احتقان اجتماعي وانهيار للثّقة

الشــّرخ بـين الشـــّارع والحكومـة المخزنيـة آخــذ في الاتسـاع

 في وقت يعيش فيه الشارع المغربي غلياناً غير مسبوق بسبب تدهور المنظومة الصحية، وأزمة التعليم، وارتفاع معدلات البطالة، وغلاء المعيشة الذي ينهك الأسر، يواصل رئيس الحكومة المخزنية عزيز أخنوش سياسة المناورة واستفزاز المغاربة بزيارات وجولات فولكلورية لا تحمل أي أثر عملي. آخرها استفزازات أخنوش تفقده لبعض دواوير إقليم الحوز المتضررة من الزلزال، حيث جلس في جلسات شاي وصور مشهد “القرب من المواطن”، بينما آلاف العائلات ما تزال تحت الخيام بعد سنتين كاملة من الكارثة.
المشهد في الحوز يكشف التناقض الصارخ: مشاريع إعادة الإعمار والسكن الكريم تسير ببطء مقلق، والسكان لا يزالون يعانون الهشاشة في السكن والخدمات. ورغم ذلك، اختار أخنوش أن يقدم نفسه في صورة “المستمع والمنصت”، وكأن الأزمة مجرد فرصة لتلميع الذات وتسجيل نقاط سياسية.
لكن المغاربة لم يعودوا ينخدعون بهذه المسرحيات. فحصيلة الحكومة ثقيلة: قطاع الصحة يترنح رغم الشعارات المكرّرة عن “الإصلاح”، التعليم في دوامة ارتجال وإصلاحات غير مكتملة، البطالة تخنق الشباب، والقدرة الشرائية تنهار أمام موجات متتالية من الغلاء. هذا الواقع المعيشي القاسي جعل الاستطلاعات تكشف أرقاما صادمة: 1 % فقط راضون عن أداء الحكومة، فيما أغلبيتهم الساحقة تعلن رفضها للسياسات المتبعة.
إنّ خرجات رئيس الحكومة المخزنية التي تأتي قبل عام من الانتخابات التشريعية المقبلة وفي السنة ما قبل الأخيرة من ولايته، ينظر إليها مراقبون على أنها حملة انتخابية مبكرة تهدف إلى ترميم صورة حزبه أمام رأي عام غاضب من تردي الخدمات الاجتماعية واتساع رقعة البطالة، خاصة في الأوساط القروية التي ما زالت تفتقر إلى الماء والطرق والمدارس والمراكز الصحية. وبدل أن تبعث هذه الخرجات برسائل طمأنة، فهي تزيد من حدة الغضب الشعبي، وتعكس حالة ارتباك سياسي وحزبي أمام واقع يزداد قتامة. الأخطر أن هذه الزيارات التي يُسوَّق لها إعلامياً لا تخفي حقيقة أعمق: فقدان الثقة في المؤسسات، وتآكل الشرعية الاجتماعية للحكومة، واقتراب انتخابات 2026 في أجواء قد تطبعها المقاطعة والعزوف.
أخنوش لا يفعل أكثر من الهروب إلى الأمام، يتنقل بين المناطق برسائل مشوشة، يرفع شعارات كبرى بلا أثر ملموس، ويستفز المواطنين في وقت ينتظرون منه أجوبة صريحة وإجراءات عاجلة. أما الواقع فيقول إن كل القطاعات الحيوية تعيش أزمة خانقة، وأن الشرخ بين الشارع والحكومة آخذ في الاتساع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19881

العدد 19881

الأحد 21 سبتمبر 2025
العدد 19880

العدد 19880

السبت 20 سبتمبر 2025
العدد 19879

العدد 19879

الخميس 18 سبتمبر 2025
العدد 19878

العدد 19878

الأربعاء 17 سبتمبر 2025