جدّدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في الذكرى الثالثة لفاجعة 24 جوان 2022، مطالبتها بالكشف عن مصير عشرات المهاجرين الأفارقة الذين فقدوا إثر المجزرة التي ارتكبتها السلطات المغربية على الحدود مع مدينة مليلية الإسبانية، التي أسفرت عن مقتل 37 مهاجرا على الأقل، فيما لا يزال مصير 76 آخرا مجهولا، في واحدة من أبشع الكوارث المرتبطة بالهجرة.
بالمناسبة، أكّدت الجمعية أنّ هذه الفاجعة تعد واحدة من أفظع المآسي الجماعية التي عرفتها المنطقة، وشكّلت نموذجا صارخا للعنف المؤسّساتي الناجم عن السياسات الأمنية المتشدّدة، التي ينتهجها المخزن في تعامله مع ملف الهجرة، بعيدا عن منطق حقوق الإنسان.
وانتقدت الجمعية طريقة تعامل السلطات المغربية مع الحادث، معتبرة أنها لم تتعامل مع الضحايا كمهاجرين وطالبي لجوء يحتاجون إلى الحماية، بل كـ«تهديد جماعي” يجب احتواؤه، دون مراعاة للمبادئ الإنسانية أو للمعايير الدولية التي تحكم وضعهم القانوني. وواصل البيان نقده للسلطات المغربية، التي اختارت، بدل فتح تحقيق مستقل وشفاف لكشف ملابسات الفاجعة وتحديد المسؤوليات، توجيه الاتهام للناجين وتقديمهم للمحاكمة في ظروف وصفتها الجمعية بأنها تفتقر لأبسط مقومات المحاكمة العادلة.
وبهذا، حسب الجمعية، تم تحويل الضحايا إلى متّهمين، في تكريس واضح للإفلات من العقاب وانتهاك صارخ للحق في الحياة والعدالة.
وتابعت الجمعية أنّ السياق الأمني بعد الفاجعة لم يشهد أي محاولة جادة للاعتراف بالمسؤولية أو تصحيح الاختلالات البنيوية، بل استمر العمل بنفس الآليات القمعية، من خلال اعتقالات جماعية وترحيلات قسرية للقاصرين والشباب وإهمال طبي ممنهج، إضافة إلى استمرار تهميش صفة اللجوء وتوظيف القضاء لتبرير المقاربة الأمنية.
وأشارت إلى أنّ أسر الضحايا والمفقودين لا تزال تقصى من مسارات الحقيقة والعدالة، في تجاهل تام لمعاناتهم، وهو ما يشكّل انتهاكا مضاعفا لكرامة الإنسان، ورسالة سلبية بشأن مدى نجاعة واستقلالية منظومة العدالة في المغرب، خاصة في القضايا ذات البعد الحقوقي العابر للحدود.
وفي ختام بيانها، شدّدت الجمعية على ضرورة وضع حد للممارسات المهينة التي يتعرّض لها المهاجرون، داعية إلى احترام التزامات المغرب الدولية، خصوصا في ما يتعلّق بحقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، مؤكّدة أنّ “الذاكرة الحقوقية لا تغلق بالتقادم”، وأنّ مجزرة 24 جوان تظل شاهدة على مرحلة سوداء من الإخفاق الحقوقي، ويجب تفكيكها ومراجعتها بدل طمسها.