«ثورة» أم «ثورة ثانية»..

ت/ يوسفي

يتأكد يوما بعد يوم أن المشهد السياسي في مصر يؤسس منذ ثورة 25 يناير لعدة سوابق لم يشهدها التاريخ من قبل، يرشحها المراقبون السياسيون لأن تشكل مرحلة تحول مفصلية في طرق وأساليب ممارسة الشعوب للديمقراطية.
لقد جاءت مظاهرات 30 جوان لتفتح قوسا كبيرا وبارزا في تاريخ الممارسة الديمقراطية حيث حملت عدة متناقضات ومع ذلك صبت جميعها في تحقيق هدف واحد هو تكريس إرادة قطاع واسع من الشعب المصري، غير أن النقطة الفارقة في المشهد العام الذي عاشته البلاد هو تدخل الجيش ولكن بطريقة غير معهودة على الإطلاق.
بالعودة إلى تسلسل الأحداث نجد أن النقطة التي شغلت في البداية بال الرأي العام والمتابعين للشأن المصري هو العجز عن تفسير ما حدث حيث انقسمت الآراء، بعضها اعتبره امتدادا لثورة 25 يناير، وهنا نسجل أن التاريخ لم يشهد قط اندلاع ثورتين متتاليتين في ظرف عامين، وبالتالي يمكن اعتبار ما حدث ثورة واحدة استمرت شعلتها متقدة التهبت بفعل عودة نفس أسباب قيام الثورة الأولى وهي الانفراد بالحكم والسلطة.
والبعض الآخر رأى فيها ثورة مستقلة بذاتها قامت للتعبير عن رفض شعبي لحكم الإخوان المسلمين لما لمسوه فيه من تهديد لمدنية الدولة وإقصاء لجزء معتبر من مكونات المجتمع المصري، وفي كلتا الحالتين ظل المشهد درسا في ممارسة الشعب للديمقراطية رغم تداعيات ذلك الشد والجذب السياسي على الحياة اليومية للشعب المصري إلى غاية تدخل الجيش بإعلان انحيازه لخندق الشارع.
خروج الجيش عن حياده وتدخله في الحياة السياسية غيّر معطيات وأطراف المعادلة حيث أصبح طرفا في العملية السياسية بطريقة غير شرعية وغير دستورية رغم تقديمه منذ البداية عدة ضمانات للرأي العام المحلي والدولي بإعلان عدم رغبته في تسيير المرحلة الانتقالية، ودفعه للأمور باتجاه تفعيل ميكانيزمات مرحلة تعطيل الشرعية التي تنص عليها مختلف الدساتير، ومع ذلك يظل محل انتقاد لانعدام أي سند قانوني يمنحه هذه الصلاحية.
في مقابل ذلك تتمسك المؤسسة العسكرية بتبرير تدخلها بكونه انسياقا وراء الإرادة الشعبية وتقليصا لحجم الخسائر واختصارا للوقت حتى لا تتكرر الفاتورة الثقيلة التي ترتبت عن ثورة 25 يناير.
في كل الأحوال، ورغم هذا الرقي الذي طبع تدخل الجيش حيث يرمي في مقاصده وغاياته إلى حماية إرادة الشعب ومساعدته على ممارسة حقوقه السياسية، إلا أنه يبقى يفتقد للشرعية الدستورية، فهو من الناحية القانونية لم يحل الأزمة ذلك أن الرئيس مرسي الذي تم عزله بقرار من الجيش نزولا عند رغبة شعبية هو رئيس منتخب عبر انتخابات وبالتالي فإن إنهاء مهامه يجب وفق القانون أن يتم عبر الانتخابات إما عبر استفتاء على استمرار عهدته أو عدم تجديد الثقة فيه في الاقتراع القادم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024