يروّج الاحتلال الصّهيوني لإنشاء مدينة يطلق عليها مسمّى “المدينة الإنسانية” في رفح جنوبي قطاع غزة، على أنقاض المدينة المدمرة، يستهدف من خلالها نقل ما بين 600 و700 ألف فلسطيني.
المخطط الذي يلقى استنكارا دوليا كبيرا، يفرض ما يشبه “الغيتو” على الفلسطينيين؛ إذ يجري فحص المنتقلين إلى تلك المنطقة، ومنعهم من الخروج منها لاحقاً، بينما يستكمل جيش الاحتلال حرب الإبادة في بقيّة مناطق القطاع.
والاثنين الماضي، كشف وزير أمن الاحتلال عن ملامح خطة لإقامة ما سمّاها “المدينة الإنسانية” في رفح والمكونة من خيام على أنقاض المدينة. وبحسب هيئة البث الصهيونية الرسمية حينها، ستقام المدينة المزعومة بين محورَي “فيلادلفيا” (صلاح الدين على الحدود مع مصر) و«موراغ” (بين خان يونس ورفح جنوبي القطاع)، وسيجري في المرحلة التالية تجميع كل فلسطينيي غزة بها، قبل تفعيل آليات لدفعهم إلى الهجرة.
معسكـر اعتقــال
هذا، وقد أشعلت الخطّة الصهيونية الخبيثة موجة غضب وانتقادات حادة، فقد وصفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) المشروع بـ “معسكر اعتقال”، بينما حذّرت منظمة العفو الدولية من أن الخطة ترقى إلى جريمة حرب.بدوره، قال وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البريطاني، هاميش فالكونر، إنّه مصدوم من الخطة الصهيونية، مؤكدا أنه لا ينبغي تقليص الأراضي الفلسطينية ولا منع السكان من العودة إلى بلداتهم، كما أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس معارضته خطة الاحتلال لإنشاء ما يسميها “مدينة إنسانية” في رفح، وشدّد على أنه ليس راضيا منذ أسابيع عن ممارسات الحكومة الصهيونية في قطاع غزة.ورفضت السلطة الفلسطينية الخطة بشدة، ووصفتها بأنها “لا علاقة لها بالإنسانية”، محذّرة من أنها تمثل غطاءً لتهجير قسري، أما حركة حماس، فأكّدت من جهتها رفض أي مشروع يُبقي أهالي القطاع محاصرين في جزء صغير من غزة.وفي الداخل الصهيوني، هاجم رئيس أركان الجيش المقترح، محذّرا من أنه يُبعد الجيش عن هدفيه الأساسيين: هزيمة حماس واستعادة الأسرى بالقطاع، كما وصفه مسؤولون أمنيون بأنه “مدينة خيام عملاقة” قد تؤدي إلى عودة الحكم العسكري لغزة.
جريمــة حــرب
وشنّ زعيم المعارضة الصهيونية يائير لبيد هجوما حادا على الخطة، واصفا إيّاها بأنها فكرة سيئة من كل النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية واللوجستية، وأضاف لبيد أن إنشاء منطقة محاطة بسياج تضم مئات آلاف الفلسطينيين يعني عمليا إقامة “معسكر اعتقال”، وتساءل مستنكرا: “كيف سيُطبق ذلك؟ هل سنُبقي 600 ألف إنسان داخل منطقة مسيجة؟”.وأثارت التكلفة المتوقّعة للمبادرة، التي تتراوح بين 10 و20 مليار شيكل (ما يعادل 3 إلى 6 مليارات دولار)، غضب الرأي العام الداخلي، نظرا للتكلفة الاقتصادية المتزايدة للحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين.كذلك، أُطلقت تحذيرات قانونية داخل الكيان الصهيوني، إذ وجّه 16 باحثا في القانون الدولي رسالة تحذيرية لوزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، معتبرين أن الخطة قد تُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.