاقم هذا الوضع معاناة المواطنين الذين نزحوا إلى قلب مدينة غزة هربًا من القصف.