تختتم اليوم الثلاثاء فعاليات الألعاب المدرسية الافريقية، وسط تألق كبير صنعته المنتخبات المدرسية الجزائرية في هذا المحفل الرياضي القاري، تحد ّكبير رفعته الجزائر لأجل إنجاح هذا الحدث، وراهنت على اكتشاف مواهب رياضية صاعدة في مختلف التّخصّصات، سيكون لها شأن كبير في الارتقاء بالرياضة الجزائرية، ورفع الراية الوطنية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.
سيتم اليوم إسدال الستار عن الطبعة الأولى للألعاب المدرسية الإفريقية التي احتضنها الجزائر بأربعة مدن (عنابة، سكيكدة، قسنطينة وسطيف)، بإقامة حفل الاختتام بملعب 19 ماي 1956 بمدينة عنابة بداية من الساعة الثامنة والنصف ليلا 20:30، والذي سيكون منقولا عبر القناة الشبابية السادسة للتلفزيون الجزائري، أين تم التحضير لحفل فني كبير تتخلله الكثير من المفاجئات التي سيستمتع بها الجمهور العنابي، وكل الوفود الإفريقية المشاركة في الألعاب.
لم تستضف الجزائر الألعاب المدرسية الافريقية، والتي جاءت تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لمجرد تنظيم لقاءات رياضية بين منتخبات افريقية، بل كان الرهان الأكبر على تجسيد شعار النسخة الأولى من التظاهرة الرياضية القارية، لأن تكون “رافعة لتطوير الرياضة المدرسية في إفريقيا” أولا، وثانيا أن تشكّل فرصة لبناء جيل من الرياضيين يعمل على تحقيق الانجازات، وتجسيد “انطلاقة حقيقية لأبطال الغد”. أبطال الجزائر الذين كانوا في الموعد وفي مستوى الحدث القاري، ورفعوا التحدي بتحقيق إنجازات كبرى، واعتلاء منصات التتويج في مختلف المنافسات والتخصصات، وأهدوا الجزائر ميداليات نفيسة جعلتها تحتل الصدارة في جدول ترتيب الميداليات.
نحو مسيرة احترافية واعدة
التألق والتتويج لم يأت من عدم، بل كان نتيجة عمل مشترك ومتواصل، بداية بالسلطات العليا للبلاد التي لم تدّخر جهدا في توفير الظروف الملائمة لهذه التظاهرة الرياضية الافريقية، وعلى رأسها البنية التحتية الرياضية التي باتت تمتلكها الجزائر، وأهّلتها لاحتضان المنافسات القارية الكبرى عن جدارة، وجاهزية مرافقها لاستقبال الوفود المشاركة، إلى جانب المدرّبين والرّياضيين الذين كانوا بدورهم في الموعد لتحقيق الفوز، وتسطير مشوار بارز نحو مسيرة احترافية في مجال الرياضة، من خلال المرافقة ومواصلة التكوين استعدادا لمنافسات دولية أخرى.
ومن جوهرة الشرق بونة انتصرت الرياضة الجزائرية، بعد أن سخّرت السلطات المحلية للولاية كافة الامكانيات المادية والبشرية لإنجاح الحدث الرياضي، بداية من سهرة افتتاح الألعاب المدرسية الافريقية إلى يوم الاختتام، حسن استقبال الوفود الافريقية المشاركة وتهيئة الظروف المناسبة سواء خلال التدريبات أو المنافسات التي جرت بكل روح رياضية، دون نسيان الجمهور العنابي الذي كان رقم واحد في إنجاح هذه التظاهرة الرياضية من خلال دعمه وتشجيعه المستمر للرياضيين الجزائريين الواعدين الذين حققوا نتائج مشرفة، وبرهنوا على كفاءة بدنية وتقنية عالية في المنافسة، جعلت الراية الوطنية ترفرف في مختلف قاعات الرياضة بعنابة التي زوّدت بأحدث التقنيات وبمواصفات علمية وفنية عالمية. وهكذا لم تخيّب بونة الآمال المعلقة عليها في هذا المحفل الافريقي، خاصة وأنها احتضنت أغلب المنافسات الرياضية التي أسفرت عن فوز الجزائر بميداليات ذهبية، فضية وبرونزية.
على أرض بونة كان الانتصار
حصدت الرّياضة الجزائرية “الذهب” في العديد من المنافسات التي احتضنتها مدينة عنابة، داخل قاعاتها، في شواطئها وملاعبها وعلى طرقاتها. كان التتويج المستحق، رياضيون واعدون يصنعون التألق والفرحة، وقد نعود في هذا المقام إلى بعض الانتصارات في هذا المحفل القاري، على غرار تتويج المنتخب الوطني للمصارعة الحرة لأقل من 17 سنة بلقب دورة الألعاب المدرسية الافريقية 2025، بمجموع 10 ميداليات منها سبعة ذهبية، فضيتين وبرونزية، وانتزع المنتخب الوطني للجيدو- فردي (ذكور وإناث) في مختلف الأوزان، ثمانية ميداليات ذهبية، فضيتين وثلاث برونزيات.
كما تألّق المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة في رياضية التجديف الشاطئي، بشاطئ “ريزي عمر”، حيث حصد أنس تغليت فرحات وعبد الرحمان طوبال، الفضية، في فئة (الزوجي ذكور)، وفضية أخرى في ذات المنافسة لمريم بوشامة وريهام حاج صافي في فئة (الزوجي إناث)، وأحرز ابن مدينة عنابة الرياضي عمر بودور ميدالية فضية في التجذيف الشاطئي (فردي).
أمّا بقاعة “كمال بوقشبية” بذراع الريش، فقد أعلى المنتخب النسوي للملاكمة الراية الوطنية بانتزاعه لخمسة ميداليات ذهبية في مختلف الأوزان، وأحرز المنتخب الجزائري للملاكمة (فئة الذكور) الفوز بـ 8 ميداليات ذهبية. وبالمدينة الجديدة بن مصطفى بن عودة بالمقاطعة الإدارية “ذراع الريش” التي جرت بها على مدار أربعة أيام منافسة الدراجات الهوائية (فردي)، حقّق المنتخب الوطني للدراجات في ختام منافسات سباقي ضد الساعة حسب الفرق وعلى الطريق - فردي، حصيلة “إيجابية” بإحرازه سبع ميداليات، منها اثنتان ذهبية.
أما داخل القاعة الرياضية “السعيد براهيمي” فقد كانت البرونزية من نصيب الجزائر في رياضتي “سيف المبارزة” و«سلاح الشيش” والميدالية الفضية في رياضة “السيف العربي الحاد”، وبشاطئ “ريزي عمر” فازت الجزائر بميداليتين ذهبية وفضية في رياضة “الكانوي كياك” صنف ذكور، وفي الوثب العالي ـ إناث كانت “الذهبية” من نصيب معلم عبلة (نيبال) بارتفاع 1.51م وعياشي إيناس بارتفاع 1.51م، أما منافسة الرمي بالمطرقة ـ ذكور فقد جاء الرياضي عاشور أوغاز في المرتبة الثالثة.
الجيش الأبيض في الموعد
ولكون المنافسات الرياضية لا يمكن لها أن تكتمل، دون الرعاية الطبية اللازمة، فقد كان الجيش الأبيض في الميدان، حيث شارك المركز الاستشفائي الجامعي بعنابة في التغطية الطبية لهذا الحدث الرياضي الافريقي، وذلك من خلال تسخير فريقين طبيين متكاملين يضمّان: عون إسعاف، طبيب مختص في الإنعاش، طبيب من مصلحة SAMU، إضافة إلى سيارة إسعاف مجهزة تجهيزا طبيا كاملا.
وحسب بيان للمركز الاستشفائي تمّ تخصيص هذه الفرق لتأمين الرعاية الطبية اللازمة للمشاركين والمرافقين خلال مجريات المنافسات الرياضية، خاصة في مواقع تنظيم منافسات كرة القدم وألعاب القوى.
كما سهر المركز، طيلة فترة التظاهرة، على ضمان التكفل الفوري بالحالات الاستعجالية عبر مختلف مصالحه الاستشفائية، حيث تمّ تخصيص “ممر أخضر” خاص داخل مصلحتي الاستعجالات الطبية والجراحية، لتسهيل استقبال وتحويل المرضى المحتملين، وضمان سرعة التدخل الطبي عند الحاجة. وتعكس هذه المشاركة التزام المركز الاستشفائي الجامعي بعنابة بدوره في دعم الفعاليات الوطنية والدولية، وتجنّده الدائم لتوفير رعاية صحية عالية المستوى.