ترســخ مكانتها كقطـب متوسطي

وهران..عاصمة السّياحة العلاجية

وهران: مسعودة براهمية

تشهد مدينة وهران تحوّلًا نوعيًا في خارطتها السياحية، تجاوزت به حدود الجاذبية الشاطئية والإرث الثقافي العريق، لتتّجه بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كوجهة متعدّدة الأنماط تجمع بين السياحة الترفيهية والعلاجية والثقافية والبيئية، فضلًا عن السياحة الرياضية والدينية وسياحة الأعمال.
 تسعى المدينة إلى تقديم تجربة سياحية متكاملة تعكس غنى الجزائر الطبيعي والثقافي، وتستجيب لمتطلّبات السياحة الحديثة، في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى تنويع المنتج السياحي وتعزيز تنافسية البلاد إقليميًا ودوليًا. وبهذا الصدد، صرّح مدير السياحة والصناعة التقليدية لولاية وهران، باقل صالح، لجريدة “الشعب”، أنّ “وهران تشهد ديناميكية متسارعة في قطاع السياحة العلاجية، مدفوعة بقدرات طبيعية وبنية تحتية في تطور مستمر، ما يؤهّلها للعب دور ريادي في هذا المجال”.
من أبرز المؤشرات الدالة على نضج قطاع السياحة العلاجية في وهران، توفّر بنية فندقية معتبرة تضم أكثر من 216 مؤسسة فندقية، بطاقة استيعاب تفوق 22 ألف سرير، منها ثمانية فنادق مصنفة بخمس نجوم. ويشكل هذا الرصيد الفندقي، وفقًا لباقل صالح، “قاعدة أساسية لاستقطاب الزوار الباحثين عن خدمات علاجية متكاملة ذات جودة عالية”.
ولفت المسؤول ذاته إلى أنّ السياحة العلاجية باتت إحدى أولويات القطاع السياحي، مؤكّدًا أن نشاطاتها منظّمة بموجب المرسوم التنفيذي رقم 19-150 المؤرخ في 29 أفريل 2019، الذي يحدد الإطار القانوني لاستغلال المياه الحموية والمعالجة بمياه البحر، بما يضمن جودة الخدمات وسلامة الزبائن.

ديناميكيــة في التّوسعـة

تضم وهران حاليًا محطتين للعلاج بمياه البحر، تتصدّرهما محطة “الأندلس” التي شهدت عملية إعادة تهيئة شاملة، عزّزت قدرتها على تقديم علاجات متخصّصة وتجهيزات عصرية تستجيب للمعايير الدولية. كما تتواصل التحضيرات لإطلاق محطة جديدة للعلاج بمياه البحر، تابعة لفندق مصنف من فئة خمس نجوم ببلدية مرسى الحجاج (دائرة بطيوة)، يُنتظر أن تبدأ نشاطها في المستقبل القريب، ما سيعزّز الطاقة الاستيعابية للولاية، ويستقطب شريحة أكبر من الزوار.
ويضيف باقل أنّ “الطلب المتزايد على هذا النوع من السياحة حفّز المستثمرين لتقديم مشاريع جديدة، خاصة في المناطق الساحلية الغنية بمياه بحرية ذات خصائص علاجية بفضل تركيبتها المعدنية الطبيعية”.

السّياحـــة الحمويـة..خيـار إضــافي

لا تقتصر السّياحة العلاجية في وهران على العلاج بمياه البحر، بل تشمل أيضًا السياحة الحموية، التي تجد تمثيلها في المحطة الواقعة بمنطقة عين الترك، وهي الوحيدة من نوعها في الولاية. ويُرتقب أن تعرف هذه المحطة تحسّنًا في مستوى الخدمات مع تنامي الاهتمام الرسمي والخاص بهذا النمط من السياحة، الذي يجمع بين العلاج والراحة النفسية.
ويرى القائمون على القطاع أنّ تطوير السياحة العلاجية لا يصب فقط في خانة الجاذبية السياحية، بل يمثّل أيضًا رافعة حقيقية لتنمية الاقتصاد المحلي وتعزيز فرص الاستثمار والتشغيل. ويؤكد باقل صالح أنّ “التّحوّلات التي تشهدها المدينة، خصوصًا في البنية التحتية، تنسجم مع رؤية شاملة لجعل وهران قطبًا سياحيًا رائدًا على مستوى الحوض المتوسطي”.
وأضاف أنّ استمرار هذه الديناميكية بنفس الوتيرة، سيجعل من وهران نموذجًا ناجحًا للتنمية السياحية المستدامة، ويمنح الجزائر موقعًا متقدمًا في خارطة السياحة العلاجية والبيئية في المنطقة.

رهانـات سياحيــة

إنّ ما تشهده وهران اليوم من تحوّلات في قطاع السّياحة، لا يُعدّ تحسّنًا ظرفيًا، بل يندرج ضمن استراتيجية وطنية أوسع لإعادة تعريف مفهوم السياحة في الجزائر، بالانتقال من الطابع الموسمي التقليدي، إلى تجربة مستدامة متعددة الأبعاد تراعي معايير الجودة، وترتكز على التكامل بين الطبيعة والخدمة والتأهيل، فمن خلال تفعيل السياحة العلاجية وتطوير البنية التحتية وتعزيز المناخ الاستثماري، تضع وهران نفسها في قلب الرهانات السياحية الجديدة، وترسخ موقعها كمدينة مفتوحة على العالم، قادرة على التنافس، وجاذبة للمواطنين والوافدين على حد سواء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19841

العدد 19841

الثلاثاء 05 أوث 2025
العدد 19840

العدد 19840

الإثنين 04 أوث 2025
العدد 19839

العدد 19839

الأحد 03 أوث 2025
العدد 19838

العدد 19838

الجمعة 01 أوث 2025